في السنوات الأخيرة من العقد الحالي بدأ ينبثق نوع من الاهتمام بالقطاع الصناعي في العراق، إذ تم تفعيل بعض القوانين المهمة، مثل قانون حماية المنتج المحلي وقانون حماية المستهلك، وتم فرض ضرائب على البضائع المستوردة، بالإضافة إلى منع استيراد بعض المنتجات، مثل حديد التسليح والإسمنت ومواد أخرى تنتج محليا...
في السنوات الأخيرة من العقد الحالي بدأ ينبثق نوع من الاهتمام بالقطاع الصناعي في العراق، إذ تم تفعيل بعض القوانين المهمة، مثل قانون حماية المنتج المحلي وقانون حماية المستهلك، وتم فرض ضرائب على البضائع المستوردة، بالإضافة إلى منع استيراد بعض المنتجات، مثل حديد التسليح والإسمنت ومواد أخرى تنتج محليا.
يسبق ذلك فتح باب الاقتراض من المصارف الحكومية لتمويل المشروعات الخاصة، في خطوة تحسب للحكومات لتفعيل وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني، الذي أصابه الركود والتراجع الكبيرين، في ظل سياسة الاستيراد العشوائي لمختلف السلع إلى حد إغراق الأسواق بمختلف البضائع بما فيها الرديئة.
وتحول جزء كبير من المواقع الصناعية الى صغيرة كانت ام كبيرة الى مباني ومساحات مهجورة، ثم تحولت شيئا فشيئا بفعل تضاعف الاستيراد إلى مخازن للسلع المصنوعة في كل بقاع الأرض إلى العراق، وهو ما تسبب بفقدان العاملين المهرة في مختلف الصناعات.
وجود العديد من مصانع الصناعات الثقيلة العسكرية والمدنية قبل تغيير النظام، لم يكن ذلك محفزا للقوى التي تسلمت مقاليد الحكم فيما بعد بتطوير هذه المصانع وتوظيفها في المجال الخدمي، فقد رُكنت منذ أكثر من عشرين عاما، مخلفة إهدار مئات الآلاف من فرص العمل فضلا عن نخر موازنات البلاد.
ولم يسهم إقرار القوانين المساعدة على حماية المُنتج المحلي من التنافس الخارجي في تحريك العجلة الراكدة، ومن المفترض ان يسهم مشروع القانون في تقديم الخدمة للمستثمرين الصناعيين العراقيين، ويشارك في تطوير الانتاج العراقي، لا سيما وانه يعفي المستثمرين الصناعيين من التحاسب الضريبي ويوفر لهم الدعم الكامل من خلال القروض.
وتعاني الصناعة العراقية اليوم من توقف آلاف المشاريع والمصانع الحكومية بسبب سياسة التخريب والإهمال وسوء التخطيط، وعلى الرغم من المبالغ الطائلة التي تخصص لهذا القطاع إلا أنها لم تعالج المشاكل المزمنة في إحياء الصناعة نتيجة الدوافع السياسية التي تقف وراء استمرار تعطيل الإنتاج المحلي.
ومن المشاكل المزمنة هي كثرة منح إجازات فتح المشاريع الصناعية، اذ تقدر بنحو 100 ألف إجازة وبعضها يعود لأزمنة سابقة وبعضها اندثر، إلا أن القائمة كمشاريع صناعية موجودة تبلغ 25 ألفًا، يبلغ المنتج منها 5000 مصنع، ما يعني أن المصانع المتوقفة عن الإنتاج يبلغ 20 ألف مصنعا، بحسب مدير عام التنمية الصناعية عزيز ناظم.
اما الإشكالية الأخرى التي وقع فيها صاحب القرار العراقي هو عدم الاهتمام في الفرص الاستثمارية التي تحقق قيمة مضافة عالية وتؤدي إلى تنويع الاقتصاد الوطني وانخفاض معامل رأس المال، وكذلك لم تعطي الاستثمار الزراعي والصناعي اللذان يعدان أحد أهم الأولويات في تنويع الاقتصاد الوطني وفك روابطه الأحادية المعتمدة على النفط الخام أي مساحة من الحرية لتغطية متطلبات الحاجة المحلية.
لكن يبقى التعويل على مشروع قانون الإصلاح الاقتصادي الذي يعد الشرارة الأولى لولوج النشاطات الاستثمارية التي ستأخذ جانب الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص ابتداء من مشاريع تصنيع المواد الخام كالفوسفات والكبريت والغاز الطبيعي وغيرهما في إطار توليد سلاسل قيمة مضافة عالية.
وإرجاع مكانة البلاد الى ماكنت عليه في السابق، حيث كان العراق من دول العالم المزدهرة صناعيا، ويلبي حجم إنتاج القطاع الصناعي حاجة السوق المحلية، فضلاً عن التصدير إلى الخارج، حيث تشير الأرقام إلى أن مساهمة الصناعة العراقية في الناتج الإجمالي كانت نحو 23 بالمائة قبل عام 2003، أما اليوم فأن هذه المساهمة تساوي صفرا.
ما نشهده الآن هي خطوات أولى نتمنى أن تستمر بالوتيرة نفسها، مع زيادة الاهتمام بقطاع الصناعات النفطية والبتروكيميائية، على اعتبار أن العراق يتمتع بموارد نفطية وفيرة، ومن الضروري ايضا تطوير هذه الصناعات وجعلها محركا رئيسيا للاقتصاد العراقي.
اضف تعليق