باختصار، تحسين نوعية الحياة للمواطنين هو حق يضمنه الدستور والقانون وهو في صميم واجبات الدولة. لا يمكن إغفال أهمية العلاقات والاهتمامات الخارجية، ولكن يجب أن تظل ثانوية مقارنة بالالتزام الأساسي للدولة نحو شعبها. الاستثمار في الناس هو الاستثمار الأمثل لضمان مستقبل مزدهر ومستدام للوطن...
من حق اي مواطن تتوفر فيه الشروط الدستورية والقانونية ان يسعى الى تولي اي منصب في الدولة ابتداءً من منصب رئيس الجمهورية انتهاء باخر منصب مؤثر في الدولة.
ومن المؤكد ان تكون لكل فرد يسعى الى تولي منصب ما في الدولة منظومة اهداف يريد ان يحققها من خلال المنصب.
ومن المفروض ان يعلن الفرد الساعي الى تولي اي منصب عن هذه الاهداف او هذا الهدف وطريقة تحقيقه. ويسمى هذا هو البرنامج العملي للفرد.
ومن باب اولى ان ينطبق هذا الكلام على الفرد او المجموعة الساعية الى الاستحواذ على منصب رئيس الحكومة والحقائب الوزارية. ذلك، لان رئيس الحكومة هو اقدر الناس على تحقيق منظومة الاهداف التي يعلنها. وعليه ان يعلن عن هذه الاهداف وعن الطريق الذي سوف يسلكه لتحقيق هذه الاهداف. وهذا هو البرنامج العملي للحكومة.
وحتى لا نقع في اجتهادات متضادة او خارج الصدد يجب ان اقول بدايةً إن تحصين وتحسين نوعية ومستوى حياة الأفراد هو الأساس الذي تقوم عليه الدولة. وحياة الفرد تبدأ منذ لحظة انعقاد نطفة الجنين وحتى وفاة الفرد.
"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ، ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ". (المؤمنون ١٢-١٦) "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ". (النحل 70)
ولدا نتوقع ان تعلن الدولة برنامجا لرعاية افرادها في كل مراحل العمر، من مرحلة ما قبل الولادة، ثم الولادة، فالطفولة، وما بعدها، حتى الوفاة. يذهب مواطنو دول العالم الثالث الى دول العالم الاول للدراسة او العيش او التوطن لانهم علموا ان نوعية ومستوى الحياة هناك افضل من بلدانهم.
هذا الهدف النبيل ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو أيضًا ضمان للاستقرار والتقدم. لا شك أن لكل دولة اهتماماتها الخارجية التي تسعى إلى تحقيقها، لكن هذه الاهتمامات يجب ألا تطغى على التزامها بتحسين حياة مواطنيها.
أولاً، من الواضح أن على الدولة توفير الأمان والحماية لمواطنيها. لكن التزامات الدولة لا تقف عند حد الحماية الفيزيائية؛ إنما تتعداها إلى الحماية الاجتماعية والاقتصادية. وهذا يتضمن توفير فرص العمل، ضمان الحصول على الرعاية الصحية، التعليم الجيد والمستمر، وحماية البيئة.
ثانيًا، يجب على الدولة أن تعمل على تعزيز العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين. لا يمكن أن تكون هناك نوعية حياة جيدة بدون التخفيف من حدة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية. إن تحقيق العدالة الاجتماعية يتيح للمواطنين أن يكونوا مشاركين فاعلين في المجتمع.
ثالثًا، من مسؤوليات الدولة توفير البنية التحتية القوية التي تضمن سهولة الوصول إلى موارد الدولة وخدماتها. تشمل البنية التحتية قطاعات مثل المواصلات، الطاقة، والاتصالات، والتي تعد ركائز أساسية لنمو الاقتصاد الوطني ورفاهية المواطنين.
رابعًا، الإستراتيجيات الخارجية والدبلوماسية يجب أن تتبع منهجًا قائمًا على الحق في تنمية سلمية ومستدامة. يعتمد أمن وازدهار الدولة على علاقاتها الخارجية، لكن ينبغي ألا تتناقض هذه العلاقات مع حقوق ومصالح المواطنين.
خامسًا، ورغم أهمية السياسة الخارجية، يجب ألا نغفل السياسة الداخلية التي تتمثل في تنمية المجتمع المدني وتعزيز دور الأفراد في صنع القرار السياسي. إشراك المواطنين في الحوار الوطني والسياسات التي تخصهم يعزز من الديمقراطية والشفافية.
باختصار، تحسين نوعية الحياة للمواطنين هو حق يضمنه الدستور والقانون وهو في صميم واجبات الدولة. لا يمكن إغفال أهمية العلاقات والاهتمامات الخارجية، ولكن يجب أن تظل ثانوية مقارنة بالالتزام الأساسي للدولة نحو شعبها. الاستثمار في الناس هو الاستثمار الأمثل لضمان مستقبل مزدهر ومستدام
اضف تعليق