ليس بالضرورة أن يكون المواطنون مسؤولين عما يقع من أخطاء بحق الدولة، كما ان الدولة ليست معصومة وبريئة من وقوعها، واذا كان القانون يحاسب الأفراد على تلك الأخطاء، فمن يحاسب الدولة على أخطائها بحقهم ؟، دائما ما يدفع المواطنون ثمن الأخطاء من دون أن تحُّمل الدولة نفسها مسؤولية أخطائها...

ليس بالضرورة أن يكون المواطنون مسؤولين عما يقع من أخطاء بحق الدولة، كما ان الدولة ليست معصومة وبريئة من وقوعها، واذا كان القانون يحاسب الأفراد على تلك الأخطاء، فمن يحاسب الدولة على أخطائها بحقهم ؟، دائما ما يدفع المواطنون ثمن الأخطاء من دون أن تحُّمل الدولة نفسها مسؤولية أخطائها، هل سمعتم يوما انها حاسبت نفسها، واتخذت اجراء شديدا بحق القائمين عليها، او عوضت المواطنين عن خسائرهم المادية و المعنوية جراء سوء تدبيرها او تقاعسها؟

هذا الكلام لا ينطبق على دولتنا الراهنة فحسب، بل على جميع مراحل دولتنا منذ تشكيلها وحتى يومنا هذا بدءا من الخدمات وانتهاء بالحروب، ولكن ما يجعل أصابعنا تشير الى دولتنا الراهنة انها رفعت شعار الديمقراطية، وتبجحت بالشفافية، واستحدثت للأمانة هيئات للنزاهة، وكررت حتى الملل ان للإنسان حقوق مقدسة لا ينبغي لها أن تُداس.

يتألم المرء كثيرا عند ما يُحاسب على خطأ لم يرتكبه، ويتعاظم ألمه عندما لا يكون لصراخه جدوى بان تقصير الدولة هي السبب في وقوعه، مثلا: تشير الاحصائيات الى ازدياد حوادث المرور في مختلف محافظات البلاد، وان ضحاياها المئات من الأشخاص، وما يترتب على ذلك من تداعيات نتيجة فقدان بعض الأسر لمعيليها التي في الغالب لا تخطر على البال، ودائما ما تحمّل تقارير المرور أحد طرفي الحادث او كليهما المسؤولية، بينما أجهزة الدولة قد تتحمل مسؤولية ذلك، كرداءة الطرق وقلة العلامات المرورية وضآلة الاشارات الضوئية، وانعدام الاضاءة ليلا في غالبية الطرق الخارجية، وضعف الرقابة المرورية بوساطة الكاميرات الثابتة او المتنقلة مع دوريات المراباة، لكن لم يحدث ان أشارت التقارير الى ان الحادث وقع بفعل التقصير الحكومي، وبالتالي أليس من حق المواطنين مطالبة الدولة بتعويضهم عما لحقهم من خسائر لعدم قيام أجهزتها بالواجبات المطلوبة منها ؟، ومن حق الدولة محاسبة الأشخاص عن تلك الحوادث عندما تكون قد قامت بواجباتها.

فعندما تنقلب مركبة في طريق عام، ويموت جميع من فيها بسبب حفرة تقاعست الأجهزة البلدية عن ردمها مع انها لا تستغرق من العمل سوى أقل من نصف ساعة، او عندما تصطدم مركبة بحيوان في طريق تلفه العتمة ويؤدي ذلك الى ارتباك سائقها وانحراف مركبته وتلفها، او وقوع حادث يذهب ضحيته أشخاص، فمن المسؤول عن ذلك سائق المركبة ام دوائر الكهرباء والطرق والجسور والمرور، لماذا يدفع الأشخاص أثمانا باهظة بشرية ومادية بسبب تقصير ليسوا سببا فيه ؟.

 مَنْ يعوض سجناء أبرياء قضوا سنين طويلة من أعمارهم خلف القضبان، فاقدين فيها زهرة شبابهم، بسبب عدم دقة الأجهزة الأمنية في عملها بإلقاء القبض على المجرمين الحقيقيين ليحل الأبرياء بدلا عنهم، او ذاك البريء الذي يعيق الروتين وفوضى العمل تقديم ملفه للقضاء بالسرعة المطلوبة ليقضي أشهرا وربما سنينا لا يعرف من مصيره شيئا، وفي النهاية يُطلق سراحهم، ويتركون هائمين على وجوههم لا يدرون ماذا يفعلون، وقد فقدوا شبابهم وطاقتهم للعمل، او أصبحوا في عمر لا يؤهلهم له، ناهيك عن الاحباط واليأس والانكسار الذي يهيمن عليهم، وهل تظنون حبا للوطن وشعورا بالانتماء اليه لدى أبرياء فقدوا جزءا من عمرهم في السجون، مع ان القول المأثور يؤكد : ان مئة مجرم خارج السجن أهون بكثير من بريء واحد داخله.

لماذا نعيب على الشباب سلوكهم غير المرغوب به، ولا نعيب على الدولة عدم اهتمامها بجودة التربية، ومحاسبة مسؤوليها عن المخرجات المتردية جدا ؟، فسلوك الشباب حصيلة حتمية لإهمال التربية التي تقع مسؤوليتها الأساسية على الدولة.

على مضض تقبل الدولة بتظاهرات الخريجين، وبالعنف تتصدى لها أحيانا، ولا تُحاسب نفسها عن تقصيرها في توفير فرص العمل، ولم تتوقف مليا أمام سياسة استحداث الكليات الحكومية والأهلية التي بلغت أعدادها بالمئات دون أن تخطط لكيفية استيعاب هذا الكم الهائل من الخريجين في سوق العمل بقطاعيه العام او الخاص، مَنْ المذنب برأيكم؟ 

اضف تعليق