يعيش الشباب في الوقت الحالي حالة من الفوضى والتخبط في معظم الأمور المتعلقة بحياتهم، وسط اهمال حكومي يتمثل بعدم وضع أي خطة او استراتيجية، ليس بالضرورة تكون هذه الخطط او الاستراتيجيات النسخة الثانية من الرقابة الصارمة التي فرضها النظام السابق على المجالات الثقافية والاجتماعية والدينية وغيرها...

يروي لنا بعض الفنانين والمهتمين بالشأن الثقافي ابان حكم النظام السابق، بان موقع تمثيل الاعمال الفنية وتقديم العروض المسرحية، يخضع لزيارة عشرات الأشخاص الموكلين من قبل الجهات العليا لمراقبة ما يطرح عبر هذه الاعمال، جميع الزائرين لديهم هدف واحد وهو ضرورة خلو النص من أي إشارة او فكرة معادية للنظام وسياسته.

وان تضمن النص أي فكرة غير محببة من قبل ازلام النظام، يُجبر الكاتب على تغييره او حذفه. السلطة الرقابية في ذلك الزمن تقول ان تشديد الرقابة هو للحفاظ على القيم الاجتماعية السائدة، وحماية الأجيال الصاعدة من الأفكار المنحرفة، على العكس مما يحصل اليوم من قبل الحكومات المتعاقبة بعد تغيير النظام.

منذ تغيير النظام والعراق أصبح مرتعا للأفكار المنحرفة والظواهر الاجتماعية غير المقبولة، لذلك انتشرت الكثير من الأفكار الضالة، التي ساعدت على بروز الجريمة المنظمة، والاقدام على الانتحار وارتكاب الجرائم الأخلاقية الأخرى، الى جانب ذلك انتشر مؤخرا اقبال غير اعتيادي على استخدام السيجارة الالكترونية او ما يعرف بالــ (فيب).

يعيش الشباب في الوقت الحالي حالة من الفوضى والتخبط في معظم الأمور المتعلقة بحياتهم، وسط اهمال حكومي يتمثل بعدم وضع أي خطة او استراتيجية، ليس بالضرورة تكون هذه الخطط او الاستراتيجيات النسخة الثانية من الرقابة الصارمة التي فرضها النظام السابق على المجالات الثقافية والاجتماعية والدينية وغيرها.

المحافظة على الاخلاق الحميدة خصوصا بالنسبة لشريحة الشباب ربما من الصعوبات والتحديات الكبيرة التي تواجه النظام السياسي الحالي، فلم تعد الإجراءات القديمة نافعة في الوقت الحاضر مع الوعي الحاصل لدى هذه الفئة الشبابية بكل ما يتعلق بحقوق الانسان، وتأكيد اللوائح الدولية على احترام حقوق الافراد وعدم الإساءة إليهم.

ومع ذلك التقييد الحاصل، نرى الحكومة غير مهتمة لمنع جريّ الشباب وراء القضايا غير المقبولة اجتماعيا ودينيا، فالمجتمع يرفض بأي شكل من الاشكال التصرفات المخالفة لمنظومته الأخلاقية، اما الأضرار بالنفس من الأفعال المحرمة وفق الدين الإسلامي.

وهنا يتطلب من الحكومة الاهتمام بقضية الوقوف على مصادر الخطر الذي يواجه الشباب والمتمثل بالسيجارة الالكترونية او الفيب، لتقليل انتشارها بين هذه الشريحة التي تعد من الركائز الأساسية لنهضة المجتمعات وبناء الدولة.

تشديد الرقابة على دخول هذه البضائع ليس من باب الدعوة الى إعادة الأساليب الدكتاتورية السابقة التي كانت تتحكم بجميع أنواع الإنتاج الفكري والمعرفي، لدرجة تصل العقوبات في بعض الأحيان الى الإعدام او السجن المؤبد، الامر الذي يخالف جميع الأعراف والقيم الإنسانية السائدة.

الحاجة الى التشديد تأتي لتجنب الوقوع فيما وقعت فيه الأجيال الحالية التي وقعت أسيرة المواد المخدرة والادمان بجميع اشكاله، ولا توجد أي عملية استباقية لمواجهة هذا الخطر الذي سيفتك بهذه الثروة العظيمة.

ليس بالإمكان معرفة النسبة الحقيقية من المجتمع الذي يستخدم السيجارة الالكترونية، لكن الواقع الملاحظ يفيد بارتفاع النسبة لا سيما في السنوات الأخيرة، فقد دخلت الى الجامعات والمؤسسات الحكومية والمنازل، يدخنها الشباب من كلا الجنسين، وصارت من الأشياء المتداولة ولا احراج في حملها.

الثقافة السائدة في المجتمعات العربية والمجتمع العراقي على وجه التحديد، ان أي تفعيل للقوانين والمواد الرقابية ما عدى الاحكام السائدة سابقا، يندرج ضمن الخطوات الذاهبة نحو الدكتاتورية والاقتراب من النظام الشمولي، وهنا بالطبع لا يمكن الذهاب بهذا الاتجاه من قبل الجهة الرسمية قبل انتشار ثقافة مجتمعية عامة لمواجهة هذا الوافد الجديد.

ونتيجة لما سبق فأن أي نوع من أنواع الرقابة يأخذ البعد السياسي، بعيدا عن الابعاد الأخرى الأخلاقية والاجتماعية والقيم المعمول بها، بينما الرقابة يجب ان تنطلق من منطلق الصالح العام الذي يبقى هو المحدد الرئيس والمعيار الذي يجب ان تقاس عليه القرارات بالنسبة لاصحاب الحل والعقد.

اضف تعليق