الأخطاء جزءٌ لا يتجزأ من المسار التاريخي للبشرية. الحروب، الكوارث الاقتصادية، الأزمات البيئية والسياسية جميعها أمثلة على الأخطاء التي وقعت في الماضي. هذه الأخطاء ليست بالضرورة دليلاً على الفشل، بل يمكن اعتبارها دروساً تعلمها الإنسان، ساهمت في تشكيل مسارات جديدة نحو النجاح...
البشرية في مسارها نحو تحقيق نموذج الدولة الحضارية الحديثة تواجه تحديات كبيرة، وتاريخها حافل بالإنجازات والأخطاء على حد سواء. هذا المسار نحو التقدم ليس حتمياً، بل إنه اتجاه تاريخي عام يتأثر بعوامل متعددة بما فيها إرادة الإنسان وحريته، والسنن الشرطية التي ترتبط بتلك الإرادة.
ومن هذه الاخطاء الحروب العدوانية التي تشنها هذه المجموعة البشرية على تلك. ومن هذه الاخطاء الحرب التي تشنها الصهيونية العالمية منذ اكثر من ١٠٠ عام على الشعب الفلسطيني واغتصاب ارضه واقامة الكيان الاستيطاني السرطاني المسمى بإسرائيل. ويتفاقم هذا الخطأ البشري التاريخي بدعم دول اخرى كالولايات المتحدة للعدوان الصهيوني.
مفهوم السير التكاملي
السير التكاملي يشير إلى الجهد المستمر للبشرية نحو تحقيق التطور والازدهار. إنه عملية ديناميكية تشمل التقدم في التكنولوجيا، العلم، الاقتصاد، والسياسة. هذا المسار ليس خطياً أو حتمياً، بل يمكن أن يشهد تقدمًا وتراجعًا بناءً على العديد من العوامل.
وقد اشار القران الكريم الى هذا السير التكاملي للتاريخ البشري في العديد من آياته مثل قوله تعالى: "يا ايها الانسان انك كادح الى ربك كدحا فملاقيه". وتشكل هذه الآية الكريمة المحور المركزي لعقيدتنا في التاريخ.
الأخطاء كجزء من الرحلة
الأخطاء جزءٌ لا يتجزأ من المسار التاريخي للبشرية. الحروب، الكوارث الاقتصادية، الأزمات البيئية والسياسية جميعها أمثلة على الأخطاء التي وقعت في الماضي. هذه الأخطاء ليست بالضرورة دليلاً على الفشل، بل يمكن اعتبارها دروساً تعلمها الإنسان، ساهمت في تشكيل مسارات جديدة نحو النجاح.
المهم في الامر ان تعمل البشرية على تصحيح اخطائها سلما او حربا حسب الحالة. وهذا هو احد معايير الحرب العادلة مثل تلك التي تشنها المقاومة اللبنانية والفلسطينية ضد العدوان الصهيوني المناقض لحركة التاريخ التكاملية.
الإرادة البشرية والسنن الشرطية
واحدة من القوانين الحاكمة لهذا السير التكاملي هي السنن الشرطية، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإرادة الإنسان وحريته. الإرادة تسمح للبشر باتخاذ خيارات تحدد مسارهم، وهي مفتاح في تحقيق أو عدم تحقيق التقدم. القوانين الشرطية توضح أن نتائج الأفعال ليست ثابتة، بل تعتمد على الظروف والخيارات المتاحة.
وقد اشار القران الكريم ايضا الى هذا النوع من السنن التاريخية وشرحها الفقيه الشهيد السيد محمد باقر الصدر باسهاب في محاضراته عن التفسير الموضوعي للقران.
تحدي الإرادة والتوازن
البشرية قادرة على تغيير مجرى التاريخ اعتماداً على القرارات التي تتخذها في لحظات معينة. الاستخدام العاقل للإرادة البشرية يتطلب وعيًا كاملًا بالعواقب، وتوازناً بين الحقوق والواجبات. الابتعاد عن الغطرسة والتصحيح الذاتي المستمر يمكن أن يقود إلى نتائج إيجابية رغم التحديات.
التفاعل بين السنن التاريخية
القوانين والسنن التي تؤثر على مسار البشرية تتضمن التغير التكنولوجي، التغيرات الاقتصادية، الصراعات الثقافية، والتفاعل مع البيئة الطبيعية. كل من هذه السنن تؤثر على الأخرى، مما يجعل من السير التكاملي عملية ديناميكية ومعقدة.
الخلاصة
المسار التكاملي نحو الدولة الحضارية الحديثة ليس مضمونا ولا خاليا من العثرات. إنه تحدٍ مستمر يتطلب من البشرية التعلم من أخطائها، وتفعيل إرادتها لتحديد المسار الأنسب. الوعي بالتاريخ، وفهم السنن الشرطية، والقدرة على التكيف، كلها عناصر ضرورية لنجاح هذا المسار وتحقيق الرؤية المشتركة لمستقبل مشرق ومستدام.
اضف تعليق