ان مواقع التواصل الاجتماعي هي من تقف وراء هذا التأثير في عموم الشباب الذين أدمنوا استخدامها لدرجة ان البعض منهم صار ليله نهارا، ونهاره ليلا، فلم يعد عندهم النهار معاشا والليل سباتا، حتى ان الادمان وصل حدا بات فيه أحدهم يتناول فطوره أثناء التصفح بالموبايل...
(يلا كايز باي)، هذا ما طرق سمعي من فتاة تخاطب زميلاتها عند خروجهن من المدرسة، وتعني هذه الجملة بعد ان تقصيت عن معنى مفردة كايز، guys في ترجمة العم غوغل: مع السلامة يا جماعة، قالتها فتاة بعمر المراهقة بطلاقة وكأنها لغتها الأم، جملة هجينة من ثلاث مفردات، اثنتان منها باللغة الانكليزية والثالثة باللهجة العامية، فأين لغتنا الفصيحة مما يحدث؟ ولا أقصد الفصيحة الثقيلة، وانما البسيطة التي يمكن التداول بها دون التأثير سلبا فيها، هذا ما حدث صدفة أثناء مروري بالقرب من احدى المدارس، ولا أدري بالضبط كيف هي الحال لدى عموم الطلبة ؟
أعرف وحضراتكم تعرفون ان مواقع التواصل الاجتماعي هي من تقف وراء هذا التأثير في عموم الشباب الذين أدمنوا استخدامها لدرجة ان البعض منهم صار ليله نهارا، ونهاره ليلا، فلم يعد عندهم النهار معاشا والليل سباتا، حتى ان الادمان وصل حدا بات فيه أحدهم يتناول فطوره أثناء التصفح بالموبايل، طبعا الفطور لدى الكثير من أبناء الجيل الجديد لم يعد في الصباح كما اعتدنا نحن الآباء، بل صارت توقيتاته بعد الظهر، قد يكون لبعضهم الحق في ذلك، خصوصا عندما نكون عاجزين عن الاجابة على سؤالهم : ماذا نفعل اذا استيقظنا مبكرين ؟ وفيه اشارة مبطنة للبطالة، وبدل التلوع بمعاناتها، يستحسن قضاء نهارهم بالنوم . وعلينا حمد الله على نومهم بدل التسكع في الشوارع وجلب كل ما يصدع الرأس، او ما يجعل شعر رأسك يرتجف، ولا أريد تسميتها تحسبا من الانتشار، ذلك انها تسللت الى أزقتنا علانية بعد ان كان مسيرها خلسة، أظنكم عرفتوها .
ليس هذا ما أريد قوله، وانما الحديث عن مصير لغتنا، فاذا ظلت الحال هكذا هل يكون مآلها الاندثار، وهل تختلف لغتنا عن غيرها بما يجنبها هذه النهاية المأساوية التي بلغتها لغات أقوام أخرى، بخاصة ان معلومات الباحثين تؤكد موت (300) لغة سنويا في العالم، ليس هذا فحسب، بل ان ما تقشعر له الأبدان ، وتشيب له الولدان، ان باحثا عربيا وفي محفل علمي أكد ان لغتنا ستندثر في نهاية القرن الحالي، أي بعد أقل من ثمانين عاما، نسأل الله تعالى أن يمد بأعماركم، وبالتأكيد عمري ليس من بينها، لأني بذلك أدخل موسوعة غينس للأعمار الطويلة، لتروا صدق او مبالغة هذا الباحث الذي انبرى له المؤمنون بلا تردد ولا تأمل : بأن لغتنا لن تموت أبدا، لأنها مقدسة وترتبط بالذات الالهية، ألم يقل تعالى (انا نَحْنُ نزلنا الذكر وانا له لحافظون). لكن الباحثين في المجال اللغوي يرون ان اللغة كالكائن الحي : تولد وتنمو ثم لابد لها أن تأفل وتموت .
ومع ان مخاطر مواقع التواصل الاجتماعي على لغتنا عديدة ومعقدة وتدخل في جميع دهاليزها، الا ان بينهم من رأى ان الانترنيت بوصفه وسيطا وفضاء مفتوحا أسهم في تطور اللغة العربية أيضا، وان المحذرين من مخاطره يتسمون بنظرة سوداوية ونزعة إحباطية، ويرد عليهم السوداويون ان المحتوى العربي في الانترنيت لا يعني شيئا بالنسبة للمحتوى المنشور باللغة الانكليزية واللغات الأخرى، وان مساحته تضيق يوما بعد آخر ليبلغ واحدا من الألف في المستقبل القريب، هكذا تقول معطيات ثورة الاتصال، وان المنطق يجب أن يكون حاكما، وكأنهم بذلك يريدون القول : علينا التعاطي بالمقبول عقليا، وان لا نستسلّم لما هو غيبي، لابد من دعم الايمان بالعمل . هذه الأمور وأمثالها استشعرها القائمون على جامعة المستقبل لتنظم فعالية علمية يشارك فيها باحثون في اللغة والاعلام في الملتقى العلمي الذي سيعقده قسم الاعلام بالجامعة يوم الثلاثاء القادم، وهو ما شدني للمشاركة فيه اعتزازا بلغتنا العظيمة، والى ذلك الحين لا يسعني الا القول: يلا كايز باي .
اضف تعليق