في حالة نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط، فإنه لن يشبه على الأرجح الحروب البرية الطاحنة التي وقعت في العقود الماضية بين الجيوش المتحاربة. فعلى مدى العام المنصرم، لم تقع أي مواجهات عسكرية بين دول ذات سيادة إلا بين إيران وإسرائيل اللتين تفصل بينهما دولتان أخريان ومساحات شاسعة...
مع استعداد إسرائيل لشن هجوم على إيران بعد أن فاجأت الأصدقاء والأعداء على حد سواء بهجومها الخاطف على جماعة حزب الله في لبنان الشهر الماضي، يدور الآن حديث عن انزلاق لا مفر منه نحو حرب جديدة في الشرق الأوسط.
قال عدد من الخبراء في مجال صنع القرار على المستويين الاستخباراتي والعسكري إنه لا تزال هناك عوامل تمنع انجرار المنطقة إلى حريق كبير يمكن أن يدفع إسرائيل وطهران إلى صراع متصاعد تُستَدرج إليه دول أخرى.
وأضاف الخبراء لرويترز أن إسرائيل لن تتراجع على الأرجح عن شن هجوم جوي على إيران في الأيام القليلة المقبلة ردا على إطلاق طهران نحو 180 صاروخا باليستيا على إسرائيل يوم الثلاثاء.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اجتماع مع مجلس الوزراء الأمني المصغر مساء يوم الثلاثاء “من يهاجمنا سنهاجمه”.
ومع ذلك، أبلغ مسؤولون إسرائيليون نظراءهم الأمريكيين بأن ردهم على الهجوم الإيراني سيكون “مدروسا” لكنهم لم يقدموا حتى الآن قائمة نهائية بالأهداف المحتملة، وفقا لمصدر في واشنطن مطلع على المباحثات طلب عدم الكشف عن هويته.
وقال آفي ميلاميد، المسؤول السابق في المخابرات الإسرائيلية والمفاوض في الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية في ثمانينيات القرن الماضي والعقد الأول من القرن الحالي “أعتقد أن الأهداف التي سيقع الاختيار عليها سيتم اختيارها بعناية وحرص شديد”.
وأضاف أن الأهداف المحتملة تشمل المواقع التي لها أهمية عسكرية لدى إيران مثل البنية التحتية للصواريخ ومراكز الاتصالات ومحطات الطاقة.
وقال أكثر من ستة مسؤولين سابقين من الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط ممن عملوا في المجال العسكري والاستخباراتي والدبلوماسي خلال مقابلات أجرتها رويترز إن إسرائيل لن تستهدف على الأرجح المنشآت النفطية التي تدعم اقتصاد إيران أو المواقع النووية.
وتوقع الخبراء أن يؤدي قصف هذه الأهداف شديدة الحساسية إلى رد فعل إيراني قوى، بما في ذلك احتمال شن طهران هجمات على مواقع إنتاج النفط لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة ومنها دول الخليج العربية.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الخميس إنه لن يكشف عن سير المفاوضات التي يجريها على الملأ عندما سُئِل عما إذا كان حث إسرائيل على عدم مهاجمة منشآت النفط الإيرانية.
وجاءت تصريحات بايدن بعد ساعات من تصريحه بأن واشنطن تناقش مثل هذه الضربات الإسرائيلية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط.
وفاجأت إسرائيل معظم دول العالم بهجومها على حزب الله المدعوم من إيران الشهر الماضي، والذي بدأ بتفجير آلاف من أجهزة الاتصال المعروفة باسم (البيجر) وأجهزة اللاسلكي (ووكي توكي) التي يستخدمها أعضاء الجماعة، واستمر الهجوم باغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله في غارة جوية على بيروت، ووصل الأمر إلى حد التوغل البري في جنوب لبنان.
وقال نورمان رول، المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.آي.إيه) والذي كان مسؤولا عن الملف الإيراني في المخابرات الوطنية من عام 2008 إلى 2017 “ليس من الحكمة أن يحاول مراقبون من الخارج التكهن بخطة الهجوم الإسرائيلية”.
وأضاف “لكن إذا قررت إسرائيل توجيه ضربة متناسبة وجوهرية في الوقت ذاته، فقد تختار أن تقتصر هجماتها على الصواريخ الإيرانية وبنية فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الذي دعم الهجمات التي شنتها طهران ووكلاؤها على إسرائيل”.
وقال رول، وهو كبير مستشارين لدى مجموعة متحدون ضد إيران النووية، إن إسرائيل يمكن أن تقصف المنشآت الإيرانية العاملة في تكرير البنزين والديزل للاستهلاك المحلي مع تجنب المنشآت التي تُستخدم في تصدير النفط، وهو ما سيحرم طهران من أي مبرر قد تلجأ إليه لقصف منشآت النفط في دول الخليج ويحد من ارتفاع أسعار النفط الخام.
إيران: خصم حذر
في حالة نشوب صراع أوسع في الشرق الأوسط، فإنه لن يشبه على الأرجح الحروب البرية الطاحنة التي وقعت في العقود الماضية بين الجيوش المتحاربة.
فعلى مدى العام المنصرم، لم تقع أي مواجهات عسكرية بين دول ذات سيادة إلا بين إيران وإسرائيل اللتين تفصل بينهما دولتان أخريان ومساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية.
وبسبب المسافة الشاسعة بينهما، اقتصرت العمليات بين إسرائيل وإيران على تبادل الضربات الجوية والعمليات السرية واستخدام فصائل مسلحة مثل حزب الله.
وتتوعد إيران منذ فترة طويلة بأنها ستدمر إسرائيل، إلا أنها اتخذت موقفا حذرا في هذه الأزمة إذ درست بعناية هجومين جويين أطلقتهما على إسرائيل، الأول في أبريل نيسان بعد أن قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية في سوريا مما أسفر عن مقتل العديد من القادة، والثاني هذا الأسبوع بعد مقتل نصر الله.
ولم يسفر الهجومان الإيرانيان سوى عن مقتل فلسطيني واحد بعد سقوط صاروخ على الضفة الغربية يوم الثلاثاء.
ويُعتقد على نطاق واسع أن مصر، التي خاضت حروبا مع إسرائيل في أعوام 1948 و1956 و1967 و1973 ووقعت معاهدة سلام معها في 1979، ليس لديها اهتمام يذكر بالدخول في هذا الصراع.
أما سوريا، حليفة إيران والتي خاضت أيضا معارك مع إسرائيل في الماضي، فهي غارقة في انهيار اقتصادي بعد عقد من الحرب الأهلية.
الحياد الخليجي
وتريد دول الخليج، التي ترتبط بشراكات قوية مع الولايات المتحدة على الصعيد الأمني، أن تنأى بنفسها عن هذا الصراع.
وقال مصدران مطلعان لرويترز إن وزراء من دول الخليج أجروا محادثات مع إيران على هامش مؤتمر استضافته قطر يوم الخميس، سعيا لطمأنة طهران بأن بلادهم ستتخذ موقفا محايدا في أي تصعيد.
وتخشى دول الخليج العربية من رد إيران إذا ما جرى استهداف منشآتها النفطية.
وتعرضت مواقع نفطية سعودية في عام 2019 لهجوم من جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن حيث انخرطت السعودية في صراع على مدى سنوات. وكانت المملكة قبل اندلاع الحرب على غزة تجري محادثات حول اتفاق للدفاع مع الولايات المتحدة وتطبيع محتمل مع إسرائيل.
وجرى تداول النفط في نطاق سعري ضيق تراوح بين 70 و90 دولارا للبرميل خلال السنوات الماضية على الرغم من الحرب بين روسيا وأوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط.
ويقول محللون إن أوبك لديها ما يكفي من الطاقة الفائضة للتعامل حتى لو توقف إنتاج إيران بالكامل. لكنها ستواجه صعوبات في تعويض المفقود من الإنتاج الإيراني إذا أدى التصعيد إلى الإضرار بالقدرة التشغيلية لقطاع النفط في السعودية أو الإمارات.
ولم تهدد إيران بمهاجمة منشآت نفط خليجية لكنها حذرت من أن أي تدخل مباشر من قبل “داعمي إسرائيل” ضد طهران من شأنه أن يدفع إيران إلى شن “هجوم قوي” على “قواعدهم ومصالحهم” في المنطقة.
وقال علي الشهابي المحلل السياسي السعودي المقرب من الديوان الملكي “تعتقد دول الخليج أن من غير المرجح أن تضرب إيران منشآتها النفطية، لكن الجانب الإيراني يلمح إلى أنه قد يفعل ذلك من خلال مصادر غير رسمية. إنها أداة يمتلكها الإيرانيون ضد الولايات المتحدة والاقتصاد العالمي”.
وشهدت السنوات القليلة الماضية تقاربا سياسيا بين المملكة، أكبر مصدري النفط، وبين طهران مما ساعد في تخفيف التوتر في المنطقة لكن العلاقات لا تزال معقدة بينهما.
وتتوخى السعودية الحذر من ضربة إيرانية لمنشآتها النفطية منذ هجوم عام 2019 على مصفاتها الرئيسية في بقيق أدى إلى توقف أكثر من خمسة بالمئة من إمدادات النفط العالمية لفترة وجيزة. ونفت إيران ضلوعها في ذلك الهجوم.
وقال الشهابي، في إشارة إلى مجلس التعاون الخليجي الذي يضم الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت، “رسالة مجلس التعاون الخليجي للإيرانيين هي ‘الرجاء خفض التصعيد'”.
وحذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من مغبة “الصمت” في مواجهة “الحروب التي تشعلها” إسرائيل.
وقال خلال قمة حوار التعاون الآسيوي في الدوحة “أي نوع من الهجوم العسكري أو العمل الإرهابي أو تجاوز لخطوطنا الحمراء سيقابل برد حاسم من قواتنا المسلحة”.
إيران وحلفاؤها لن يتراجعوا
بدوره قال خامنئي أمام حشد ضخم من المصلين في طهران إن إيران وحلفاءها في المنطقة لن يتراجعوا عن مواجهة إسرائيل، وذلك بعد يومين من زيادة المخاوف من اتساع نطاق الصراع في المنطقة بعدما أطلقت إيران صواريخ على إسرائيل التي أرسلت قوات برية إلى لبنان هذا الأسبوع.
وقال خامنئي في ظهور نادر له وهو يلقي خطبة الجمعة في طهران "المقاومة في المنطقة لن تتراجع بمقتل قادتها"، وأشار في الخطبة إلى نصر الله وقال إن هجوم إيران الصاروخي على إسرائيل كان قانونيا ومشروعا.
وأضاف أن إيران "لن تماطل أو تتعجل في أداء ما عليها" في مواجهة إسرائيل، دون أن يوجه تهديدا مباشرا لإسرائيل أو الولايات المتحدة.
ونقلت شبكة أخبار الطلبة الإيرانية شبه الرسمية (إس.إن.إن) عن علي فدوي نائب قائد الحرس الثوري القول يوم الجمعة إن إيران ستستهدف منشآت الطاقة والغاز الإسرائيلية إذا شنت إسرائيل هجوما على الجمهورية الإسلامية.
وقال خامنئي إن الاغتيالات لن تؤدي إلا إلى مزيد من الهجمات.
وأضاف "كل ضربة تشنها أي جماعة على إسرائيل هي خدمة للمنطقة وللإنسانية جمعاء".
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خلال زيارة إلى بيروت، إن وجوده في المدينة يوم الجمعة "في هذه الظروف الصعبة" هو أقوى دليل على وقوف إيران إلى جانب لبنان وحزب الله.
والتقى عراقجي مع كبار المسؤولين اللبنانيين ومن بينهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو حليف وثيق لحزب الله.
وأضاف أن طهران تدعم الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار في لبنان بشرط أن تدعمه جماعة حزب الله وأن يتزامن مع وقف إطلاق النار أيضا في غزة.
وتنفذ الجماعات المتحالفة مع إيران في "محور المقاومة"، وهي حزب الله والحوثيون في اليمن وفصائل مسلحة في العراق، هجمات في المنطقة دعما للفلسطينيين في الحرب في قطاع غزة. وقال خامنئي إن أفغانستان يجب أن تنضم إلى "الدفاع".
الموقف الأمريكي وتجاوز الخطوط الحمراء
وتقول الولايات المتحدة إنها ستبذل قصارى جهدها للدفاع عن إسرائيل ضد إيران والجماعات المتحالفة معها، لكن لا أحد يعتقد أنها ستنشر قوات على الأرض مثلما فعلت في حربي الخليج في عامي 1990 و2003 ضد العراق.
وقال المصدر المطلع في واشنطن إن الولايات المتحدة لا تضغط على إسرائيل للامتناع عن الرد العسكري على الهجوم الإيراني الأحدث، مثلما فعلت في أبريل نيسان، لكنها تدعو لدراسة متأنية للعواقب المحتملة لأي رد.
ومع ذلك، فقد ثبت أن نفوذ واشنطن على إسرائيل محدود ولا يزال نتنياهو مصرا على استهداف أعداء إسرائيل منذ هجوم حماس.
وقال ريتشارد هوكر، ضابط الجيش الأمريكي المتقاعد الذي خدم في مجلس الأمن القومي في عهود رؤساء جمهوريين وديمقراطيين، “تجاوز الإسرائيليون بالفعل كل الخطوط الحمراء التي حددناها لهم”.
ويعني اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني أيضا أن قدرة بايدن على الإقناع صارت محدودة خلال الشهور الأخيرة التي يمضيها في البيت الأبيض.
وقال بايدن للصحفيين يوم الأربعاء إن لإسرائيل الحق في الرد “بشكل متناسب”. وأوضح أنه لا يؤيد توجيه ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية. وتقول إسرائيل ودول غربية إن لدى الإيرانيين برنامجا يهدف إلى صنع أسلحة نووية، وهو ما تنفيه طهران.
وقال هوكر إن استهداف مثل هذه المواقع ممكن ولكنه غير محتمل “لأنه عندما تفعل شيئا كهذا فإنك تضع القيادة الإيرانية في وضع يمكنها من القيام بأمر مأساوي جدا ردا على ذلك”.
وتعتبر إسرائيل البرنامج النووي لطهران تهديدا وجوديا لها. ويعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة المسلحة نوويا في الشرق الأوسط رغم أنها لم تؤكد أو تنف امتلاكها مثل هذه الأسلحة.
وتنتشر المواقع النووية الإيرانية في أماكن كثيرة، ويوجد بعضها على عمق كبير تحت الأرض.
وارتفعت أصوات في واشنطن تدعو لضرب مصافي التكرير ومنشآت الطاقة الأخرى في إيران. ولم تنجح العقوبات الأمريكية على طهران حتى الآن في وقف نشاط قطاع النفط.
وقال السناتور الجمهوري لينزي جراهام في بيان “يجب توجيه ضربات قوية لمصافي النفط (الإيرانية) لأنها مصدر المال لذلك النظام”.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه لا يؤيد شن هجوم على المواقع النووية الإيرانية في أعقاب هجمات إيران بالصواريخ الباليستية على إسرائيل وحث إسرائيل على التصرف "بشكل متناسب" ضد عدوها الإقليمي اللدود.
وصرح للصحفيين قبل صعوده إلى طائرة الرئاسة "سنناقش مع الإسرائيليين ما سيفعلونه، لكننا جميعا (دول مجموعة السبع) نتفق على أن لديها الحق في الرد ولكن يجب أن يكون متناسبا".
وقال بعض المحللين إن رد إسرائيل سيكون أكثر حدة هذه المرة على الأرجح، مشيرين إلى أنه قد يستهدف المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية. وتوقع خبراء آخرون أن تحاول الولايات المتحدة مرة أخرى التقليل من حدة الرد الإسرائيلي في محاولة لتجنب حرب شاملة في المنطقة.
وعند سؤاله عما إذا كان سيدعم إسرائيل في ضرب المواقع النووية الإيرانية كما هددت منذ فترة طويلة، قال بايدن للصحفيين "الإجابة هي لا".
وقال بايدن إنه سيتم فرض المزيد من العقوبات على إيران، مشيرا إلى أنه سيتحدث قريبا مع نتنياهو.
وأضاف "من الواضح أن إيران بعيدة كل البعد عن المسار الصحيح".
ووفقا لمصدر مطلع على النقاش في واشنطن، قال مسؤولون إسرائيليون لنظرائهم الأمريكيين إنهم ما زالوا في مرحلة تحديد الأهداف والتوقيت والوسائل للرد على الهجوم الصاروخي الإيراني.
وذكر المصدر الأمريكي، أن إسرائيل قد لا تشعر بأنها مضطرة للرد على الفور، نظرا لنجاحها في إحباط الهجوم الإيراني. ولكن من غير المرجح أن تنتظر فترة طويلة خوفا من أن تفقد الخطوة الانتقامية فعاليتها كرادع إذا تأخرت.
وأوضح المصدر أن على النقيض من هجوم إيران في أبريل نيسان، فإن الولايات المتحدة لا تضغط على إسرائيل للامتناع عن الانتقام ولكنها تريد من إسرائيل أن تدرس بعناية العواقب المحتملة أولا.
ويواجه بايدن، في الشهور الأخيرة من ولايته، انتقادات حادة في الداخل والخارج بسبب الدعم العسكري الأمريكي القوي لإسرائيل، وهي الانتقادات ذاتها التي تواجهها نائبته كاملا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة.
حافة الخطر
في فعالية عبر الإنترنت نظمتها مؤسسة كارنيجي البحثية ومقرها واشنطن، كرر كيرت كامبل نائب وزير الخارجية الأمريكي وجهة النظر الأمريكية بأن ما قامت به طهران كان "غير مسؤول تماما" وأنه يجب أن تكون هناك "رسالة رد".
ولكن مع وجود الشرق الأوسط على "حافة الخطر"، فإن الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء "تصعيد أوسع نطاقا" من شأنه أن يعرض المصالح الاستراتيجية الإسرائيلية والأمريكية للخطر، على حد قوله.
وأضاف كامبل "أعتقد أننا حاولنا التأكيد على دعمنا لبعض الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل. وأعتقد أننا نشعر بحذر حقيقي إزاء مجموعة واسعة أو كبيرة من العمليات البرية في لبنان".
ويخوض الجيش الإسرائيلي معارك على الحدود الشمالية مع جماعة حزب الله اللبنانية. وقتل ثمانية جنود يوم الأربعاء في أكبر خسائر يتكبدها الجيش الإسرائيلي على الجبهة اللبنانية على مدى عام شهد اشتباكات على الحدود.
وقالت إيران يوم الأربعاء إن الهجوم الصاورخي، وهو أكبر هجوم لها على الإطلاق على إسرائيل، قد انتهى، ما لم تحدث استفزازات أخرى.
وتعتبر إسرائيل البرنامج النووي الإيراني تهديدا وجوديا، رغم إصرار طهران على أنها لا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي. وتنتشر المنشآت النووية الإيرانية في عدد من المواقع، بعضها في عمق تحت الأرض.
كيف سيكون الرد الإسرائيلي؟
وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن لإسرائيل، بدعم من الولايات المتحدة، أن ترد بها على هذا الهجوم:
يعتقد بعض المحللين أن من المرجح أن ترد إسرائيل باستهداف منشآت عسكرية إيرانية وخاصة التي تنتج الصواريخ الباليستية مثل تلك التي استخدمت في الهجوم في أول أكتوبر تشرين الأول. كما يمكن أن تدمر أنظمة الدفاع الجوي ومنصات إطلاق الصواريخ الإيرانية.
واتهمت واشنطن طهران بتزويد روسيا بصواريخ باليستية قصيرة المدى لاستخدامها ضد أوكرانيا. وتنفي طهران وموسكو ذلك.
وقال محللون إن هذا سيُنظر إليه على أنه أفضل رد بالمثل على هجوم إيران.
ويمكن أن يؤدي الهجوم على منشآت نووية إيرانية إلى تعطيل قدرة طهران على إنتاج سلاح نووي. والبرنامج النووي الإيراني منشور في الكثير من المواقع بعضها فقط تحت الأرض.
ولكن من المرجح أن يؤدي أي هجوم كبير على البنية التحتية النووية لإيران إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك احتمالية اندفاع إيران نحو بناء سلاح نووي. وقالت واشنطن إنها لن تؤيد مثل هذا التحرك من جانب إسرائيل.
وقال ريتشارد هوكر، وهو ضابط متقاعد في الجيش الأمريكي خدم في مجلس الأمن القومي خلال ولايات رؤساء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إن إسرائيل "يمكنها بلا شك" أن تضرب منشآت نووية إيرانية، ولكن هذا ليس محتملا "لأن ذلك من شأنه وضع القيادة الإيرانية في موقف سترد فيه بشيء دراماتيكي للغاية".
وتنفي الجمهورية الإسلامية أن لديها برنامجا للأسلحة النووية أو التخطيط لذلك.
وخلصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة وكذلك الاستخبارات الأمريكية إلى أن إيران سعت إلى تنفيذ برنامج منسق للأسلحة النووية حتى عام 2003، ويقول الخبراء إنه مع انهيار الاتفاق النووي لعام 2015، فإنها قد تنتج ما يكفي من اليورانيوم المخصب بالدرجة اللازمة لصنع الأسلحة من أجل صنع قنبلة نووية في غضون أسابيع.
ويمكن أيضا لإسرائيل استهداف قطاع النفط الإيراني، مما يلحق الضرر باقتصاد الجمهورية الإسلامية.
ومن الممكن أن يدفع مثل هذا الهجوم إيران إلى ضرب منشآت لإنتاج النفط في السعودية وغيرها من دول الخليج.
وقد يؤدي هذا أيضا إلى ارتفاع أسعار الوقود، وهي قضية رئيسية دائما في الحملات الانتخابية الأمريكية، مع اقتراب الانتخابات التي يختار فيها الأمريكيون رئيسا جديدا وكذلك الكونجرس الجديد في الخامس من نوفمبر تشرين الثاني.
وقال ديفيد دي روش، وهو مسؤول سابق بوزارة الدفاع الأمريكية وخبير معني بسياسة الخليج الآن في مركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا التابع لجامعة الدفاع الوطني الأمريكية "لست متأكدا من أن هذا (ارتفاع أسعار النفط العالمية) سيكبح جماح الإسرائيليين". وأضاف أن إسرائيل قد تنظر إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية على أنه فائدة للحملة الانتخابية للرئيس السابق دونالد ترامب.
وصار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الآونة الأخيرة أكثر انحيازا للحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب مقارنة بالحزب الديمقراطي.
خيارات ترتبط بالاقتصاد والإنترنت
يبدو أن الرد العسكري هو الخيار الأرجح، لكن هناك خيارات أخرى لا تتضمن ضربات صاروخية ولا عمليات للقوات الخاصة.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن إنه سيفرض المزيد من العقوبات على إيران. وتحظر العقوبات التي تفرضها واشنطن على إيران بالفعل أي تجارة أمريكية مع الجمهورية الإسلامية تقريبا، كما تشمل تجميد أصول حكومة طهران في الولايات المتحدة وحظر المساعدات الخارجية الأمريكية ومبيعات الأسلحة.
وقال محللون إن إسرائيل قد تستخدم أيضا قدراتها في مجال الحرب الإلكترونية للرد على الضربات الإيرانية.
وألقى الهجوم الإسرائيلي في الآونة الأخيرة بتفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي (البيجر) الذي استهدف جماعة حزب الله في لبنان الضوء على الوحدة 8200 السرية، وهي وحدة مختصة بالحرب الإلكترونية والاستخبارات تابعة للجيش الإسرائيلي قالت مصادر أمنية غربية إنها شاركت في التخطيط للعملية.
اضف تعليق