وفي اتجاه نحو إيجاد حل لأزمة انقطاع الكهرباء في العراق، تسير حكومة بغداد في 5 مسارات بالتوازي، تتضمن تحسين البنية التحتية لقطاع الكهرباء والربط الكهربائي وتأمين شحنات الغاز اللازمة لتشغيل المحطات عن طريق الاستيراد واستغلال الغاز المصاحب، بالإضافة إلى التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، ولا سيما مشروعات الطاقة الشمسية...
تُمثّل أزمة انقطاع الكهرباء في العراق تحديًا كبيرًا يواجه حكومة بغداد، التي شرعت في اتخاذ عدة إجراءات لمواجهة الأزمة قبل حلول فصل الصيف، ويعاني العراق الانقطاعات المتكررة للكهرباء، ولا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة خلال الصيف، نتيجة لتردي البنية التحتية لمحطات الكهرباء، وكذلك عدم توفر الوقود اللازم، إذ تعتمد على الغاز المستورد، خاصة من إيران، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي اتجاه نحو إيجاد حل لأزمة انقطاع الكهرباء في العراق، تسير حكومة بغداد في 5 مسارات بالتوازي، تتضمن تحسين البنية التحتية لقطاع الكهرباء والربط الكهربائي وتأمين شحنات الغاز اللازمة لتشغيل المحطات عن طريق الاستيراد واستغلال الغاز المصاحب، بالإضافة إلى التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة، ولا سيما مشروعات الطاقة الشمسية.
تحسين البنية التحتية
تسعى حكومة بغداد لمواجهة أزمة انقطاع الكهرباء في العراق بصورة متكررة، من خلال العمل على تحسين الخدمة المُقدمة إلى المواطنين خلال فصل الصيف المقبل.
ولتلبية الطلب المتزايد ومواجهة أزمة انقطاع الخدمة تسعى وزارة الكهرباء في العراق لرفع إنتاجها من الكهرباء إلى 28 ألف ميغاواط هذا العام، من 26 ألفًا و50 ميغاواط الصيف الماضي.
وتتمثّل أولويات الوزارة في زيادة إنتاج الكهرباء من خلال تحسين البنية التحتية وإضافة وحدات إنتاجية جديدة، وأتمتة شبكات النقل والتوزيع وتحديثها وتوسيعها، وإدخال الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة.
ووقع العراق عددًا من العقود لتحسين المنظومة مع شركتي جنرال إلكتريك الأميركية وسيمنس الألمانية، ويتوقع أن تُحقق نتائج متقدمة خلال الصيف المقبل، بداية من شهر مايو/أيار 2024، بالإضافة إلى مشروعات نوعية أُخرى ستضيف 600 ميغاواط.
وفي يناير/كانون الثاني 2023، وُقّعت اتفاقية بين وزارة الكهرباء وشركة سيمنس إنرجي، تستهدف تحديث منظومة الكهرباء، وزيادة إنتاج الكهرباء وتحسين عمليتي النقل والتوزيع وتقليل الضائعات وضمان استقرارية الطاقة، وفي فبراير/شباط 2023، وُقعت مذكرة تفاهم بين الوزارة وشركة جنرال إلكتريك الأميركية، لتطوير منظومة الكهرباء في البلاد ورفع كفاءة الإنتاج.
وشملت المذكرة عدة محاور رئيسة، تدعم تطوير المنظومة الكهربائية في مجال الإنتاج وزيادة كفاءته والنقل والصيانة وتدريب الملاكات، وخفض انبعاثات الكربون، وإنشاء محطات كهرباء جديدة على مراحل تتناسب مع نوع الوقود المتوفر والتمويل وتنفيذ عدد من المحطات الثانوية سعة (400 و133 كيلو فولت)، وإجراء دراسات استغلال الغاز المصاحب.
وتعمل بغداد على ربط شبكات النقل من الجنوب إلى الفرات الأوسط والوسط والشمال، إذ حققت الخطة نتائج متقدمة، بهدف إيجاد منظومة موحدة تُنقَل من خلالها الطاقة بصورة مرنة، ولدى وزارة الكهرباء عقد مع شركة سيمنس الألمانية لإنشاء 5 محطات نقل بطاقة 1500 ميغاواط، لتحقيق هدف ربط الشبكة من الشمال إلى الجنوب.
مشروعات الربط الكهربائي
تُعول الحكومة على مشروعات الربط الكهربائي مع عدد من دول الجوار لحل أزمة انقطاع الكهرباء في العراق، ومن المقرر دخول 500 ميغاواط من مشروع الربط الخليجي قبل نهاية العام الحالي، كما تتجهز بغداد حاليًا لاستقبال التيار الكهربائي من الأردن.
وتجاوزت معدلات الإنجاز في الربط بين الكويت والعراق 45%، إذ سيمتد خط الربط مع دول الخليج من محطة الوفرة في الكويت إلى محطة الفاو، بسعة 600 ميغاواط بصفتها مرحلة أولى، بتكلفة تصل إلى 228 مليون دولار.
ودخل الربط بين العراق والأردن حيز التشغيل مؤخرًا بعد تأخر 8 أشهر، إذ انطلقت المرحلة الأولى منه في 30 مارس/آذار المنصرم التي كان مقررًا تشغيلها في أغسطس/آب 2023، عبر خط "الريشة-الرطبة" بقدرات تتراوح بين 40 ميغاواط/ساعة، ويُتوقع أن تصل القدرات في المرحلة الثانية إلى 250 ميغاواط من خلال الربط بين منطقتي الريشة مع القائم بقدرة 400 كيلو فولت، وتصل في المرحلة الثالثة إلى 960 ميغاواط.
كما وقّع العراق مع السعودية اتفاقية تستهدف نقل 1000 ميغاواط، ويجري تحديد نقاط الربط ومسارات الخطوط والجدوى الاقتصادية والفنية لإكمال اتفاقية الربط، إذ سيجري الربط من خلال الخطوط الناقلة بين البلدين في منفذ عرعر ومحطة اليوسفية، ومن المتوقع أن يكتمل العمل بحدود عامين أو 3 أعوام.
مشروعات الطاقة المتجددة
تسعى حكومة بغداد لمواجهة أزمة انقطاع الكهرباء في العراق ودعم القطاع من خلال الاعتماد على مصادر توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، ولا سيما مشروعات الطاقة الشمسية.
وتُعدّ الطاقة الشمسية أحد المحاور الرئيسة لحل أزمة انقطاع الكهرباء في العراق، التي تتفاقم مع ارتفاع درجات الحرارة أو تراجع إمدادات الغاز اللازم لتشغيل المحطات، ولا سيما إمدادات الغاز الإيرانية.
وفي فبراير/شباط الماضي 2024، أعلنت الهيئة الوطنية للاستثمار خطة لإنتاج نحو 12 ألف ميغاواط من الطاقة الشمسية، قبل نهاية العقد الحالي.
وفي 8 أبريل/نيسان (2024) وُقع عقدان بين شركات تابعة لوزارة الكهرباء العراقية وشركة توتال إنرجي الفرنسية (TotalEnergies)، بهدف إنتاج 1000 ميغاواط من الطاقة الشمسية في محافظة البصرة.
وستبني توتال إنرجي محطة كهرباء تعمل بالطاقة الشمسية في حقل أرطاوي بمحافظة البصرة، على 4 مراحل، بحسب الاتفاق المُبرَم بين وزارة الكهرباء العراقية والشركة الفرنسية.
ووفقًا لما أوردته وزارة الكهرباء، في بيان لها طالعته منصة الطاقة المتخصصة آنذاك، سيستغرق بناء المحطة نحو عامين، وستدعم كل مرحلة من المراحل الـ4 المنظومة الوطنية بنحو 250 ميغاواط من الكهرباء.
الغاز المصاحب
يُعد استثمار الغاز المصاحب للعمليات النفطية أحد المحاور الرئيسة في خطة الحكومة لحل أزمة انقطاع الكهرباء في العراق، من خلال استعماله في تزويد محطات توليد الكهرباء الغازية بالوقود اللازم لتشغيلها.
وتخطو بغداد خطوات واسعة للتحوّل من حرق الغاز المصاحب إلى استغلاله والاستفادة منه في المحطات الغازية، لمواجهة أزمة انقطاع الكهرباء في العراق، وخلق موارد إضافية للاقتصاد الوطني، ولا سيما في حقول البصرة وميسان وذي قار.
وفي 31 مارس/آذار (2024)، وقّع العراق اتفاقية مع شركتي سيمنس إنرجي الألمانية (Siemens) و"إس إل بي" شلمبرجيه سابقًا (Schlumberger)، تهدف إلى استثمار ومعالجة الغاز المصاحب وتحويله إلى محطات توليد الكهرباء، وفق بيان لوزارة النفط.
وتستهدف الوزارة الاستفادة من التقنيات التي تمتلكها شركتا سيمنس وشلمبرجيه، في معالجة كميات الغاز من الحقول النفطية لاستعماله في محطات توليد الكهرباء.
وفي يناير/كانون الثاني (2023)، وُقّع عقد بين شركتي غاز الجنوب وغاز الحلفاية المحدودة، لتطوير الغاز ومعالجته من حقل نهر بن عمر، بطاقة 150 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا، قابلة لإضافة 150 مليون قدم أخرى للمرحلة الثانية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي سبتمبر/أيلول 2023، وفي إطار مساعي مواجهة أزمة انقطاع الكهرباء في العراق، عرضت شركة جنرال إلكتريك (General Electric) على بغداد إمكان استغلال الغاز المصاحب في إنتاج الكهرباء، باستعمال تكنولوجيا التوربينات النفاثة.
وسيوفر استثمار الغاز المصاحب في حقلي الغراف والناصرية 200 مليار قدم مكعّبة قياسية من الغاز يوميًا لكل منها، ومن المقرر أن يوفر مشروع مجمع الحلفاية في ميسان 300 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز، الذي سيزوّد محطات توليد الكهرباء.
استيراد الغاز
يُعد تأمين شحنات الغاز اللازم لتشغيل محطات الكهرباء محورًا رئيسًا في خطة الحكومة، لمعالجة مشكلة انقطاع الكهرباء في العراق.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2023، وُقّعت اتفاقية بين العراق وتركمانستان لاستيراد 20 مليون متر مكعب من الغاز، لكن التحدي يتمثل في عدم وجود خطوط ربط تنقل هذا الغاز إلى العراق إلّا من خلال الشبكة الإيرانية.
وتُجرى مفاوضات مع إيران لاستعمال شبكاتها لنقل هذا الغاز، الذي يُعول عليه العراق في تأمين استمرار التغذية حال توقُّف الغاز الإيراني، ويعمل الجانب الإيراني على دراسة الأمر، وفي حال قبول طهران، يمكن الاستعانة بالغاز التركمانستاني خلال الصيف المقبل.
وحول استيراد الغاز من قطر، تُجرى مباحثات مع الدوحة لاستيراد الغاز المسال، الذي سيجري نقله من خلال بواخر تتطلب من العراق بناء منصة أو رصيف خاص، إذ وجّه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالعمل عليه.
وبشأن إمدادات الغاز من طهران، يقضي الاتفاق المطبّق منذ سنوات مع إيران بتزويد العراق بنحو 51 مليون متر مكعب يوميًا، وهي كميات تكفي لتغطية احتياجاته، لكن المشكلة تكمن في عدم استقرارها، إذ تسبّبت مؤخرًا في فقدان بغداد أكثر من 4 آلاف ميغاواط بسبب شح الغاز وتوقف خطوط الربط مع طهران.
وتجري حاليًا مبادلة الغاز الإيراني بالنفط العراقي، بعد أن أوقفت العقوبات الدولية عملية السداد، رغم أن الحكومة العراقية دفعت جميع مستحقات الغاز إلى الجانب الإيراني وأدخلتها في حساب خاص بالمصرف العراقي للتجارة.
اضف تعليق