ان حديثي يأتي من باب معرفة الأسباب، والسعي الى ما هو أمثل، فلا يليق بنا أن نكون على هذه الحال، ويفترض بنا ألا نقدم للآخر الحاقد علينا بالأصل الدليل على ادانتنا وتشويه صورتنا، كما شوهت التنظيمات الارهابية صورة الاسلام لدى الرأي العام...
أرجو ألا يزعل مني أحد، او يفسر كلامي على غير ما أقصد، فلست من الذين يروق لهم تشويه الأشياء الجميلة، كما ليس من طبعي الانتقاد دون سبب، ولست انتقائيا يركز على السلبيات ويتغافل عن الايجابيات، وان كانت الأخيرة في بلداننا المغلوب على أمرها قليلة قياسا الى ما يبعث في النفس احباطا، ويملأ الروح يأسا، حتى تكره نفسك لكثرة ما تراه ولا تستطيع تغييره، لا بيدك ولا بلسانك، وليس أمامك سوى التمني وذلك أقل حتى من أضعف الايمان، ومع ذلك حرصت على الدوام أن أكون موضوعيا متجردا من نوازعي وميولي ورغباتي عند الكتابة والحديث، فصحفي متواضع مثلي لا يمكنه الا اعتماد الحقيقة، وخاصة تلك التي يراها الناس بأعينهم، لأكون مقنعا وصادقا في تفسير دلالات الأشياء وايضاح بواطنها.
وقبل أن أتحدث عما رأيت، أتمنى أن يفهم قراء كلامي: ان حديثي يأتي من باب معرفة الأسباب، والسعي الى ما هو أمثل، فلا يليق بنا أن نكون على هذه الحال، ويفترض بنا ألا نقدم للآخر الحاقد علينا بالأصل الدليل على ادانتنا وتشويه صورتنا، كما شوهت التنظيمات الارهابية صورة الاسلام لدى الرأي العام، وان كنا نعرف انها ليست بأكثر من أدوات بيد مخابرات أجنبية لا تريد خيرا لبلداننا، بل تعمل على اذلالها، وابقائها في وحل التخلف تتقاسمها الصراعات والسباحة في بحر من الدم ليست له نهاية معلومة.
ربما مللتم استهلالي، وفي دواخلكم تستعجلونني لقول ما أريد قوله، وربما ينبري لي أحدهم ليقول: يا رجل لماذا تلف وتدور قبل ابلاغنا بالأمر كأنك الجاحظ وطه حسين في كتاباتهما؟، صدقني يا أخي: التقليد ليس من طباعي، وان كان هو الخطوة الأولى الممهدة ليكون لك اسلوبا يميزك عن الآخرين.
ومع اني أجهد من أجل اسلوب خاص في الكتابة، لكن هذا اللف والدوران الذي ترونه، ربما سببه التردد الذي ينتابني من الحديث عن الموضوع، وتحسبا من فهمه على غير ما أريد، فينالني من النعوت ما لا أستحق، فأكثر ما يحزن المرء أن يشتم، بينما نواياه نبيلة ودوافعه سليمة، ويتطلع لصورة جميلة يرسمها الآخرون عنا نحن العرب والمسلمون.
لقد زرت مؤخرا بلدا متنوع القوميات والأديان والمذاهب، وتجولت في مناطق المسلمين من المذهبين السني والشيعي، كما زرت مناطق يسكنها اخواننا المسيحيون، وما لفتني في تجوالي نظافة المناطق المسيحية وقذارة المناطق الاسلامية، واستغربت ذلك، ولم أجد له تفسيرا، مع ان ديننا الاسلامي الحنيف يحث على النظافة، ولعل أبرز ما ورد في تراثنا العميق بمعانيه (النظافة من الايمان) و(تنظّفوا ان الاسلام نظيف)، لكني لم أجد تجسيدا لهذه المقولات في غالبية بلداننا الاسلامية التي رأيت بعضها بعيني، وبعضها الآخر عبر مواقع التواصل او من خلال تقارير بثتها الفضائيات.
بالتأكيد لا يمكنني تحميل الجهات البلدية لوحدها مسؤولية ذلك، فالمواطن يتحمل جزءا مماثلا من المسؤولية، فعندما يكون لا مباليا وقذرا وليس له من روح المبادرة شيء، تعجز معه أكبر البلديات في العالم، أنظر الى بيوت غير المسلمين فأرى أغصانا متدلية من الأسيجة، ومزهريات زهور معلقة على الشرفات، بينما غالبية بيوتنا وشوارعنا وساحاتنا فقيرة جماليا، بل ان الأزبال تُرمى قرب الحاويات وليس بداخلها وهي فارغة.
اضف تعليق