اليوم وفي عهد بايدن ونحن على اعتاب فوز محتمل اخر لترامب او احتمال حكم بالسجن عليه تعود فكرة الانفصال والحرب الاهلية من جديد... ما يمكن توضيحه فيما يخص الانقسامات الامريكية هو انها وصلت الى حد اللامعقول في رفض الحلول الوسط التي قد تحل مشاكل البلاد المتفاقمة...

هذا الفيلم كتب وقيل عنه الكثير وقد شاهدته مؤخرا، الفيلم مصور باتقان كفيلم حركة لكنني تمنيت لو اهتم صانعوه (الكاتب والمخرج الانكليزي الكسندر غارلاند) بالسيناريو اكثر وعالج الظروف التي قد تقود الولايات المتحدة الى الحرب الاهلية.

بدلا من ذلك طرحت جمل محدودة مثل "تمديد الرئيس الامريكي لنفسه لولاية ثالثة" و"استخدام القوة الجوية لقصف مدن امريكية" وا"لكذب على الشعب والعيش في فقاعة من الاوهام عن النصر على الولايات المتمردة" (تخالف تكساس وكاليفورنيا - وهم في قمة النقيض في الحقيقة!).

وحتى شخصيات الفيلم من الصحفيين كانت غير واقعية الى حد ما (مثل قبول مصورة محترفة ان تصطحبها مصورة مبتدئة لا تعرفها في مهمة صحفية!)

ما يهمني هنا هو مناقشة هذه الفكرة: هل يمكن ان تندلع حرب اهلية في الولايات المتحدة؟ هذا الموضوع زاد الاهتمام به خلال السنوات الاخيرة خصوصا بعد حادثة اقتحام مبنى الكابتول في 2021، الحقيقة ان الولايات المتحدة ومنذ عام 1993 وتولي بيل كلينتون الرئاسة لم تشهد ابدا اي رئيس يوحد البلاد. فبيل كلينتون كرهه الجمهوريون والمحافظين وفي عهده ظهر المحافظون الجدد.

وبوش الذي خلفه كان مكروها جدا بين الديموقراطيين والليبراليين واليسار، ثم خلفه اوباما الذي ظهرت في عهده حركة حزب الشاي ثم انتهى عهده بظهور ترامب، وفي عهد الاخير وصل الاستقطاب السياسي الى حد لم يتخيل احد الوصول اليه واصبح الكره بين اليسار واليمين او الليبراليين والمحافظين الى حد غير مسبوق.

واليوم وفي عهد بايدن ونحن على اعتاب فوز محتمل اخر لترامب او احتمال حكم بالسجن عليه تعود فكرة الانفصال والحرب الاهلية من جديد... ما يمكن توضيحه فيما يخص الانقسامات الامريكية هو انها وصلت الى حد اللامعقول في رفض الحلول الوسط التي قد تحل مشاكل البلاد المتفاقمة.

فمثلا يرفض الجمهوريون وباصرار سخيف فكرة التعديل الضريبي بما يجعل الضرائب اكثر عدالة حيث يدفع الفقراء نسب اعلى من مدخولهم الضعيف مما يدفعه الاثرياء. كما يرفض الجمهوريون ايضا فكرة رفع الحد الادنى للاجور الذي لا يزال 8 دولارات بالساعة منذ عقود!

من جهة اخرى يرفض الديموقراطيون وبشكل سخيف فكرة تطبيق القانون في الحدود ويصرون على فتح البلاد لكل من هب ودب من المهاجرين غير الشرعيين الى الحد الذي اغرق البلاد ب 10 ملايين مهاجر غير شرعي في عهد بايدن وحده! 

وفيما يخص الجريمة يصر الجمهوريون وبغباء على رفض اي تقييد لانتشار السلاح في حين اقرت العديد من المدن الديموقراطية قوانين سخيفة تمنع عقوبة السجن لكل من يسرق ما لا يقل عن حوالي 1000 دولار والنتيجة فوضى عارمة من اللصوص!

وفي قضية الاجهاض يصر بعض الجمهوريين على رفضه تماما في حين يتمسك الديموقراطيين على السماح به دون اي قيد او شرط وفقا لارادة المرأة فقط.

وحتى في السياسة الخارجية هناك اختلافات مثل تمسك الجمهوريين بدعم اسرائيل دون قيد او شرط في حين يشهد الحزب الديموقراطي نوعا من الانقسام في هذه القضية بين يسار الحزب والتقليديين.

السؤال الاهم: هل تصل الاختلافات الى حد الاقتتال؟ 

ما شاهدته ولاحظته ان هذه الاختلافات هي في واقع الامر مناطقية اكثر من كونها سياسية. بمعنى تميل كثير من المناطق الساحلية المطلة على المحيطين الاطلسي والهادئ الى الديموقراطيين ومعها بعض من ولايات الشمال في حين تميل الولايات الوسطى وكثير من الجنوب نحو الجمهوريين. 

وهناك كره ونفور حقيقي بين ولايات مثل نيويورك وكاليفورنيا تجاه تكساس مثلا والعكس صحيح.

هذا النفور انا لا اعتقد انه وصل الى حد الانفجار لكنه امر غير مستبعد... من الجدير بالذكر انه وفي اذار 2024 كان هناك 45 مليون امريكي من الديموقراطيين و35 مليون من الجمهوريين و 32 مليون من المستقلين و 4 ملايين ممن ينتمون او يؤيدون أحزابا أخرى.

اضف تعليق