من الضروري ان يأخذ العراق بهذا المبدأ في اطار اصلاح اقتصادي واجتماعي شامل من اجل تنشيط الحياة الاقتصادية وتعظيم انتاجية المجتمع وتنويع مصادر الثروة، ثم اتباع سياسة محكمة في اعادة توزيع الثروة المنتجة بطريقة عادلة تساعد في القضاء على الفقر واثراء المجتمع...
وفرة في الانتاج وعدالة في التوزيع. يعكس هذا الشعار رؤية لتحقيق توازن اقتصادي واجتماعي يتناسب مع احتياجات المجتمع ويسهم في تحسين مستوى المعيشة لجميع الأفراد. دعونا نحلل هذا الشعار بشكل علمي واقتصادي:
تعني كلمة "وفرة الإنتاج" زج القوى العاملة في سوق العمل بما يتضمن تعزيز توظيف جميع الفئات العمرية المؤهلة وتحقيق الاستفادة القصوى من القوى العاملة من خلال برامج تدريبية وتعليمية تحسن مهاراتهم وتزيد من إنتاجيتهم. وتشجيع ودعم الشباب على خوض غمار العمل المنتج من خلال المشاريع الصغيرة.
كما تعني كلمة "وفرة الانتاج" استثمار الثروات الطبيعية بما يعني استغلال الموارد الطبيعية بكفاءة واستدامة لتحفيز النمو الاقتصادي. يتطلب ذلك التكنولوجيا الحديثة والسياسات البيئية لضمان بقاء هذه الموارد للأجيال القادمة.
وتعني ايضا البحوث العلمية حول زيادة الإنتاج حيث ترتكز على تطوير تقنيات جديدة وابتكارات في مختلف المجالات الاقتصادية لتحسين الكفاءة والفعالية الإنتاجية، وذلك من خلال دعم البحث العلمي والابتكار.
وتعني ايضا تحسين التكنولوجيا والبنية التحتية بما يؤدي الى زيادة الإنتاجية عبر استثمارات في التكنولوجيا والبنية التحتية، مما يحسن الإنتاج ويخفض التكاليف.
واخير تعني "وفرة الانتاج" تنمية القطاع الصناعي والزراعي بما يؤدي الى تشجيع التنويع الاقتصادي وتحفيز مختلف القطاعات للتكيف مع متطلبات السوق المحلي والعالمي.
اما "عدالة التوزيع"، فتعني تفعيل مبدأين معروفين في ان معا، وهما:
المبدأ الاول: لكل حسب عمله. يعتمد هذا المبدأ على توزيع الثروة بناءً على المساهمة الفردية في عملية الإنتاج، مما يشجع على زيادة الإنتاجية والالتزام في العمل.
المبدأ الثاني: ولكل حسب حاجته في حال لم يكفي المبدأ الأول: يتناول العدالة الاجتماعية من خلال ضمان تلبية الاحتياجات الأساسية لكل فرد، حتى إذا لم يكن قادراً على العمل أو كانت مساهمته محدودة، وذلك من خلال نظام دعم اجتماعي قوي. وهذا يستلزم تفعيل نظام الضمان الاجتماعي social security المعمول به في عدد من الدول الرأسمالية مثل بريطانيا وهولندا والدنمارك وغيرها. وهو من المبادئ الاسلامية الاساسية التي شرحها السيد محمد باقر الصدر في كتاب "اقتصادنا"، وتحدث عنه بتفصيل الفيلسوف الأمريكي الراحل جون راولز في كتابه "نظرية في العدالة".
واليوم صرنا ندرك الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لشعار وفرة الانتاج وعدالة التوزيع حسب التفصيل التالي:
*تحقيق الاستدامة الاقتصادية: حيث يؤدي تحقيق وفرة الإنتاج إلى استقرار اقتصادي، وتوفير فرص عمل جديدة، وتقليل معدلات البطالة.
*تعزيز العدالة الاجتماعية: عدالة التوزيع تضمن تقليل الفجوات الاجتماعية والاقتصادية، مما يسهم في تحقيق السلم الاجتماعي والاستقرار.
*مواجهة التحديات الاقتصادية: بوجود سياسات مستدامة وفعالة، يمكن مواجهة التحديات الاقتصادية كالتضخم والركود بطرق تزيد من رفاهية المجتمع.
على الصعيد العراقي من الضروري ان يأخذ العراق بهذا المبدأ في اطار اصلاح اقتصادي واجتماعي شامل من اجل تنشيط الحياة الاقتصادية وتعظيم انتاجية المجتمع وتنويع مصادر الثروة، ثم اتباع سياسة محكمة في اعادة توزيع الثروة المنتجة بطريقة عادلة تساعد في القضاء على الفقر واثراء المجتمع. وهذا هو جوهر دعوتنا الى الاخذ بفكرة الدولة الحضارية الحديثة لإعادة بناء الدولة العراقية .
في الختام، يشكل هذا الشعار إطاراً لسياسات تنموية تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي عادل وشامل يستفيد منه جميع أفراد المجتمع، مما يسهم في خلق مجتمع متوازن ومستقر.
اضف تعليق