يمتلِكُ الكثير من الأَدوات لفرضِ مثلِ هذهِ السِّياسةِ على العراق منها؛ قانون حالَة الطَّوارئ الذي يتمُّ تمدِيد العمل بهِ سنوَّياً من قِبَلِ الرَّئيس الأَميركي منذُ ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن، وهوَ القانُون الذي يُخوِّل الإِدارة الأَميركيَّة مُمارسة كُل أَنواع الضَّغط على بغداد للإِلتزامِ بتعهُّداتِها إِذا ما ثبُتَ أَنَّها تُشكِّل تهديداً...

١/ لقد حاوَلت الإِدارة الأَميركيَّة مُساعدة العراق بكُلِّ الطُّرق لحمايةِ أَموالهِ من العُملةِ الصَّعبةِ (الدُّولار) من خلالِ خُططِ مُكافحةِ التَّهريبِ وغسيلِ الأَموالِ، وكذلكَ مُكافحة تهريبِ البترُولِ لصالحِ الجارةِ الشرقيَّةِ.

 ولقد وردَ التَّأكيدُ على ذلكَ في كُلِّ البياناتِ المُشتركةِ التي صدرَت عن كُلِّ اجتماعٍ ثُنائيٍّ بهذا الخصُوصِ منها البيان المُشترك الصَّادر عن إِجتماعِ الرئيسَينِ بايدِن والسُّوداني في المكتبِ البيضاوي الرَّبيع الماضي.

 وفي كُلِّ مرَّةٍ خلال السَّنتَينِ الماضيَتَينِ كانت بغداد تتعهَّد ببذلِ كُلِّ جهودِها لتحقيقِ تقدُّمٍ من نوعٍ ما بهذا الخُصُوصِ، ولكنَّها فشلَت فشلاً ذريعاً لأَسبابٍ عدَّةٍ أَهمَّها سَطوة الدَّولة العميقة التي تحتمي بسلاحِ الميليشيات على مُؤَسَّسات الدَّولة الرسميَّة ومنها البنك المركزي الذي تسلَّلت وعشعَشت في منصَّةِ بيعِ الدُّولار لتتحكَّمَ بها كما كشفَ عن ذلكَ أَكثر من عُضوٍ في اللَّجنةِ الماليَّةِ النِّيابيَّةِ.

 كما أَنَّها ظلَّت تُسيطر على ملفِّ تهريبِ البترُولِ والأَخطرِ منهُ ملفِّ تهريبِ البترُولِ الإِيراني بعُنوانِ البترُول العِراقي بطرُقٍ مُلتويةٍ تمَّ الكشفُ عن تفاصيلِها مُؤَخَّراً بعدَّةِ تقاريرَ إِستخباراتيَّة ذكرَت بعضَها أَنَّ قيمة البترول الإِيراني المُهرَّب بعنوان البترُول العراقي خلالَ العامِ الماضي فقط ما قيمتهُ مليار دولار!.

 وليسَ سرّاً أَو تُهمةً باطلةً الحديثُ عن تهريبِ العُملةِ وغسيلِ الأَموالِ فلقد ذكرَ ذلكَ السيِّد السُّوداني بنفسهِ في حوارٍ مُتلفزٍ قائلاً بأَنَّ العراق لا يحتاجُ لبيعِ أَكثر من (٣٠-٥٠) مليون دولار وأَنَّ الزَّائد عن ذلكَ هو تهريب عُملة وغسيل أَموال (بالأَدلَّةِ والإِثباتاتِ والوثائقِ والوصولاتِ) على حدِّ قَولهِ وقتها!.

 علماً بأَنَّ البنك المركزي إِستمرَّ يبيعُ يَوميّاً من (٢٧٠-٣١٠) مليون دولار يَوميّاً منذُ أَن شكَّلَ السُّوداني حكومتهِ الحاليَّة وإِلى اليَوم!.

 ٢/ الرَّئيس ترامب صرَّحَ أَكثر من مرَّةٍ بأَنَّ ملف حِماية الدُّولار على رأسِ أَولويَّاتهِ وأَنَّهُ سيتعامل بحزمٍ مع هذا الملفِّ لا سيَّما مع الدُّول التي ثبُتَ واعترفَت بتورُّطِها في تهريبِ العُملةِ وغسيلِ الأَموالِ كالعراق الذي يعتقِد فريق ترامب بأَنَّهُ يتساهل في ذلكَ لصالحِ طهران وهذا ما يعتبرهُ الرَّئيس ترامب بأَنَّهُ تحايلٌ على العقوباتِ الأَميركيَّةِ المفرُوضةِ على طهران، وهو الأَمرُ الذي يرفُضهُ بشَكلٍ مُطلقٍ لسبَبَينِ؛

 أ/ موقفهُ الحازم والجازم من العقوباتِ المفروضةِ على طهران والتي كانَ لهُ دورٌ في تشديدِها في رئاستهِ الأُولى في إِطارِ ما سُمِّيَ وقتها بسياسةِ (أَقصى العقُوباتِ).

 ب/ كَون الذي يُساعد في ذلكَ هو العراق، البلَد الذي تربطهُ معَ واشنطُن إِتفاقيَّة إِطار إِستراتيجي يُفترض أَن تبني معها عِلاقات ثِقةٍ مُتبادَلةٍ بينَ الجانبَينِ، لا أَن تُبادر بغداد لخرقِ العقوباتِ التي تفرضَها واشتطن وأَمامَ مرأى ومسمع الإِدارة الأَميركيَّة.

 ٣/ لكُلِّ ذلكَ فإِنَّهُ مِن المُنتظر أَن يتَّخذ الرَّئيس ترامب سياسات أَشد ورُبَّما أَقسى على العراق إِذا لم يتمكَّن السُّوداني من تحقيقِ نجاحاتٍ ملمُوسةٍ في مُكافحةِ تهريبِ العُملةِ وغسيلِ الأَموالِ وكذلكَ في ملفِّ تهريبِ البترولِ الإِيراني، فهوَ لا يُريدُ أَن يبقى العراق بمثابةِ الرِّئةِ التي تُزوِّد الجارة بالأُوكسجين (الدُّولار وتهريبِ البترُول).

 وهو يمتلِكُ الكثير من الأَدوات لفرضِ مثلِ هذهِ السِّياسةِ على العراق منها؛ قانون حالَة الطَّوارئ الذي يتمُّ تمدِيد العمل بهِ سنوَّياً من قِبَلِ الرَّئيس الأَميركي منذُ ٢٠٠٣ ولحدِّ الآن، وهوَ القانُون الذي يُخوِّل الإِدارة الأَميركيَّة مُمارسة كُل أَنواع الضَّغط على بغداد للإِلتزامِ بتعهُّداتِها إِذا ما ثبُتَ أَنَّها تُشكِّل تهديداً للأَمنِ القومي الأَميركي، كما وردَ ذلكَ في قرارِ تمديدِ القانونِ مايس (أَيَّار) العام الماضي.

 ومِنها سيطرة الفيدرالي الأَميركي على الأَموال العراقيَّة سواءً منها الإِحتياطي أَو أَموال بيع البترُول.

 فضلاً عمَّا فرضتهُ إِتفاقيَّة الإِطار الإِستراتيجيَّة من إِلتزاماتٍ مُتبادلةٍ بين بغداد وواشنطُن.

...........................

* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق