من كان يظن، حتى وقت قريب، ان السعودية وتركيا قد تتنازل عن صيغة (جنيف 1و3) او شرط (رحيل الاسد) او باقامة (منطقة امنة)... الى لقاء وصف بانه (غير مسبوق) تجتمع فيه مع روسيا والولايات المتحدة الامريكية، لمناقشة مقترحات روسية وامريكية قد تفضي في نهاية الامر الى مخرج سلمي ينهي الصراع الدامي بعد خمس سنوات ادت الى قتل (250) الف انسان، وهروب الملايين من بطش العمليات العسكرية والجماعات المتطرفة.
جربت السعودية وتركيا تقريبا كل شيء من اجل الاطاحة بالاسد، لكن النتيجة كانت دخول روسيا لحماية حليفها، واجبار المعارضين للنظام السوري للحوار حول مستقبل سوريا، وربما البحث عن حل حقيقي يوقف الحرب الاهلية داخل سوريا وارتداداتها على المنطقة باسرها، سيما مع فورة الارهاب العالمي بعد الفوضى التي جلبها (الربيع السوري)... الذي وان كان مشروعا للمطالبة بالحقوق ورد المظالم... الا ان الايادي التي دفعت باتجاه الصراع المسلح ادارت دفة الاحتجاجات (180) درجة كاملة.
عندما يجتمع الاربعة الفاعلين في الازمة السورية، (روسيا) الحليف الاقرب الى الاسد، (الولايات المتحدة الامريكية) التي تحاول المحافظة على جميع الخطوط بين يديها، (السعودية) التي استخدمت جميع حيلها القديمة في اسقاط نظام (منتهي الصلاحية) بالنسبة لها، (تركيا) المراهن الاكبر على سقوط النظام بسرعة البرق... لتجد نفسها (حكومة حزب العدالة والتنمية)، وسط فوضى الارهاب والمعارضة التي لم تحسب حسابها... هذا الاجتماع سيكون عاصفا بالتاكيد... لان الاختلاف في توجهات كل طرف يفوق البعد بين الارض والسماء.
بعد التدخل الروسي والسكوت الامريكي، ادرك الحلفاء (تركيا والسعودية)، او هكذا يبدو، ان خيوط اللعبة في سوريا لا تنسجم وتوجهاتهم القديمة في اسقاط سريع للاسد وانهيار تام للنظام واحلال حكومة من المعارضة القريبة من تركيا او السعودية... فالواقع يفرض سيناريو مغاير لتطلعات المعارضين.
اغلب الظن ان حديث وزراء الخارجية الاربعة سيدور حول السيناريو الافتراضي الجديد والتطمينات المتوقعة في تطبيقه... وربما سيدور النقاش حول:
- الموافقة الضمنية على بقاء الاسد ونظامة لفترة انتقالية محددة.
- استعداد الاسد لفتح حوار مع المعارضة السياسية بصورة مباشرة.
- الاعتراف بدور روسي في سوريا، وهي شراكة ترغب فيها الولايات المتحدة الامريكية اكثر من غيرها.
اما التطمينات:
- تقليل الدور الايراني مقابل الدور الروسي، ولعل هذا احد اسباب غياب ايران عن الاجتماع الرباعي.
- تحديد فترة زمنية للعملية الانتقالية، وتحديد مراحل عملية الانتقال السياسي للسلطة.
- عدم دعم الجماعات المسلحة او المتطرفة التي تحاول تقويض النظام، وهو شرط روسيا الاساسي.
- الاتفاق المشترك على اختيار المعارضة التي ترضي الطرفين وتكون مقبولة لقيادة سوريا في المستقبل، وهو امر يتضمن كافة تفاصيل العملية السياسية بالتوافق.
لكن لا يمكن ضمان الريح التي قد تغير مسارات السفن في اللحظات الاخيرة... سيما وان الاحتمال برفض المقترحات، او التعديل عليها، هو احتمال بنسبة عالية، وقد يؤدي الى انهيار المفاوضات، مثلما حدث في السابق، وفي حال وقع الخلاف... الا ان مراقبون ومحللون يرون ان الاتفاق بات وشيكا اكثر من اي وقت مضى... لان جميع الاطراف باتت تدرك ان سوريا تحولت الى (ثقب اسود) يدمر من حوله بلا هواده.
اضف تعليق