ان سوء الأوضاع الذي يعاني منه العراق لا يجب أن يكون سببًا للتوقف عن الحلم والتطلع لبناء دولة حضارية حديثة، بل يجب أن يكون الدافع الأبرز لذلك. إن التجارب العالمية تثبت أن الدول التي خرجت من أزماتها كانت بفضل تبنيها لمفاهيم الدولة الحديثة، والعراق ليس استثناءً. بوعي وإرادة جماعية...

في خضم الأوضاع الصعبة التي يعاني منها العراق، يبرز لدى البعض تساؤل حول جدوى الحديث عن الدولة الحضارية الحديثة. يرى هؤلاء أن الواقع المزري يجعل التطلع لمثل هذه الدولة ضربًا من الخيال. لكن في الحقيقة، إن دلالة سوء هذه الأوضاع تكمن فيها ضرورة الحديث والتطلع لهذه الدولة الحضارية الحديثة، لأنها تمثل السبيل الأمثل للخروج من هذا المأزق.

أسباب سوء الأوضاع:

الأوضاع السيئة التي شهدها العراق ناتجة عن تراكمات متعددة من الفساد، وسوء الإدارة، والنقص في البنية التحتية، والتحديات الأمنية. هذه المشاكل لا يمكن حلها بالنظريات والتوجهات القديمة التي لم تنتج سوى المزيد من الكوارث.

مفهوم الدولة الحضارية الحديثة:

الدولة الحضارية الحديثة هي الدولة التي تسعى لتطوير جميع مؤسساتها وفق معايير حديثة وعصرية تضمن رفاهية مواطنيها. هي دولة تعتمد على التكنولوجيا والابتكار في تحسين جودة الحياة، وتكفل حقوق الإنسان، وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز التعليم والبحث العلمي في اطار منظومة القيم الحافة بالمركب الحضاري للدولة والمجتمع والتي تضمن تحقيق هدفين في ان واحد هما: الوفرة في الانتاج والعدالة في التوزيع.

أهمية الدولة الحضارية الحديثة في العراق:

1. معالجة الفساد:

  - الدولة الحضارية الحديثة تعتمد على الشفافية والمسائلة في مؤسساتها. من خلال تطبيق أنظمة رقابة فعّالة، وتقنيات حديثة للحد من الفساد، يمكن تحويل المال العام إلى مشاريع تنموية فعلية تخدم المواطن.

2. تحسين البنية التحتية:

  - بالاستفادة من التكنولوجيا الحديثة يمكن تطوير بنية تحتية متقدمة تضمن توصيل الخدمات الأساسية بكفاءة ومرونة، مثل الطرق، والكهرباء، والمياه الصالحة للشرب.

3. تحقيق الأمن:

  - الاعتماد على تكنولوجيا الأمن والمعلومات يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في مجال الأمن الداخلي والدفاع الوطني، ما يحقق الاستقرار والسلم داخل البلاد.

4. تعزيز التعليم والبحث العلمي:

  - التعليم هو أساس بناء أي دولة حديثة. من خلال تحديث المناهج الدراسية، والاستثمار في البحث العلمي، يمكن تحقيق نقلة نوعية في مستوى التعليم مما يفضي إلى إعداد كوادر قادرة على قيادة البلاد نحو مستقبل أفضل.

5. تحقيق العدالة الاجتماعية:

  - عبر تبني أنظمة قانونية فعّالة تراعي حقوق جميع أفراد المجتمع، يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية والتقليل من الفوارق الطبقية والحفاظ على كرامة الإنسان.

6 . القضاء على الفقر

- وذلك من خلال توفير تعليم مجاني وعالي الجودة للجميع يزيد من فرص العمل ويحسن الأوضاع الاقتصادية. اضافة الى توفير رعاية صحية مجانية أو ميسرة يساعد الأشخاص في الحفاظ على صحتهم وقدرتهم على العمل. ومن ثم خلق فرص عمل وتحفيز الاستثمار في المجالات المختلفة يساعد في توفير دخل مستدام للأسر. و تطبيق سياسات حكومية عادلة تضمن توزيع عادل للثروات وتقديم المساعدات للأسر المحتاجة. اضافة الى دعم المشروعات الصغيرة ومساعدة الأفراد في بدء عملهم الخاص وتحقيق استقلال مادي. واخيرا توفير تدريب مهني للفئات المحتاجة يعزز من مهاراتهم وفرص الحصول على عمل.

ان سوء الأوضاع الذي يعاني منه العراق لا يجب أن يكون سببًا للتوقف عن الحلم والتطلع لبناء دولة حضارية حديثة، بل يجب أن يكون الدافع الأبرز لذلك. إن التجارب العالمية تثبت أن الدول التي خرجت من أزماتها كانت بفضل تبنيها لمفاهيم الدولة الحديثة، والعراق ليس استثناءً. بوعي وإرادة جماعية، يمكن تحقيق هذا الحلم وجعل العراق نموذجًا يحتذى به في النهضة والتقدم الحضاري.

اضف تعليق