وللحد من ظاهرة العمالة الأجنبية المنفلتة يجب ان تتم عبر ضبط الحدود البرية مع دول الجوار المتاخمة، وملاحقة شركات التوظيف الوهمية وغير المسجلة، ومتابعة العمالة الأجنبية من خلال جمع البيانات والتنقلات ومراقبتهم ميدانيا، وهذا يعتمد ايضا على وعي المواطنين وحرصهم على سلامة بلدهم العراق فضلا عن...
يحظى الامن المجتمعي العراقي الذي هو عماد الامن الوطني بأهمية قصوى لدى الحكومات الحريصة على أمنها القومي والتي تحاول تنظّيم عمل واقامة العمالة الاجنبية الوافدة اليها بجملة من القوانين والتشريعات حفاظا على امنها القومي وسلامة مواطنيها، ولاتوجد اية دولة في العالم في معزل عن هذه الفرضيات، فكلها تحتاج الى عمالة اجنبية حتى الدول المتقدمة منها لتساهم في عملية التنمية وادارة مفاصل الاقتصاد الوطني جنبا الى جنب مواطنيها.
ومن الطبيعي ان لايشذّ العراق عن تلك القاعدة، ورغم وجود الكثير من التشريعات التي تتعاطى مع ملف العمالة الوافدة مثل: (من شروط قبول العامل الأجنبي عدم وجود أي موانع أمنية تحولُ دون دخوله البلاد، ولكن يمنح قانون العمل العراقي الأولوية دائماً للعامل العراقي وذلك: 1 ـ لا يعتبر العامل الاجنبي المقيم بشكل قانوني في العراق من اجل العمل في وضع غير قانوني او غير نظامي لمجرد انه فقد وظيفته 2 - لا يجوز للأجنبي العمل في العراق الا بعد الحصول على اجازة العمل التي تصدرها الوزارة. 3 - تصدر اجازة العمل على اساس ما تقتضيه حاجة العراق للأيدي العاملة )... الخ وغيرها من القوانين.
ومع ذلك تشير الكثير من التقارير الخبرية الى الاطاحة ببعض المتسربين من الوافدين المخالفين لشروط الاقامة والبعض منهم يقوم بأعمال اجرامية يعاقب عليها القانون كالتسليب وتكمن الخطورة في التأثير الكبير لهؤلاء على الأمن الوطني العراقي والسلم الأهلي ولكن كواقع حال: مازال الكثير من العراقيين يعيشون تحت مستوى الفقر والكثير منهم يعانون من شحة التوظيف الحكومي او ندرته في القطاع الخاص فضلا عن شحة الخدمات وضعف المستوى المعاشي خاصة الطبقات الفقيرة.
والمعروف ان آلافا او مئات الآلاف من الوافدين يعملون في العراق وفي الكثير من المهن خاصة الوضيعة منها وبأجور زهيدة او في التسول او في امور غير لائقة اجتماعيا ومن المرجح ان يربو عددهم على مليون وافد بل ازيد من ذلك، وهم من جنسيات مختلفة شرق آسيوية او شرق اوسطية او من دول الجوار يشكّلون بتواجدهم الذي يكون في الكثير من الاحيان غير مشروع خللا واضحا في التوازن الديموغرافي والسكاني في العراق، وتخلخلا بيّنا في وفرة العملة الصعبة للبلد اذ تبلغ حجم الحوالات المالية للعمالة الأجنبية إلى خارج العراق مليارات الدولارات وهذا يشكّل استنزافا للعملة الصعبة للبلد، وتعارضا جليّا في توزيع المهام والوظائف بين ابناء الوطن، فهؤلاء يتنافسون معهم على تلك الوظائف ولايتورعون عن استلام ادنى الاجور مقابل خدمات بسيطة كالمبيت المجاني والاكل الرخيص.
وتبقى الاسئلة التي تدور في المخيال الجمعي الوطني دون جواب مقنع حول تواجد هذه الاعداد الغفيرة من الوافدين وبدون ضوابط قانونية تشرعن وتقنّن وجودهم في بلد مازال يشكو من البطالة وبأشكالها ومن هو المستفيد من وجود هؤلاء مع تفشي ظاهرة الاجرام المنظم كالسرقة والقتل العمد وتوزيع المخدرات والتسول والدعارة والجريمة المنظمة وعصابات التسليب والمخدرات؟ وما هو دور المنافذ الحدودية والجهات الامنية المختصة في الحدّ من تواجد هؤلاء واين الرقابة عنهم؟ وهل يستدعي واقع العمل في العراق وجود عمالة اجنبية مساندة وبهذا الزخم واهل الدار اولى بها؟
ولكن تبقى الانباء عن تسرب الكثير من الاجانب حفيظة وقلق الرأي العام العراقي الذي بقي يتساءل عن سبب وهدف وعلة تسرب هؤلاء على التراب الوطني رغم نفي حكوماتهم لذلك.
وللحد من ظاهرة العمالة الأجنبية المنفلتة يجب ان تتم عبر ضبط الحدود البرية مع دول الجوار المتاخمة، وملاحقة شركات التوظيف الوهمية وغير المسجلة، ومتابعة العمالة الأجنبية من خلال جمع البيانات والتنقلات ومراقبتهم ميدانيا، وهذا يعتمد ايضا على وعي المواطنين وحرصهم على سلامة بلدهم العراق فضلا عن الحكومة انطلاقا من شعار (العراق اولا).
اضف تعليق