يتزايد عدم اليقين الذي يُغلِّف جهود التحول الأخضر جراء الغموض الذي يكتنف مستقبل صناعة البطاريات في ظل انكماش الطلب على السيارات الكهربائية؛ الأمر الذي يهدد أهداف خفض الانبعاثات، جاء ذلك في ظل تراجع جديد يشهده قطاع صناعة البطاريات تمثَّل في إعلان شركة (Northvolt AB) خُططًا لتسريح أعداد كبيرة من العاملين لديها...
يتزايد عدم اليقين الذي يُغلِّف جهود التحول الأخضر جراء الغموض الذي يكتنف مستقبل صناعة البطاريات في ظل انكماش الطلب على السيارات الكهربائية؛ الأمر الذي يهدد أهداف خفض الانبعاثات، جاء ذلك في ظل تراجع جديد يشهده قطاع صناعة البطاريات تمثَّل في إعلان شركة نورثفولت إيه بي (Northvolt AB) -أكبر مصنع للبطاريات المتطورة في أوروبا- خُططًا لتسريح أعداد كبيرة من العاملين لديها، وإرجاء الجداول الزمنية المقررة لتنفيذ عدد من مشروعاتها الحالية محليًا وعالميًا؛ لانعدام الجدوى الاقتصادية.
واضطرت الشركة إلى غلق جزئي لمصنعها الأكثر تطورًا في شمال السويد نتيجة ارتفاع تكاليف التصنيع؛ ما يهدد جهود التحول الأخضر وخُطط الحياد الكربوني، وينكمش الطلب على السيارات الكهربائية في أوروبا بعد ظهور عيوب خطيرة بها، اضطر معها المصنعون إلى استدعاء عشرات الآلاف منها، ومن تلك العيوب: حرائق البطاريات وقصر المدى والنطاق إلى جانب التكلفة المرتفعة، ودفعت كل تلك العوامل العديد من شركات تصنيع السيارات إلى تحويل وجهتها إلى المركبات الهجينة والعاملة بالغاز، بحسب متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
التحول الأخضر فقاعة!
يحظى التحول الأخضر بدعم سياسي ومالي قوي، غير أن الاستثمارات الضخمة التي تُضَخ -حاليًا- مثل تلك التي تضخها نورثفولت السويدية الرائدة في مجال إنتاج بطاريات السيارات تواجه تحديات مالية صعبة.
وتثير كل تلك الأوضاع سؤالًا ملحًّا: هل التحول الأخضر مجرد فقاعة؟
يقول المسؤول في شركة التلفزيون السويدي إس في تي (SVT) أليكسندر نورين، إن الأشخاص -غالبًا- ما يبالغون في مدى سرعة التغيرات والتحولات التي ستحدث، لكنهم يقللون من أهمية النتائج الثورية التي ستترتب على تلك التحولات.
ومن المقرر أن يشهد مصنع نورثفولت الكائن في سكيلفتيا شمال السويد غلقًا جزئيًا؛ إذ تكافح مصنعة البطاريات التي كانت تجذب استثمارات ضخمة في السابق جراء تكاليف التصنيع المرتفعة، ومشكلات الإنتاج، إلى جانب انكماش سوق السيارات الكهربائية.
ولم يَعُد هناك خيار آخر أمام نورثفولت سوى ترتيب أوضاعها بما يتناسب مع المستجدات الحاصلة في السوق العالمية، في حال أرادت مواكبة منافسيها ومواصلة عملياتها التجارية.
وفي هذا الصدد أوضح نورين أنه إذا نجحت نورثفولت في تسريع وتيرة إنتاجها، واستطاعت بيع البطاريات وفق الخُطة المقررة؛ فإنها ستقدر على اجتذاب وإدارة رؤوس أموال جديدة، ومن ثم بناء قصة نجاح جديدة، خلال تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
أما إذا لم تستطِع نورثفولت تسريع وتيرة الإنتاج، وإدارة عملياتها بكفاءة، فلن تُجدي نفعًا أي إجراءات أخرى تتخذها الشركة لتقليص عملياتها الأخرى.
خفض التكاليف
تخطط نورثفولت لتقليص القوى العاملة لديها وبيع بعض أعمالها، إضافة إلى البحث عن شركاء في مجال تخزين الطاقة، في حين تتطلع الشركة إلى البقاء في السوق عبر إعادة هيكلة أول مصنع عملاق لها في شمال البلد الإسكندنافي.
وتشهد نورثفولت التي يزيد رأسمالها السوقي الذي تبلغ قيمته 15 مليار دولار، على نظيره في أي شركة ناشئة أوروبية أخرى غير مدرجة، انتكاسةً في الوقت الراهن نتيجة معضلات في مصنعها في سكيلفتيا، إلى جانب التباطؤ في تنفيذ خُطط مصنعي السيارات لكهربة أساطيلها من المركبات؛ ما يهدد مسار التحول الأخضر الذي يمضي فيه العديد من حكومات العالم.
وقررت عملاقة بطاريات السيارات وقف إنتاج المواد النشطة المسُتعمَلة في صناعة الكاثود (القطب الموجب في البطارية)، وشراءها بدلًا من ذلك من شركات صينية أو كورية جنوبية.
إلى جانب ذلك، تبحث الشركة عن شركاء لها في أعمال تخزين الطاقة التي تنفذها في بولندا، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
قرارات جريئة
أكدت نورثفولت أن خُطتها لتقليص القوى العاملة التي يبلغ قوامها -حاليًا- 7 آلاف عامل، ستشتمل على عدد من القرارات الجريئة.
كما كشفت الشركة النقاب عن نواياها في إرجاء بناء 3 مصانع عملاقة أخرى، ضمن مشروع مشترك مع رائدة تصنيع السيارات السويدية فولفو في السويد وألمانيا وكندا.
من جهته، قال المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة نورثفولت بيتر كارلسون: "على الرغم من صعوبة تلك المسألة؛ فإن التركيز على عملنا الرئيس هو كلمة السر في بناء أساس قوي للنمو على المدى الطويل؛ ما يسهم في تحقيق الطموحات الغربية لتطوير صناعة بطاريات محلية".
وأضاف كارلسون: "بناء شركة بطاريات من جديد يُشكِّل تحديًا كبيرًا؛ إذ إنه يتطلب رأسمال ضخمًا، والآن لم يعد أمامنا سوى التركيز على الجوهر، والتعلم من دروس الماضي، وتوسيع نطاق أعمالنا الرئيسة للوقوف على إمكاناتنا الواقعية لتحقيق توقعات عملائنا ومساعدة أوروبا على بناء نظام بيئي مستدام للبطاريات".
خسائر تشغيلية
سجّلت الخسائر التشغيلية لمصنعة البطاريات السويدية زيادةً بأكثر من 3 أضعاف، لتصل إلى 1.03 مليار دولار في العام الماضي (2023) مع مواجهة الشركة تحديات وانتكاسات عدة، وفق ما صرح به الرئيس التنفيذي لشركة نورثفولت، بيتر كارلسون.
وارتفعت إيرادات الشركة إلى ما قيمته 128 مليون دولار في عام 2023، بزيادة من 107 ملايين دولار، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
في المقابل، قالت نورثفولت إنها تستهدف حصةً سوقيةً نسبتها 25% في أوروبا بحلول نهاية العقد الحالي (2030)؛ ما يعادل سعة إنتاجية بنحو 150 غيغاواط.
اضف تعليق