يسعى نتنياهو، في الوقت الحاضر، إلى الاستمرار في الحرب والى التصعيد، لأنها (اي الحرب) هي الوسيلة الوحيدة لإجهاض السيناريو والحيلولة دون مجيء مَنْ لا يحبهم او يضمر السوء والحقد لهم، وهما ايهود أولمرت والرئيس عباس، مع الإشارة الى ان السيناريو يتوقع شخصية فلسطينية اخرى مستقلة، وتحظى بمقبولية من الشعب الفلسطيني...

لقاءات ومؤتمرات تتمْ وتنعقد هنا وهناك، وخاصة في اوروبا، لنخب ومفكرين وسياسيين خارج السلطة، وموضوعها الأساسي ملفات الشرق الأوسط، وبالتحديد ملف فلسطين وإسرائيل. كُرّسَ احدها بل واهمها، للترويج والعمل لتطبيق حّلْ الدولتيّن، وفقاً لما جاء في اتفاقيات أوسلو عام 1993، ولكن برؤية جديدة، تتطلب آليات عمل جديدة ووجوه قيادية جديدة لإسرائيل ولفلسطين .

قيادات على شاكلة مناحيم بيغن والراحل ياسر عرفات، يؤمنان بحل الدولتيّن، ولهما مصداقية ومقبولية لدى إسرائيل وفلسطين. الرؤية تتطلب، بل وتعمل على التخلص من نتنياهو، والعمل على تسهيل وصول سياسي إسرائيلي، على استعداد لتطبيق حّلْ الدولتيّن، وأعتقد أنه لا يوجد في إسرائيل اليوم سياسي اكثر من رئيس وزراء إسرائيل الأسبق ايهود أولمرت، حماساً ومطالبة بحل الدولتين، ولم تمرْ له مشاركة وحضور في مؤتمر او لقاء او محفل داخل و خارج إسرائيل الاّ وله تصريح واضح عن حّلْ الدولتيّن. 

وفي اكثر تصريحاته، يشيد بمواقف وبجهود الرئيس محمود عباس، من اجل حل الدولتين. وفي تصريح له في 2024/8/8، ينصح فيه إيران بعدم الرّدْ على اغتيال الشهيد إسماعيل هنيّة، كي لا تعطي ذريعة لنتنياهو بتوسيع الحرب، ولأن إسرائيل (حسب قوله) لم تتبنْ الهجوم، الذي أدى إلى استشهاد هنيّة .

مَنْ وراء هذا السيناريو، والذي قد يُعلن عنه صراحة في الوقت المناسب والقريب؟

أوروبا بالتأكيد، وكذلك الادارة الأمريكية، وهذا لا يعني ان اللوبي الصهيوني واعضاء الكونغرس الأمريكي، المتشددين منهم والداعمين لنتنياهو يؤيدون هذا السيناريو .

بالتأكيد، نتنياهو والدوائر الصهيونية على علم واطلاع بالأمر، ويسعون إلى إفشاله او إلى عدم ولادته، ومؤشرات على جديّة السيناريو ومؤشرات ايضاً على مسعى نتنياهو لإجهاض السيناريو .

من بين المؤشرات على جديّة السيناريو، والذي يقود إلى انهاء الحرب والبدء بحّل الدولتين هو تأخير إيران للردْ على اغتيال الشهيد هنيّة، ورسائل عديدة وصلت لايران، سواء عبر الوسطاء (قطر ومصر وعمان) او عبر قنوات اوروبية، تؤكد جديّة المسعى لانهاء الحرب و الشروع بحل الدولتين والتخلص من نتنياهو. وعلى ما يبدو ان ايران تتجاوب ايجابياً مع هذه المساعي، ولديها علم واطلاع بحقيقة السيناريو، وليس وهما او كلاما .

يسعى نتنياهو، في الوقت الحاضر، إلى الاستمرار في الحرب والى التصعيد، لأنها (اي الحرب) هي الوسيلة الوحيدة لإجهاض السيناريو والحيلولة دون مجيء مَنْ لا يحبهم او يضمر السوء والحقد لهم، وهما ايهود أولمرت والرئيس عباس، مع الإشارة الى ان السيناريو يتوقع شخصية فلسطينية اخرى مستقلة، وتحظى بمقبولية من الشعب الفلسطيني، ولكن هذا لم يمنعْ نتنياهو من محاربة الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية في رام الله، وفي شتى الوسائل، رغم التعاون والتفاهم اللذين يسودان بين حكومة نتنياهو والسلطة الفلسطينية، تعاون وتفاهم في الجانب الامني والعسكري .

تصريحات ايهود أولمرت، والتي تشيد بالرئيس محمود عباس، ساهمت بتحريض نتنياهو على الرئيس محمود عباس، و اصبح نتنياهو يحارب ليس فقط غزّة، و انما الضفة والرئيس محمود عباس و السلطة الفلسطينية وكذلك مشروع الدولة الفلسطينية.

ويقول نتنياهو صراحة أن ”لا فرق بين عباس والسنوار، الاول يريد القضاء علينا بالتدريج و السنوار يريد القضاء علينا الآن”.

قرار الكنيست الإسرائيلي بتاريخ 2024/7/18، والذي يرفض مشروع اقامة دولة فلسطينية هو الآخر جاء كجهد استباقي لنتنياهو والمتطرفين لهذا السيناريو (عنوان المقال). قد يكون وضع القيادة السياسية العسكرية لحركة حماس او للمقاومة في غزّة أهون من الوضع الذي يواجهه الرئيس محمود عباس. فالرئيس و السلطة الفلسطينية يواجهان عداء وتحديات من اربع جهات: عداء وجنون نتنياهو، عداء اسرائيل بمتطرفيها وأحزابها وسياسييها، وتحديات ومآسي الضفة وغزّة . الطريق امام المقاومة في غزّة مُكلف وصعب ووعر جداً،ولكنه واضح المعالم، ولكن للأسف، لا طريق واضحا امام ألرئيس عباس و السلطة الفلسطينية، وقد نصب لهما نتنياهو، ومن وراء نتنياهو من صهاينة و متطرفين، العداء، رغم تعاون السلطة معهم في اطار التنسيق الامني .

أمام السيناريو الموعود عقبة كبيرة، ألا وهي نتنياهو وحكومته المتطرفة، و التي تحارب في اكثر من جبهة :غزّة وجهود انهاء الحرب، والضفة والسلطة الفلسطينية والدولة الفلسطينية.

اضف تعليق