نسبة كبيرة من المراجعين يقعون ضحية الابتزاز من قبل الموظفين الذين يستخدمون أساليب غير اخلاقية لكسب مزيد من الأموال، غير مكترثين لما يعانيه شريحة واسعة من الافراد من فقر مدقع، متجردين من الإنسانية التي يجب ان تكون المعيار الأول بالنسبة للموظف الذي يؤدي خدمة عامة...

حاول ان تُخفي غضبك عندما يقول لك الموظف ان معاملتك فُقدت، وعليك إعادة المراحل التي مرت بها المعاملة التي استغرقت ربما شهور، تخيّل إنك تمر بمثل هذه الحالة؟

تزداد مثل هذه الحالات في الآونة الأخيرة في المؤسسات والدوائر الحكومية، حتى وصل الامر الى اشبه بالظاهرة في المؤسسات، بالرغم من كل الإجراءات الرقابية التي تقوم بها الجهات المعنية لخلق الانضباط الوظيفي، لكن ثمة من لا يلتزم بهذه التعليمات الوزارية التي تؤكد على أهمية خدمة المواطنين.

إضاعة المعاملات لا يكون بمحض صدفة او بصورة عفوية، لكن هنالك امر يتم تدبيره من قبل ضعاف النفوس من الموظفين الذين اتخذوا من هذه الطريقة بابا من أبواب الكسب غير المشروع، اذ لا يزال الكثير من المراجعين يعانون ويناشدون بضرورة إيقاف هذه المهزلة التي تتكرر بصورة يومية.

لم نسمع من قبل بإصدار عقوبة بأحد الموظفين لتسببه بفقدان معاملة عود لمواطن، او تأخيره إصدار امر اداري، كل الأمور خاضعة للتسوية والريب الداخلي بعيدا عن علم المدير وأحيانا يكون الامر بعلمه، لقاء حصة من الأموال التي يتم اخذها من المراجع وستعرفون بعد قليل مصدر هذه الأموال.

مصدر هذه الأموال هو المساومات التي يقوم بها الموظفين بعد إخفاءهم لكتاب من المعاملة او المعاملة بأكملها، وعلى المراجع انتظار المخاطبات الإدارية التي تستغرق مدة ليست بقصيرة، وبعد الحيرة وخروج المراجع يبلغه أحد الموظفين بإمكانية تسهيل الإجراءات وجلب الكتاب بأقل مدة زمنية مقابل مبلغ معين يتم التفاوض عليه.

هذا التفاوض يكون بمثابة تحصيل حاصل، كون الكتاب تم اخفاءه في احدى المجرات وسيتم ارجاعه بمجرد الحصول على المبلغ المتفق عليه، وقد يواجه اغلب العراقيين هذه الكيفية في التعامل لكنه يفضل الصمت لخشيته من عواقب الأمور، وقد يُرتكب عليه وتُدبر له تهمة جاهزة.

لذا يلجأ الى السكوت بهدف ضمان انسيابية الإجراءات، ذلك انه يعلم ان الظاهرة اخذت بالاستفحال في السنوات الأخيرة ولا يوجد من يردع المتمردين على القوانين والقرارات الحكومية، وعليه القبول بأبشع النتائج على حساب مصلحته الشخصية.

نسبة كبيرة من المراجعين يقعون ضحية الابتزاز من قبل الموظفين الذين يستخدمون أساليب غير اخلاقية لكسب مزيد من الأموال، غير مكترثين لما يعانيه شريحة واسعة من الافراد من فقر مدقع، متجردين من الإنسانية التي يجب ان تكون المعيار الأول بالنسبة للموظف الذي يؤدي خدمة عامة.

تجرد بعض الموظفين من الاخلاق الوظيفية والمهنية يجبر نسبة كبيرة من المراجعين الى اتباع طرق غير شرعية، كأن يبحث عن موظف مرتشي يُكمل إجراءاته الإدارية اختصارا للوقت وتقليلا للجهد، فهو يعرف النتيجة واحدة وعليه الدفع عاجلا ام آجلا في ظل غياب الرقابة الذي ذكرناه في اول المقال.

قد يأتي من بين اهم الحلول لمثل هذه الحالات هو تفعيل عنصر المخبر السري، ونشر عناصر في جميع الدوائر مهمتهم البحث عن مثل هذه الخروقات وإيصالها الى الجهات الرقابية العليا، لكن وعلى سبيل الفرض، لو اعتبرنا ان عنصر الإخبار قام بواجبه الصحيح وأدى مهمته المنوطة به.

فهل يسلم من حيتان الوزارات الذين يرتبطون بصورة مباشرة مع منافذ الحصول على الأموال في المديريات والفروع في المحافظات؟

بالطبع لن يسلم في حال تم التعرف على هويته، اما إذا بقيت الحالة الرقابية في طور السرية فإنها تبقى محدودة التأثير وضيقة المعالجة، نتيجة جملة من الاعتبارات والإجراءات المعمول بها في الدوائر ذكرنا بعضها.

للخلاص من قضية الضياع المستمر للمعاملات لا يوجد امام المؤسسات الرسمية سوى طريق الاتمتة، وتحويل التعامل الى النظام الالكتروني وبهذه الصورة نكون قد تجاوزنا طمع الموظف ومن تسول له نفسه سلك الطرق غير الشرعية بما يضايق المراجعين ونكد عليهم.

اضف تعليق