لا يمكن فصل هذه الجرائم عن الدعم الذي تتلقاه جماعة الجولاني من دولتي تركيا وقطر، اللتين تقدمان الدعم السياسي واللوجستي والإعلامي لهذه الجماعات. ويُعتقد أن هذه الجماعة حصلت على "ضوء أخضر" من أنقرة والدوحة لتنفيذ هذه العمليات، مما يجعل الدولتين شريكتين في هذه الجرائم. ويظهر هذا التواطؤ بشكل...

تشهد سوريا هذه الأيام واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية جسامة، حيث تتعرض الطائفة العلوية العريقة لخطر الإبادة، على يد جماعات مسلحة مدعومة خارجيا.

الأقلية العلوية تواجه حملة إبادة ممنهجة منذ أشهر تحت عنوان مطاردة فلول النظام السابق، وأصبح كل ما يمت لهذه الطائفة بصلة من ممتلكات عرضة للحرق والتدمير.

لم تقتصر تفاصيل هذا العدوان الممنهج على ذلك بل شمل أيضا طرد عشرات الالاف منهم من وظائفهم لأسباب طائفية، فوجدوا أنفسهم بلا مصدر للرزق وكأنهم غرباء في دولتهم.

بموازاة ذلك يتم تعيين مسلحين من أنصار الجولاني من جنسيات أخرى ومنحهم امتيازات تفوق الامتيازات التي تمنح لأبناء البلد.

وتشير تقارير وافلام موثوقة إلى أن جماعة الجولاني والمتحالفين معها من المسلحين، تقوم بعمليات ممنهجة لاستهداف المدنيين من العلويين في سوريا.

هذه العمليات لا تميز بين علوي وآخر، حيث تستهدف النساء والأطفال والشيوخ بشكل مباشر، مما يشكل جريمة حرب بموجب القانون الدولي.

كما يتم تدمير منازل المواطنين العلويين وإحراق مزارعهم وبساتينهم، وهي أعمال لا تهدف فقط إلى إلحاق الأذى بالأفراد، بل أيضًا إلى تدمير مصادر عيشهم وطمس هويتهم الثقافية والاجتماعية.

 تركيا وقطر: تواطؤ على إبادة العلويين

لا يمكن فصل هذه الجرائم عن الدعم الذي تتلقاه جماعة الجولاني من دولتي تركيا وقطر، اللتين تقدمان الدعم السياسي واللوجستي والإعلامي لهذه الجماعات.

 ويُعتقد أن هذه الجماعة حصلت على "ضوء أخضر" من أنقرة والدوحة لتنفيذ هذه العمليات، مما يجعل الدولتين شريكتين في هذه الجرائم.

ويظهر هذا التواطؤ بشكل جلي في الإعلام التابع لهاتين الدولتين، وخاصة قناة الجزيرة القطرية، التي تساهم في تحريض الرأي العام ضد العلويين من خلال وصفهم بـ"فلول النظام السابق"، وهو مصطلح يحمل دلالات تشيطن وتجرم كل من ينتمي إلى هذه الطائفة، وكأنهم جميعًا مذنبون ويستحقون الإبادة.

ومن الواجب تحميل تركيا وقطر المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، حيث إن دعمهما المباشر وغير المباشر لجماعة جولاني يجعلها شريكة في هذه الانتهاكات.

ويجب على المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، اتخاذ إجراءات عاجلة لمحاسبة هذه الدول عن دورها في هذه الأحداث المروعة. كما يجب الضغط عليها لوقف دعمها لهذه الجماعات المسلحة، التي تسببت في معاناة لا توصف للمدنيين الأبرياء.

انتهاك للإنسانية والإسلام

ما يتعرض له العلويون في سوريا لا يعد انتهاكا للمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان فقط، بل يتناقض أيضًا مع المبادئ الإسلامية التي تحرم قتل الأبرياء وتدعو إلى احترام حقوق الإنسان بغض النظر عن الانتماء الديني أو المذهبي.

ومن المفارقات الفاضحة أن الجماعات المسلحة التي تستهدف العلويين، تدعي انها تمتثل لقواعد الإسلام، وبينما يُحرّم الإسلام قتل الأبرياء وترويعهم، نجد هذه الجماعات ترتكب أبشع الجرائم باسم الإسلام.

في خضم هذه الأحداث المأساوية، فإن الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية مدعوة الى التدخل العاجل لحماية الأقلية العلوية في سوريا.

 يجب أن يتم اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف حملة الإبادة هذه، وتوفير الحماية للمدنيين، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

كما يجب العمل على إعادة بناء ما تم تدميره، وضمان حق العلويين في العيش بسلام وأمان في وطنهم.

حيث لا يمكن للعالم أن يقف مكتوف الأيدي أمام ما يمكن ان يهدد وجود طائفة كاملة وينتهك أبسط حقوقها في العيش بسلام والعمل.

وقد حان الوقت لتحمل الأمم المتحدة المسؤولية ووقف هذه المأساة الإنسانية قبل فوات الأوان، وإلا فإن المجتمع الدولي بكل منظماته شريك بهذه الجريمة البشعة.

اضف تعليق