نحن لا نُشكل على عمل أعضاء المجالس النيابية او المحلية، بالقدر الذي نطمح الى مأسسة العمل ليكون أكثر نفعا وأكثر خدمة للمواطنين، فالطريقة السائدة بالوقت الحالي يمكن ان تكون مجرد علاج يعطى لمريض يعاني من مرض عضال، يعود اليه الألم بعد انتهاء مفعول العلاج...

خطوة مهمة وتُحسب للنظام السياسي العراقي فتح مكاتب لأعضاء البرلمان في محافظاتهم لتكون حلقة وصل بين المواطن والسلطة التشريعية، وكذلك انتهج أعضاء مجالس المحافظات نفس النهج في فتح ابواب مكاتبهم لاستقبال المواطنين من اجل النظر في مشاكلهم في محاولة منهم لإيجاد الحلول لبعضها.

في المنظور العام تعد عملية فتح المكاتب النيابية في المحافظات من الممارسات السياسية الصحيحة، ليكون أعضاء مجلس النواب ومجالس المحافظات على مقربة من جماهيرهم، يعرفون كل صغيرة وكبيرة عنهم، يشعرون بكل ما يشعر به المواطن، يطلعون على معاناة الملايين التي تبحث عن حلول دائمة وليس مؤقتة.

تكتظ مكاتب السادة النواب بالمراجعين بحثا عن مغيث يغيثهم، وما اكثرها المشاكل التي تحتاج الى تدخل مباشر من قبل النواب لحلها، ولعل بعض المشاكل يمتد عمرها لسنوات يتعلق بعضها بالحقوق المشروعة والحاجات الإنسانية الضرورية، كتبعيد طريق او نصب محول كهربائي، او شمول منطقة بالمياه الصالحة للشرب وغيرها من الأمور التي لا تحتاج الى الحاح المواطن لقضائها.

السؤال المتداول للطرح هنا، الى أي متى يمكن لهؤلاء النواب متابعة الكم الهائل من الحالات؟

الحالات التي يستقبلها النائب تصل في بعض الأحيان الى المئات يوميا، وما يلفت الانتباه تعهده بقضاء جميعها عبر التفاهم مع الجهات المعنية ومحاولة تذليل الموانع التي وقفت بطريقها على مدى سنوات او شهور، فكيف يمكن تحقيق ذلك؟

من الاستحالة تحقيق جميع هذه المطالب نظرا لكثير من الاعتبارات، من بينها ان بعضها طلبات غير قانونية وغير مشروعة في الأساس، كأن يكون شمول أحد بشبكة الرعاية الاجتماعية في الوقت الذي لا تنطبق الشروط الموضوعة من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على مقدم الطلب، لكنه يمني نفسه بالشمول عن طريق النائب.

الموضوع خارج الضوابط القانونية فكيف لنائب ان يتعامل مع ملف غير قانوني او موضوع مثل هذه الموضوعات، او يكون الموضوع المقدم عن نقل تربوية او تربوي من المناطق النائية لظرف او لآخر، وتفضيل الراحة الشخصية على حساب العملية التربوية وان لم يحدث النقل يتحول مثل هذه الشخصيات الى بوق دعائي مضاد يحاول التسقيط بسمعة النائب.

اركان قضاء حاجات المواطنين غير مكتملة في بعض الأحيان، فإذا كان الطلب صحيح ومشروع ولحق بالمواطن ظلم في نقطة معينة، فمن اين يأتي النائب في البرلمان او مجلس المحافظة بالسلطة التي تجبر مدير دائرة او مؤسسة حكومية على تنفيذ الامر بما يخدم المواطن؟

ومن الأركان الأخرى الغائبة هو كثرة المعاملات، وليس من المنطق قدرة النائب على متابعتها بصورة دقيقة ولجميع مراحلها، فقد يكتفي بتوجيه استفسار لدائرة ما، ويعطي نسخة منه لصاحب الطلب، ويذهب الأخير وهو يحمل شعور بالراحة ويحدوه الامل بقضائها واغلاق ملفها المعلق منذ سنين او شهور.

ولكي يكون العمل النيابي في المحافظات دقيق وصحيح، يمكن ان يقدم فائدة حقيقية للمواطنين، يجب ان يكون لكل نائب فريق مقسم حسب الاختصاصات، فالقضايا القانونية يتولى متابعتها فريق من المحامين، وان كانت قضية في دائرة امنية تركن مهمة متابعتها لفريق مختص ولديه معرفة في الشؤون الأمنية وهكذا بالنسبة للقضايا الأخرى.

نحن لا نُشكل على عمل أعضاء المجالس النيابية او المحلية، بالقدر الذي نطمح الى مأسسة العمل ليكون أكثر نفعا وأكثر خدمة للمواطنين، فالطريقة السائدة بالوقت الحالي يمكن ان تكون مجرد علاج يعطى لمريض يعاني من مرض عضال، يعود اليه الألم بعد انتهاء مفعول العلاج.

اضف تعليق