الأَطراف اللَّبنانيَّة، بما فيها الحِزب، مقتنعُونَ بأَنَّ الوقتَ قد حانَ لإِعادةِ هيكلةِ الدَّولةِ بما يُعيدُ لها حضورَها [الدُّستوري] بشكلٍ حقيقيٍّ وصريحٍ، وهذا ما صرَّحِ به الرَّئيسان برِّي وميقاتي خلال الأَيَّام القليلة الماضِية، وأَنَّ تفويض الحِزب للرَّئيس برِّي على لسانِ نائب الأَمين العام، للبدءِ بمُناقشةِ التَّرتيباتِ والبدءِ بالإِتِّصالاتِ...
١/ في زحمةِ الجهودِ السياسيَّةِ التي تبذلَها أَطرافٌ دَوليَّةٌ وإِقليميَّةٌ عدَّة لوقفِ الحربِ في الجبهةِ اللَّبنانيَّة، يبقى السُّؤَال الأَهم بهذا الصَّدد؛ ماذا بعدَ ذلكَ؟! ماذا بعدَ كُلِّ هذا الدَّمارِ العظيم الذي تعرَّضَ لهُ لبنان؟! ماذا بعدَ كَلِّ الجرائمِ ضدَّ الإِنسانيَّة التي ارتكبَها الكيان الصُّهيوني؟! وماذا بعدَ الذي تعرَّض لهُ حزب الله على وجهِ التَّحديدِ؟!.
هل سيتجرَّع أَحدٌ كأسَ السُّمِّ؟! مَن هوَ؟! ومتى؟!.
٢/ يُخطئ من يتصوَّر أَنَّ بإِمكانِ أَحدٍ في هذا العالَم أَن يُلغي وجودَ الحزبِ في لَبنان، خاصَّةً وجُودهُ السِّياسي، فهوَ نَتاجُ بيئتهِ الإِجتماعيَّةِ ونَتاجُ إِرثٍ تاريخيٍّ مُتراكمٍ عمَّدهُ عُلماءُ وفُقهاءُ وشُهداءُ، وهو ليسَ تنظيماً حزبيّاً نُخبوِيّاً مُغلقاً، إِنَّه تيَّارٌ متجذِّرٌ في المُجتمعِ اللَّبناني لم يزرعهُ أَحدٌ في غيرِ أَرضهِ، ولم يأتِ من خارجِ الحدُودِ أَو ينزِلَ من مجرَّةٍ خارِجَ الفضاءِ ليتصوَّر المُغفَّلونَ أَنَّهُ حالةٌ طارِئةٌ مفرُوضةٌ على لبنان قد تنتهي في لحظةٍ ولسببٍ أَو ظرفٍ مُعيَّنٍ.
٣/ كُلُّ الذي تسعى إِليهِ الآن الأَطراف الدوليَّة والإِقليميَّة والمحليَّة، بما فيها الجمهوريَّة الإِسلاميَّة في إِيران الرَّاعي والدَّاعم الحقيقي للحزبِ وإِيديولوجيَّتهِ ونهجهِ، هو بذل الجُهد لإِعادةِ بناءِ الدَّولة اللَّبنانيَّة والجيش اللَّبناني ليأخُذَ دورهُ الطَّبيعي في حمايةِ البلادِ وفي ترتيباتِ ما بعدَ الحرب وعندَ تنفيذِ القرارِ الدَّولي [١٧٠١] هذا الدَّور الذي تلاشى لدرجةٍ كبيرةٍ بسببِ السِّلاحِ خارج سُلطةِ الدَّولة والتي ظلَّ يُبرِّرها حزب الله بسببِ الإِعتداءاتِ الإِسرائيليَّة على لبنان وسيادتهِ، وهو التَّبريرُ الذي رأَت فيهِ القُوى السياسيَّة الوطنيَّة أَمراً مشرُوعاً من جهةٍ من الجهاتِ.
٤/ هناك [٣] قرارات دوليَّة صدرَت عن مجلسِ الأَمنِ الدَّولي فيما يخصُّ طبيعة العِلاقة بين [إِسرائيل] ولبنان، وكلُّها صدرَت في ظلِّ حرُوبٍ مُتتاليةٍ بينَ الطَّرفَينِ، وهي القرارات [١٥٥٩ و ١٦٨٠ و ١٧٠١] بالإِضافةِ إِلى [إِتِّفاقِ الطَّائف] المُحوري الذي وضعَ حدّاً للحربِ الأَهليَّةِ.
وقد نصَّت كُلُّها على ركيزتَينِ أَساسيَّتينِ؛
أ/ العملُ على بناءِ الدَّولةِ وتقويةِ جيشها لتأخُذ مكانَها الطَّبيعي.
ب/ نزعُ سِلاح حزب الله وتسليمهِ للدَّولةِ.
ولم يكُن أَحدٌ من اللَّبنانيِّينَ يعترض على ذلكَ، وإِنَّما الإِختلافُ في توقيتِ تنفيذِ البند [ب].
٥/ يبدو لي أَنَّ كُلَّ الأَطراف اللَّبنانيَّة، بما فيها الحِزب، مقتنعُونَ بأَنَّ الوقتَ قد حانَ لإِعادةِ هيكلةِ الدَّولةِ بما يُعيدُ لها حضورَها [الدُّستوري] بشكلٍ حقيقيٍّ وصريحٍ، وهذا ما صرَّحِ به الرَّئيسان برِّي وميقاتي خلال الأَيَّام القليلة الماضِية، وأَنَّ تفويض الحِزب للرَّئيس برِّي على لسانِ نائب الأَمين العام، للبدءِ بمُناقشةِ التَّرتيباتِ والبدءِ بالإِتِّصالاتِ اللَّازمةِ معَ مُختلفِ الأَطرافِ الدَّوليَّةِ والإِقليميَّةِ والمحليَّةِ لتنفيذِ القراراتِ الدَّوليَّةِ المُشار إِليها آنفاً وخاصَّةً القرار [١٧٠١] مُؤَشِّرٌ على ذلكَ.
كما أَنَّ الخطاب السِّياسي الذي نسمعهُ من طهران وعلى أَعلى المُستويات، مُؤَشِّرٌ كذلكَ على هذا الأَمرِ، فهو كذلكَ وردَ فيهِ تأييدٌ للتَّفويضِ الذي أَعلنهُ الحزب للرَّئيس برِّي.
لا أَحدَ يفكِّرُ، وليسَ بإِمكانِ أَحدٍ ولا يحِقُّ لأَحدٍ، إِقصاءَ حزب الله عن المُعادلةِ السياسيَّةِ القائِمةِ حاليّاً في لبنان، أَبداً، وإِنَّما الحديثُ عن تسليمِ سلاحهِ للدَّولة لتقويةِ الجيش ليأخذَ مكانهُ الطَّبيعي في التَّرتيباتِ السياسيَّةِ المُرتقبةِ.
فهل سيتحقَّق ذلكَ؟! وكَيف؟! ومَتى؟!.
اضف تعليق