آراء وافكار - مقالات الكتاب

حرائق النفط

ضبط قواعد الاشتباك في التصعيد والرد على التصعيد المقابل من قبل هذه الفصائل.. يتفق مع شعار (النفط سلاح في المعركة) لكنه اليوم يتعارض كليا كونه لم ولن ولا يتطابق مع منهج سياسات واعدادات العملية السياسية العراقية برمتها وربما هناك من يقف عكس هذا الشعار وشتان بين شعار ترفعه دولة لها كامل السيادة على نفطها...

سأل احد التلاميذ المناضل الفيتنامي هوشي منه.. كيف يمكن مقاتلة الأمريكي؟؟ أجابه اذا كان الأمريكي مثل الفيل والفيتنامي مثل النملة. بإمكان مجاميع النمل مهاجمة الفيل وجعله يتعثر ويسقط أرضا!!

دائما اتذكر هذه الرواية في المقاربة بين قدرات قوى الامبريالية مقابل قدرات العرب في الصراع مع الكيان الصهيوني.. حتى ان السيناتور الأمريكي السابق بول فيندلي شدد في كتابه (الحاجز) ان الفارق بين السياسات الأمريكية والإسرائيلية في نموذج الإنجاز وليس الاهداف فما لا تستطيع المؤسسات الأمريكية إنجازه تكلف به الإسرائيلية!!

مقاربة كلا الحالتين مع شعار (النفط سلاح في المعركة) كما سبق وان طرح في سبعينات القرن الماضي وانتهى في الحرب الإيرانية العراقية في مقوله هنري كيسنجر المعروفة (مطلوب ان تدمر الحرب كلا البلدين بلا منتصر غير ضمان أمن الطاقة وأمن إسرائيل).

اليوم تكرر المقاومة في إطار فيلق القدس الإيراني هذا الشعار بشكل مختلف.. أما ان يضمن العالم انسياب النفط في الشرق الأوسط للجميع او لا يتوفر للجميع.. ولنا في قصف احد أبرز مخازن شركة أرامكو السعودية بصواريخ حوثية صناعة إيرانية ما يؤكد إمكانية تنفيذ هذا الشعار واقعا وليس افتراضيا!!

فهل تواجه نملة الصواريخ والطائرات المسيرة رادع قوة الفيل الاضخم نوويا.. متمثلا بالقوات الإسرائيلية والقوات الأمريكية وحلف الناتو بحرائق نفوط الشرق الأوسط لتحرير القدس؟؟

في تقدير الموقف عن تكرار مثل هذا التهديد يبدو من الممكن القول :

اولا: اغلب نفوط الشرق الأوسط لا تخضع لقرار السيادة الوطنية بالَمفهوم المتعارف عليه عند أحزاب اليسار العربي .. لان الاغلبية الغالبة من هذه النفوط انما تدار بعقود مشاركة او عقود استخراجية تمنح الشركات الاجنبية التي يطلق عليها مصطلح الشركات الاحتكارية في السبعينات من القرن الماضي.. انما ذات دول هذه الشركات هي ما تمثل تاريخيا.. الامبريالية الدولية المعبرة عن المشروع الصهيوني الذي أوجد هذا الكيان الاستيطاني وداعمه الأكبر بلا مواربة او استحياء حتى من أعنف عنجهية إسرائيلية بل دائما كان الفيتو الأمريكي البريطاني الفرنسي حاضرا للدفاع عنه.

ثانيا: سقوط جدار برلين أسقط معه منظومة تحليل الجدلية التاريخية للفكر الشيوعي.. وكل ما حصل من تسعينات القرن الماضي حتى يومنا هذا انما تعبيرا عن عالم بقطب واحد.. والحديث عن إمكانية تعدد القطبية الدولية لا يقاس بفواعل حرائق النفط. لان السوق العالمية بإمكانها تفادي قيمة الخسارة وان تربك هذا السوق لايام او اسابيع ما دامت البدائل متنوعة أبرزها النفط الأمريكي والروسي!!

ثالثا: مثل هذه الجرأة لاحراق نفوط الشرق الأوسط.. كيف سيكون الرد الامبريالي عليها؟!

هل يمكن تكرار طيران البي ٥٢ وهي تنشر قنابل الشر فوق العراق.. بأن تنشرها فوق إيران.. وهل إيران على استعداد لمواجهة ذلك؟؟

مقارنة الاجابة على هذا السؤال بين التصريحات الأخيرة للسيد خامنئي ان بلاده لن تستعجل الرد ولكنها لن تنساه.. فضلا عن تصريحات الرئيس الإيراني في نيويورك ثم في الدوحة.. تؤشر ان طهران ليست بصدد غلق مضيق هرمز او استنارة شواطئ الخليج بحرائق النفط على الضفة الأخرى.

رابعا :الحق المكفول للمقاومة الإسلامية في العراق في تمرحل الفعل ورد الفعل المقابل.. لإظهار سلم الأقدار على مواجهة الفيل الامبريالي في الشرق الأوسط.

معضلة كل ذلك.. ليس في تشخيص مواطن القوة والضعف في قرار المقاومة بل في ردود الأفعال داخل العملية السياسية.. وما يمكن أن يكون من قبل الشركاء.. وايضا من قبل القرار الامبريالي الذي باستطاعته إعادة العراق إلى أحكام الفصل السابع.. وفي مرحلة لاحقة إعادة انتشار عسكري مشترك مع القوات العراقية لمواجهة التهديدات للأمن الوطني العراقي والامن والسلم الدوليين من فصائل هذه المقاومة... فهل تم حساب ذلك في تقدير الموقف لاطلاق هكذا تصريحات لاحراق نفوط الشرق الأوسط؟؟

في ضوء ما تقدم.. يبدو أن هذه التصريحات نموذجا للردع وربما تباشر ذلك ردا على اي تدمير قاصف ضد المفاعلات النووية الإيرانية او منشآت النفط والغاز والكهرباء اذا ما استهدفت من قبل القوات الإسرائيلية ربما بمساعدة أمريكية تشارك فيها قوات الناتو.

ضبط قواعد الاشتباك في التصعيد والرد على التصعيد المقابل من قبل هذه الفصائل.. يتفق مع شعار (النفط سلاح في المعركة) لكنه اليوم يتعارض كليا كونه لم ولن ولا يتطابق مع منهج سياسات واعدادات العملية السياسية العراقية برمتها وربما هناك من يقف عكس هذا الشعار وشتان بين شعار ترفعه دولة لها كامل السيادة على نفطها.. وتمضي في تطبيقه وبين شعار تحمله بندقية المقاومة فحسب.... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!!

اضف تعليق