واليوم نواجه فرعون وهامان بثياب جديدة وافكار معاصرة ونحن بحاجة الى المخلص الذي سيعمل في المرتبة الاولى بتوحيد العرب والمسلمين لان الانقسام هو الانكسار والوحدة هي الانتصار فالمهمة العظمى التي سيقوم بها المنقذ هي انقاذ البشرية وتحريرها من سلطان القوى الغاشمة التي تعمل على نشر الفساد والظلام على...
لقد سقطت الحضارات وانهارت الايدلوجيات، مع سقوط القيم الانسانية وانزلاق المجتمعات التي تدعي التحضر الى منحدرات التوحش وابادة النسل البشري كما حدث ويحدث اليوم في غزة، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيار الشيوعية توجهت الانظار نحو المعسكر الغربي عسى ان يكون المساعد في معالجة الاوضاع على مستوى البشرية، لكن الغرب لم يقدم شيئا للعالم وبخلاف ذلك دخلت البشرية في ضياع جديد هو اكبر من الضياع الذي كانت عليه في فترة القطبية الثنائية للنظام الدولي.
واصبحت غزة المثال البارز للهاوية التي سقطت اليها المدنية الغربية، والشاهد على انهيار القيم والمبادئ الانسانية، لقد كشف الغرب في مجزرة غزة وجهه الحقيقي الذي كان مخفيا وراء كلمات معسولة يطلقها زعماءه حول الديمقراطية والمبادئ الانسانية وحق الشعوب في تقرير المصير.
لقد كشف الرئيس ترامب بصراحته المعهودة عن الوجه القبيح والبشع للمدنية الغربية، فهو لايتقن الكلام الدبلوماسي مثل الفرنسيين والبريطانيين بل يتكلم بصراحة وبلهجة مليئة بالعنصرية والتقليل من قيمة الآخر واستحقار الشعوب وفرض الاملاءات عليها من دون ان تملك الحق في ابداء رأي او موقف فالمصريون يجب عليهم ان يذعنوا لفكرة استقبال اللاجئين الفلسطينيين رغما عن انوفهم بحسب عقيدة ترامب، وكذلك نفس الشيئ يجب ان يفعله الاردنيون واما الغزيون فليس امامهم غير طريقيين اما الموت في ارضهم او الرحيل الى بلدان اللجوء.
منطق كان سائدا في عهد الامبراطورية الرومانية التي كانت تفرض على البلدان التي تستعمرها القرارات الجائرة وتسلبها ارادتها وتستعبد ابنائها وتسترق نسائها واليوم يريد رئيس وزراء الكيان الصهيوني بينيامين نتنياهو وبمساعدة الرئيس دونالد ترامب القيام بنفس الدور من خلال مقولة تغيير خارطة المنطقة رغما عن انف شعوبها.
للاسف هناك من العرب من باعوا انفسهم للعدو هم يروجون لهذه الافكار وساهموا بقدر كبير بدعم الكيان لفرض سطوته على الفلسطينيين المظلومين الذين قل ناصرهم بسبب تجييش الجيوش الاعلامية والعسكرية ضدهم وضد قضيتهم العادلة، كما انساقت بعض الفضائيات العراقية مع هذه الموجة وبدأت تروج لحتمية التغيير في العراق انسجاما مع المخطط الاسرائيلي لتغيير خارطة الشرق الاوسط.
وبدأت تظهر على صفحات تلك الفضائيات احزاب معارضة للتظام السياسي في العراق موجوة في امريكا، والاستفهام الكبير هو لماذا يجب على حزب يدعي انه عراقي معارض يعمل في واشنطن والساحة العراقية مفتوحة لجميع احزاب اليمين واليسار بكل مشاربها ومآربها؟
مخطط تغيير جغرافية المنطقة وتهجير سكانها ربما يحصل على نصيب وافر من النجاح لو جرى تنفيذه في افريقيا او آسيا او امريكا اللاتينية لكنهم في غزة لا امل لهم سوى الفشل والهزيمة لان الذي يقف بوجه هذا المخطط شعب لايعرف معنى الهزيمة، فنتنياهو وعرابه ترامب يواجهون اليوم قوما جبارين لاتزلهم الزلازل ولاترعبهم الاهوال والمجازر، الفلسطينيون الذين ارخصوا الارواح والنفوس في سبيل الوطن والدين والعرض لن يسمحوا لنتنياهو او ترامب بتحقيق نصرهما الموهوم.
نخسر الكثير من خياراتنا لصالح قوى غاشمة تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا ولاتدعنا نعيش الحياة كما نريد ونحب، قوى ظلامية تروج لافكار وانظمة واساليب للحياة مختلفة عما نراها ونعتقد بها فهي تروج للشذوذ والتحول والانخلاع من المبادئ والقيم، وشيئا فشيئا تتخذنا عبيدا وتفرض علينا مالاينسجم مع عقلنا وعاداتنا وديننا.
نحن اليوم امام عبودية جديدة واسترقاق كبير لشعوب الارض، ولو قرأنا تاريخ الانبياء من ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله عليهم جميعا لوجدنا ان اول مهمة قاموا بها هؤلاء الانبياء هي تحرير البشرية من عبادة الانسان والاوثان، ولعل قصة موسى عليه السلام مع شعبه هي من ابرز تلك الامثلة الشاهدة على تخليص الشعوب المستعبدة وتحريرها من يد الطغاة كفرعون.
واليوم نواجه فرعون وهامان بثياب جديدة وافكار معاصرة ونحن بحاجة الى المخلص الذي سيعمل في المرتبة الاولى بتوحيد العرب والمسلمين لان الانقسام هو الانكسار والوحدة هي الانتصار فالمهمة العظمى التي سيقوم بها المنقذ هي انقاذ البشرية وتحريرها من سلطان القوى الغاشمة التي تعمل على نشر الفساد والظلام على طول مغرب الكرة الارضية ومشرقها، وعندها ستنعم البشرية بالعدل والصلاح، انهم يرونه بعيدا ونراه قريبا!!
اضف تعليق