عملية التحول الديمقراطي تعني الانتقال من نظام حكم غير ديمقراطي، كالنظم الدكتاتورية أو العسكرية، مثل النظام البعثي الذي حكم العراق اكثر من ٣٥ سنة، إلى نظام حكم ديمقراطي حيث يتم انتخاب القادة من خلال انتخابات حرة ونزيهة، وتكون هناك سلطة قضائية مستقلة، وحرية للإعلام، وحماية لحقوق الإنسان، واستقلالية المجتمع عن الدولة...

نشر الدكتور الاستاذ عامر حسن فياض مقالا مهما عن "ماهية التحول الديمقراطي"، قال في نهايته ان العراق "يقف في مرحلة الانتقال الى مرحلة التحول الديمقراطي وكذلك بالتاكيد لم يعش بعد هذه المرحلة".

وكانت كل الادبيات المعلنة من طرف المعارضة العراقية والولايات المتحدة التي قامت باسقاط النظام الدكتاتوري واحتلال العراق تتحدث عن اقامة نظام ديمقراطي في العراق. ونص دستور عام ٢٠٠٥ في مادته الاولى على ان "جمهورية العراق دولة اتحادية واحدة مستقلة ذات سيادة كاملة، نظام الحكم فيها جمهوري نيابي (برلماني) ديمقراطي." وفعلا اجريت انتخابات دورية لتشكيل البرلمان، لكن النظام البرلماني لم يطبق بحذافيره وتحول الى ما يسمى بالنظام المجلسي، وغابت المعارضة الحقيقية في البرلمان، واضحت الديمقراطية شكلا يغطي حقيقة النظام الاوتوقراطية الانتخابية، كما يسمى في الاوساط الاكاديمية. ما هي عملية التحول الديمقراطي؟

وعلى مستوى التعريف فان عملية التحول الديمقراطي تعني الانتقال من نظام حكم غير ديمقراطي، كالنظم الدكتاتورية أو العسكرية، مثل النظام البعثي الذي حكم العراق اكثر من ٣٥ سنة، إلى نظام حكم ديمقراطي حيث يتم انتخاب القادة من خلال انتخابات حرة ونزيهة، وتكون هناك سلطة قضائية مستقلة، وحرية للإعلام، وحماية لحقوق الإنسان، واستقلالية المجتمع عن الدولة، وقطاع خاص قوي يستوعب القسم الاعظم من القوة العاملة في المجتمع.

التحديات التي أعاقت الديمقراطية في العراق:

لكن عملية التحول الديمقراطي لم تجر بسلام لاسباب عديدة وواجهت العديد من التحديات منها: 

1. العنف والإرهاب: منذ سقوط النظام الدكتاتوري، شهد العراق اضطرابات عديدة، بما في ذلك ظهور تنظيمات إرهابية كتنظيم القاعدة وداعش، مما عقّد جهود الاستقرار.

2. الفساد السياسي: الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية أدى إلى فقدان الثقة في الديمقراطية وتحقيق تقدم محدود على صعيد الخدمات العامة والتنمية.

3. التدخلات الخارجية: التدخلات الإقليمية والدولية أثرت على السيادة العراقية وأدت إلى تعقيد الوضع السياسي الداخلي.

4. الطائفية: النزاعات الطائفية بين المكونات المختلفة للشعب العراقي أدت إلى عدم استقرار سياسي ومجتمعي.

5. ضعف المؤسسات: ضعف المؤسسات الحكومية والقضائية جعلها غير قادرة على تنفيذ القوانين بشكل فعال أو تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

6. القادة غير الديمقراطيين: ولعل في مقدمة هذه التحديات والاسباب هو تولي قيادة الحكم والتشريع في الدولة قادة هم في الاعم الاغلب غير ديمقراطيين الامر الذي انعكس سلبيا على عملية التحول الديمقراطي.

كيفية مواجهة هذه التحديات

1. تحقيق الأمن والاستقرار: تعزيز القوات الأمنية وتحسين الاستخبارات لمكافحة الإرهاب والعنف.

2. مكافحة الفساد: تشكيل هيئات مستقلة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في جميع المجالات.

3. تعزيز التوافق الوطني: تشجيع الحوار بين مختلف الطوائف والقوى السياسية للوصول إلى توافق وطني يضمن تحقيق السلام والاستقرار.

4. تطوير المؤسسات: بناء مؤسسات قوية ومستقلة قادرة على تطبيق القانون وتقديم الخدمات بشكل فعال.

5. دعم المجتمع المدني: تعزيز دور منظمات المجتمع المدني في مراقبة أداء الحكومة والمشاركة في صياغة السياسات.

6. القطاع الخاص: تعزيز دور القطاع الخاص في الحياة الاقتصادية لضمان استقلالية المجتمع عن الدولة وتقليل اعتماد المواطنين على الوظائف الحكومية. 

7. الثقافة الديمقراطية: نشر الثقافة الديمقراطية في الأوساط الشعبية والشبابية. 

احتمالات المستقبل

1. سيناريو التفاؤل: إذا ما تم تحقيق الإصلاحات اللازمة وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني، من الممكن أن يشهد العراق تقدماً على صعيد الديمقراطية والتنمية الاقتصادية.

2. السيناريو الواقعي: استمرار وجود بعض التحديات الأمنية والسياسية، ولكن مع تقدم طفيف نتيجة الإصلاحات الجزئية والتوافقات السياسية.

3. السيناريو التشاؤمي: إذا لم يتم التعامل بجدية مع التحديات الحالية، قد يستمر الوضع في التأزم ويشهد العراق مزيداً من الاضطرابات السياسية والأمنية.

تعتمد احتمالات المستقبل على مدى جدية وجدية الإصلاحات التي تتم في الوقت الراهن ومدى تعاون مختلف الأطراف السياسية والشعبية في العراق.

علما بان ترسيخ الديمقراطية، ثقافة وممارسات ومؤسسات، من الشروط الاساسية لاقامة الدولة الحضارية الحديثة. 

اضف تعليق