إن مشكلة العراق التي لازمته منذ نحو عقدين وما زال يعاني منها هو تعدد الاصوات المتحدثة باسمه أو تدعي أنها وحدها تمثله، وقد كان هذا مفهوما في سني الاحتلال الاولى، كون الساحة باتت مهيأة للصراع بالكلام والسلاح ايضا! وهذا الأخير هو الذي بات يؤرق العراقيين...
عاش العراق ظروفا استثنائية، بلغت ذروتها بعد الاحتلال الاميركي، ليس بسبب عدم توافق القوى السياسية فيه على رؤية موحدة للدولة فقط، وانما ايضا بسبب انقسام دول الاقليم والعالم في كيفية التعامل مع واقعه الجديد ورغبة كل طرف في عراق يكون الأقرب اليه!
ألقت هذه المعطيات، التي تحصل عند كل حدث او تحول كبير يشهده اي بلد، بثقلها على الميدان الاجتماعي، الذي تفاعل معها من دون ان يستطيع تفادي تداعياتها بسبب الظروف المعروفة، فحصل ما حصل من اعمال عنف وصدامات وفوضى مهدت لكل ما شهدناه من خراب، كان من الممكن ألا يحصل لو ان الاحتلال ضبط المعادلة بشكل جيد منذ البداية وتفاعل بشكل مسؤول ومتوازن مع مختلف الطيف الوطني العراقي.
وفي كل الاحوال بات كل هذا من الماضي وأخذ العراق يضمد جراحه بنفسه وينهض من جديد، وصرنا نفكر بشكل حقيقي في بناء البلاد منذ نحو سنين قليلة، وقد بانت معالم الاختلاف النسبي بين ما كانت عليه العاصمة والمحافظات قياسا بما أصبحت عليه والمستقبل ربما يكون افضل بكثير.
إن مشكلة العراق التي لازمته منذ نحو عقدين وما زال يعاني منها هو تعدد الاصوات المتحدثة باسمه أو تدعي أنها وحدها تمثله، وقد كان هذا مفهوما في سني الاحتلال الاولى، كون الساحة باتت مهيأة للصراع بالكلام والسلاح ايضا!
وهذا الأخير هو الذي بات يؤرق العراقيين، لاسيما اليوم، ويدعوهم كثيرا للوقوف أمام أنفسهم، وهم يتابعون التحولات الدراماتيكية التي عصفت بالمنطقة وآخرها ما حصل في سوريا، والتي اثبتت ان خيار المواجهة العسكرية سواء اكانت من اجل استرداد حق او غير ذلك يجب ان تسبقها استراتيجية للمواجهة، وهذه في عالم اليوم، يجب ان تكون على مستويات عدة، ابرزها سياسية واقتصادية وعسكرية واعلامية وغيرها من اسباب الضغط والاختراق، وهو ما باتت اي دولة في منطقتنا لا تمتلكه لوحدها في مواجهة القوى الكبرى بسبب الفارق الكبير في التقدم التكنولوجي، الذي تمتلكه تلك الدول قياسا بإمكانيات دول منطقتنا.
ومن هنا فإن خيار المواجهة الشاملة لم يعد خيارا موفقا، وانما يجب ان يكون هناك نوع من التفاهم بين دول المنطقة ومنها العراق مع اميركا وأوروبا وغيرهما للخروج برؤية مشتركة لوضع المنطقة، لما يمثله (الشرق الاوسط) من اهمية لهذه الدول الكبرى، وايضا الاتفاق على صيغ من التعاون بما يضمن مصالح الجميع بعيدا عن مواجهات ثبت للجميع انها مكلفة وغير مجدية واسهمت في صناعة التطرف والارهاب، الذي دفع وما زال يدفع الغرب ثمنه وفي المقابل أضرنا كثيرا وأساء لسمعتنا في العالم، والنتيجة الكل خاسر من مواجهة مفتوحة ولا ضرورة لها، وان التفاهم والابتعاد عن الطوباويات العقائدية وعدم اقحام الدين بطريقة مشوهة في هذا الصراع، هو السبيل الامثل لتجنيب شعوبنا المزيد من الكوارث.
وان هذا لا يحصل بوجود تعدد للأصوات في العراق وغيره من الدول، وان خيار الحرب والسلم يجب أن يكون بيد الدولة بمن يمثلها في السلطة المنتخبة وهي الحكومة، بعيدا عن الاجتهادات الجهوية والعقائدية، أي أن يكون للعراق مثلما لدول المنطقة جميعها صوت واحد لكل دولة يعكس ارادتها ويمثلها، لأن إدخال أي دولة في منطقتنا في صراع أو حرب مع الغرب أو فيما بينها وبين دولة اخرى مجاورة ستكون له تداعيات مرعبة وسيجد الجميع أنفسهم نادمين.
اضف تعليق