آراء وافكار - مقالات الكتاب

الشريك المفقود

وسائل الإعلام بجميع اشكالها شريكة مع الحكومة في إحداث النهضة وهي ملزمة بوضع استراتيجية إعلامية توضح إمكانات البلد المادية والبشرية المساعدة على جذب الاستثمارات الخارجية، وبذلك تكون بوابة من بوابات النهضة العمرانية التي يحتاجها البلد في الوقت الذي تكون جميع الظروف مواتية لذلك...

رأس المال جبان يبحث عن البيئة الآمنة ليعمل فيها بعيدا عن المخاطر والتهديدات التي تهدد وجوده وتعرض صاحبه للخسارة وهذا من المسلمات، فالعراق لا يزال بنظر العديد من الدول غير صالح للاستثمار في المجالات الزراعية والمشروعات الاقتصادية، اذ يؤدي الإعلام دورا سلبيا بجعل الشركات تتخوف من البيئة العراقية.

تتعمد بعض وسائل الإعلام بالتركيز في نشراتها الإخبارية على إظهار الزوايا المظلمة واخفاء الجوانب المضيئة في البلد، فتتناول وبصورة يومية كل ما يجعل المتلقي الخارجي يخشى من التفكير بمسألة الانفتاح على البيئة الاستثمارية العراقية، عبر تصوير البلاد وكأنها منطقة صراع دائم خالية من مظاهر الحياة.

المراقب الخارجي لطرح جزء كبير من وسائل الإعلام يجدها تسعى وعبر موادها الإعلامية الى تكريس قضية عدم ملائمة البيئة العراقية لجلب الاستثمار، فتارة تتطرق الى الجوانب الأمنية وما تشهده البلاد من احداث متفرقة، وتصورها على انها احداث دامية ومتواصلة في جميع المدن.

وتارة أخرى تتناول في برامجها الصعوبات التي تواجه المستثمر الأجنبي، بداية من الحصول على الموافقات مرورا بعملية التنفيذ وما يرافقها من ممارسات غير أخلاقية ومشبوهة، وصولا الى مرحلة دفع نسبة للمشرفين على المشروعات والمقيمين من الجهات الحكومية.

ويركز الإعلام في بعض برامجه على منح التسهيلات الى جهات او شركات تابعة لدولة ما، على حساب الدول الأخرى، وهنا تكون وسائل الإعلام قد لبعت دروا أساسيا في حرف مسار الحكومة الرامية لتعزيز فرص الاستثمار في البلد، عبر تقديم المزيد من التسهيلات.

والتسهيلات في هذا الاتجاه يمكن ان تكون من خلال قيام الحكومة بإعفاء الشركات الراغبة في الاستثمار داخل العراق من بعض الرسوم المالية، بما يشكل حافزا كبيرا للإقبال على تنفيذ المشروعات الخدمية والعمرانية كالمستشفيات والمدارس والمرافق الخدمية الأخرى.

وعلى الإعلام يقع الدور الكبير في خلق صورة إيجابية ونقل الواقع الحقيقي الذي يعيشه البلد، لا سيما وان الحكومة الحالية لديها العديد من المبادرات والانفتاحات على الآخرين المؤثرين واللاعبين في الساحات الاستثمارية.

كان يفترض على وسائل الإعلام المحلية تسخير إمكاناتها واساليبها الإعلامية كافة؛ لزيادة الثقة ورفع الشكوك لدى المستثمرين التي تحوم حول عدم تأكيد الحصول على المستحقات المالية، وحاميتهم من تقلبات السوق المحتملة، بما يجعلهم دعاة للشركات الأخرى من اجل الانخراط في العمل. 

ويمكن من خلال الإعلام التقليدي والحديث المتمثل بشبكات التواصل الاجتماعي ان تعمل الحكومة على تعظيم العوائد الاقتصادية، من خلال تنفيذ برامج تشجيعية وقصص نجاح لشركات عالمية نفذت الكثير من المشروعات وانتهت الى نتيجة إيجابية، اذ يمكن ان تكون هذه القصص عامل تشجيع وتحفيز للآخرين.

فعن طريق الإعلام يبرز دور الحكومات في رفع المعوقات التي تعترض خلق فرص عمل واهتمامها في تحسين البنية التحتية، وبذلك تكون أسهل الطرق للوصول الى هذه الغاية هي شبكات التواصل الاجتماعي التي تتميز بقدرتها على الوصول السريع الى ابعد نقطة في العالم.

المواطنون بحاجة الى زيادة في الوعي بأهمية المشروعات الاستثمارية، وتنفيذها من قبل الشركات الأجنبية، ذلك لغرضين أساسيين:

أولهما ان اغلب هذه الشركات لديها خبرة متراكمة في مجال عملها، وفي النتيجة تتغلب على التحديات والمعوقات التي قد تواجهها خلال مرحلة التنفيذ.

اما الغرض الثاني فهو اكتساب اليد العاملة المحلية والملاكات الهندسية والفنية المزيد من الخبرات، بما يؤهلها لتنفيذ مشروعات استراتيجية واستثمارية في المستقبل دون الرجوع الى هذه الشركات.

وسائل الإعلام بجميع اشكالها شريكة مع الحكومة في إحداث النهضة وهي ملزمة بوضع استراتيجية إعلامية توضح إمكانات البلد المادية والبشرية المساعدة على جذب الاستثمارات الخارجية، وبذلك تكون بوابة من بوابات النهضة العمرانية التي يحتاجها البلد في الوقت الذي تكون جميع الظروف مواتية لذلك. 

اضف تعليق