تقلبات أسواق النفط الحالية تجعلنا نكثف التفكير الجدي في تنوع مصادر الدخل، اذ إن العديد من الدول تبنت هذه الخطط والاستراتيجيات العالمية لاستدامة الدخل القومي واستقرار أسعار العملة والتقلبات السريعة في سلة العملات العالمية، والتخطيط الحقيقي لتهيئة المجتمع وجعله مساهما في بناء المرحلة التنموية المستقبلية لاستدامة مصادر الدخل واستقراره...

أطلق رئيس مجلس الوزراء حزمة من المشروعات في محافظة ذي قار قبل أسابيع، وتكرر الاطلاق في كربلاء خلال زيارته الى المدينة وإشرافه على الزيارة الاربعينية، ومع الضجة الإعلامية التي أحدثتها العملية على وسائل الإعلام وبالخصوص مواقع التواصل الاجتماعي، لاحظنا تخلل الحزمة المعلن عنها من المشروعات مشاريع استراتيجية تخدم المدن والمواطن على المدى البعيد.

كنت أتمنى كما يتمنى ملايين العراقيين بان تشتمل الحزمة العمرانية الجديدة على معمل لجمع وكبس وتدوير النفايات، في الوقت الذي تشهد فيه مدينة كربلاء زيارات مليونية على مدار السنة، مما يؤدي الى تراكم اكوام النفايات على مدخل المدينة والطرق المؤدية اليها.

وتمنيت أيضا ان يأتي من ضمن الإعلان عن المجموعة الكبيرة من المشروعات الإعلان عن مصنع لإنتاج الحديد والصلب او انتاج المواد الكهربائية والمنزلية، المعقدة والبسيطة التي تخدم المواطن والسوق المحلية، لكن وبمرارة أقول ان المشروعات المعلن عنها خالفت المتوقع والمنتظر من قبل جميل المواطنين.

ويدور الحديث عنها مع نهاية كل زيارة مليونية، وكأن المسؤول يريد ان يستمر في التنويم المغناطيسي للأفراد، ويعطيهم جرعة كبيرة من المؤثرات على الرأي العام، تجعلهم ينسون الوعود والاكاذيب خلال عام كامل، حتى حلول الموسم الجديد من المناسبة الدينية.

اسألك أيها المواطن العراقي، كم مرة سمعت عن المترو الذي يربط كربلاء بمحافظتي النجف وبغداد؟

إذا كنت تحت تأثير المخدر او الجرعة الحكومية فلن تجيب بدقة عن هذه السؤال، وليس حرصا منك على سمعة الحكومة من التضعضع، ولكن لا تستطيع ان تحصي المرات التي طرقت فيها اسماعك هذه التصريحات والنيات والعزيمة الممزوجة بالرغبة المفرطة للتخلص من المشكلات المتعلقة بنقل الزائرين وتفويجهم العكسي الى مدنهم.

من بين المشروعات المطروحة للتنفيذ هي ذات أمد قريب وفائدة وقتية مباشرة، والحديث هنا عن الطرق التي من المؤمل الشروع بها في الأشهر القليلة القادمة، كربط مدينة كربلاء بخط السريع الدولي.

صحيح ان الربط بالطريق الدولي يحمل قدرا من الأهمية بالنسبة لساكني هذه المدينة وكذلك بالنسبة لمرور البضائع والسلع عبرها الى المحافظات القريبة وباقي المدن العراقية، لكن في نفس الوقت الأهم من ذلك الشروع والجدية بتنفيذ المدينة الصناعية التي تتضمن (مصنع الغازات الصناعية) بطاقة إنتاجية تبلغ 1000 طن/ يوم، و(مصنع الزيوت البيضاء) بطاقة 1000 م3/ يوم، و(مصنع المذيبات العضوية)، بالطاقة ذاتها، و(مصنع التقطير الفراغي)، بطاقة 2500 طن/ يوم".

الحديث عن هذه المشروعات الصناعية يكسوه الخوف من عدم الجدية والاندثار بمرور الوقت، وهو المصير الذي واجهه مشروع السكك الحديدة الذي كثر الحديث عنه منذ أكثر من عقد، لحل ازمة النقل، ففي كل عام يطفوا الى السطح ومن ثم يعاود الاختفاء تحت تأثير المثبطات الحكومية.

تقلبات أسواق النفط الحالية تجعلنا نكثف التفكير الجدي في تنوع مصادر الدخل، اذ إن العديد من الدول تبنت هذه الخطط والاستراتيجيات العالمية لاستدامة الدخل القومي واستقرار أسعار العملة والتقلبات السريعة في سلة العملات العالمية، والتخطيط الحقيقي لتهيئة المجتمع وجعله مساهما في بناء المرحلة التنموية المستقبلية لاستدامة مصادر الدخل واستقراره، بعيدا عن الاعتماد الكبير على النفط المتأثر استقرار أسعاره بالأحداث والحروب والكوارث العالمية.

حكومة السوداني تعرف ان من أهم الخطوات التي يجب تطبيقها هي الاستثمار بالصناعات التحويلية، التي سوف تحرك عجلة الاقتصاد بشكل كبير وتشغل العمالة الوطنية وتقلل استيراد السلع التي تصنع من المواد الأولية النفطية، وتدر على البلد موردا ماليا مضاعفا.

وما لا نعرفه نحن المواطنين هو هل ان العام الحالي فعلا عام الإنجازات؟، ام جرعة جديدة من جرع المسكنات التي اعتادت الحكومات على ضخها في عروق مواطنيها لتمنح نفسها قدرا من الراحة والابتعاد عن ضغط الرأي العام المستتر.

اضف تعليق