تشهد الساحة التجارية العراقية جدلا واسعا بعد قرار البنك المركزي العراقي قرارا يقي بحظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها المئة مليون دينار عراقي، ويدور الجدل حول جدوى هذا القرار الذي من الموقع ان يصيب سوق العقار بالركود بعد ان شهد رواجا كبيرا...
تشهد الساحة التجارية العراقية جدلا واسعا بعد قرار البنك المركزي العراقي قرارا يقي بحظر بيع العقارات التي تتجاوز قيمتها المئة مليون دينار عراقي، ويدور الجدل حول جدوى هذا القرار الذي من الموقع ان يصيب سوق العقار بالركود بعد ان شهد رواجا كبيرا.
التوضيح الذي صدر من البنك المركزي بعد اللغط الحاصل حول القرار، يقول ان الغرض الأساس منه هو للحد من ظاهرة غسيل الأموال التي انتشرت في البلاد قبل سنتين من الآن، ويؤكد في الوقت نفسه ان القرار خضع لعملية تقييم ومراجعة على مدار عامين لتجنب الوقوع في أخطاء تؤثر على الحركة التجارية بالنسبة لسوق العقار.
ما اثار الجدل هو تخفيض السقف المالي من الخمسمائة مليون دينار عراقي الى المائة مليون، ذلك ان سوق العراق العقاري يشهد ارتفاعا غريبا، والقيمة المحددة في القرار الأخير لا تساوي شيئا مقارنة بأسعار العقارات الحالية، مما قد يضيف حلقة روتينية أخرى الى جانب الحلقات الموضوعة امام المواطنين لإنجاز معاملاتهم.
اتخاذ قرار من هذا النوع يؤكد عزم الحكومة الحالية على ملاحقة الأموال المهربة ومنع تداولها بصورة غير شرعية، اذ تأتي هذه الخطوة استكمالا لعدد من الخطوات المتبعة في هذا الخصوص، حيث سبقها خطوة تحديد المبالغ المسموح للمسافر حملها في السفر الى الخارج.
ومع ذلك التشديد اتبعت المصارف الاهلية وشركات الصيرفة الكثير من الحيل القانونية لتهريب العملة او شرائها بسعر الصرف الرسمي والمحدد بـ 132 ألف دينار لكل مئة دولار، ومن ثم بيعها في السوق السوداء مستفيدة من الفارق في سعر الصرف الرسمي والتجاري.
هذه العملية التي يقوم بها المضاربون في سوق الأموال المالية، مع عدم تمكن الجهات الرقابية من السيطرة واحكام قبضتها على المتلاعبين، جعلت اغلب القرارات تقابل بخيبة امل شعبية، فالقرار الأخير المتعلق بحصر عملية البيع والشراء الا عن طريق المصارف العراقية المجازة يمكن ان يحد من عملية غسيل الأموال.
لكن من يضمن عدم الالتفاف عليه؟
الالتفاف عليه متوقع ان يكون من الطبقة السياسية التي تتحكم بحركة الأموال وشراء العقارات، في البلد، فالتصريحات الصادرة من بعض اللجان البرلمانية والأعضاء تشير الى إمكانية او ضرورة ارجاع السقف السابق، وهو الخمسمائة مليون دينار عراقي، ما يعني ان القرار يعود بالفائدة على المتحكمين بالمال العام وانتقاله عبر الطرق غير الرسمية.
وخير دليل على هذا الطرح ان القرار لم يواجه بردود فعل شعبية كما واجه قانون العفو العام على سبيل المثال، فالمواطن البسيط نادرا ما يملك أكثر من مئة مليون دينار وبذلك يكون القرار محدود الأثير عليه من الناحية الفعلية والعملية، لكن القرار سيحدد من حركة الأموال الكبيرة التي جاءت بطرق غير شرعية.
ومن جلب الأموال بطرق مشبوهة، سيعمل جاهدا على مخالفة التعليمات والضوابط القديمة او الجديدة، وهذا ما سيحصل في الأيام القادمة، لكن يبقى هنالك جملة من الملاحظات على القرار:
الملاحظة الأولى انه قرار متأخر جدا، جاء بعد ان وصلت أسعار العقارات في مناطق اعتيادية الى أسعار خيالية.
الملاحظة الثانية، تتمثل بعدم جدية الحكومة في تطبيق مثل هذه القرارات التي تعيد الوضع التجاري الى حالته الطبيعية.
الملاحظة الثالثة، بما ان عملية البيع وفق القرار الجديد لا تتم الا عبر المصارف الحكومية المجازة، ما يعني ان المواطن سيعاني من إجراءات بيروقراطية جديدة، اذ ان اغلب المصارف الحكومية لا تتبع التعاملات الالكترونية، بمعنى ان المواطن سيواجه ازدحامات شديدة وتعقيدات كثيرة قبل الإنجاز.
اما نقاط القوة التي يحملها القرار:
هي أن هذا القرار يساهم بشكل كبير في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، إذ يوفر قواعد بيانات مهمة تستخدم في التحقيقات التي تقوم بها الجهات القانونية والتحريات المالية التي يجريها مكتب مكافحة غسيل الأموال، كما أنه يحفظ حقوق كل من البائع والمشتري، إذ يتم توثيق جميع الحركات المالية المرتبطة بالبيع في المصارف.
ويمنع القرار الأخير عمليات الابتزاز او الفساد التي تمارس بحق المواطنين، لا سيما وانه يجبر المشتري على احضار وثيقة تثبت مصدر هذه الأموال، سواء كانت من بيع عقار سابق أو حلي ذهبية أو من التجارة، أو غيرها.
اضف تعليق