كثيرٌ من الحديث يدور حول المشاكل التي تحدث في بلادي، فهناك الحروب، وهناك القتل والتهجير والفساد.. والكثير من المشاكل التي تصيبُ الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي...
في بلادي 35 مليون إنسان، يعني 35 مليون عقل، يعني 35 مليون يد عاملة، لو فكرت نصفها، لو تحركت نصفها، لو اشتغلت نصفها، ألا نتوقع أن يكون الوضع أفضل مما عليه الآن؟ إذا.. لماذا بلدي في تراجع مستمر؟
في بلادي ثروات لا تقدر بثمن.. لدينا أرض للزراعة ومياه.. لدينا نفط ومعادن.. فلماذا نستورد كل شيء؟
في بلادي دين هو أفضل الأديان وهو خاتمها، وله مبادئ وقيم سامية وجوهرية وأساسية لكل فرد وجماعة، ولا تعيش ولن تعيش أمة ولا تحيى حياة كريمة إلا بها، هي العلم والعمل ومكارم الأخلاق.. والقانون والعدالة.. إذا.. لماذا بلدي في تراجع مستمر؟
في بلادي حين يجلس الناس، وترى كل شخص له فكر خاص به.. ورأي يعتز به.. وتوجهات يتبناه.. في بلادي حديث السياسة لا يعلوه حديث، انتقاد للحكومة وانتقاد للواقع الاجتماعي والثقافي.. وفي بلادي دعوة للإصلاح والعمل والإنتاج، وعودة للنظام والقيم والأخلاقيات والانتماء... وفي بلادي هناك شعب يحدد المشاكل وضع الحلول.. إذا.. لماذا بلادي تتأخر؟ لا تتقدم؟ لا تتطور..؟!
يروى أن أحد الحكام في مدينة ما، قام بوضع صخرة كبيرة على طريق رئيسي فأغلقه تماماً. ووضع حارساً ليراقبها من خلف شجرة ويخبره بردة فعل الناس!! مر أول رجل وكان تاجرا كبيرا في البلدة؛ فنظر إلى الصخرة باشمئزاز منتقداً من وضعها دون أن يعرف أنه الحاكم، ودار هذا التاجر من حول الصخرة رافعاً صوته قائلاً: "سوف أذهب لأشكو هذا الأمر للحاكم، سوف نعاقب من وضعها".
ثم مر شخص آخر، وكان يعمل في البناء، فقام بما فعله التاجر لكن صوته كان أقل علواً لأنه أقل شأناً في البلاد. ثم مر ثلاثة أصدقاء معاً كلهم شباب لا زالوا يبحثون عن هويتهم في الحياة، وقفوا إلى جانب الصخرة وسخروا من وضع بلادهم ووصفوا من وضعها بالجاهل والأحمق والفوضوي، ثم انصرفوا إلى بيوتهم.!
مر يومان؛ حتى جاء فلاح عادي من الطبقة الفقيرة ورأى تلك الصخرة جاثمة في الطريق المارة، فلم يتكلم وبادر إليها مشمراً عن ساعديه، محاولاً دفعها، طالباً المساعدة ممن يمر، فتشجع آخرون على مساعدته فساعدوه، فدفعوا الصخرة حتى أبعدوها عن الطريق.
والمفاجأة الكبرى هنا أن هذا الفلاح العادي المسكين بعد أن أزاح الصخرة وجد تحتها صندوقاً حفرت له مساحة تحت الأرض، في هذا الصندوق كانت هناك ورقة فيها قطع من ذهب ورسالة مكتوبة تقول: "من الحاكم إلى من يزيل هذه الصخرة، هذه مكافأة للإنسان الإيجابي المبادر لحل المشكلة بدلاً من الاكتفاء بالشكوى والتذمر طوال الوقت دون فعل أي شيء".
هذا هو واقعنا، فالمشكلة ليست كلها مرهونة بإصلاح من يقود البلاد ويديروها، فهؤلاء إن أصلحوا فبها ونعم، وإلا تنحوا جانبا، المشكلة بنا أولا وأخيرا، بنا نحن كمجتمع، بنا نحن كشباب نمتلك طاقات وحولنا ثروات، أصبحنا وأمسينا نهتم بالنقد والشكوى أكثر من العمل، واليوم الذي نلتفت حولنا ولا نجد من ننتقده ونجرحه نلوم أنفسنا ونذمها.!
لا شك هناك مشاكل كثيرة في البلاد، ومسؤولية الحكومة أن تساهم بحلها، ولكن لا يمكن للحكومة، أية حكومة أن تحل كل مشاكلنا..
لماذا لا يكون كل شخص فينا مثل الفلاح البسيط الذي كان يدرك تماما أنه لوحده لا يستطع إزالة الصخرة؛ ولكنه بادر إلى حل المشكلة أولا، وطلب معونة الآخرين ثانيا، فقاموا بمساعدته.
الفلاح القادم من قريته كان يشعر بالمسؤولية إزاء مدينته، وكان يعرف أن عليه واجبا ما لابد أن يقوم به، فماذا لو كان كل فرد من أفراد المدينة "البلد" يشاركون هذا الفلاح تلك المسؤولية، فهل تظنون أن صخرة ما ستبقى في الطريق؟
إذا.. الحل بأيدينا، نحن أبناء هذا الوطن، شباب هذا الوطن، والبداية بسيطة جدا، وهي أن نبدأ من أنفسنا، من أهلينا، من اخواننا، نحل مشاكلنا نحن بأنفسنا، نساعد الآخرين في حل مشاكلهم، نساهم بوضع لبنة واحدة، واحدة فقط في بناء مشروع اسمه العراق، العراق لكل عراقي. وصدق الله وصدق رسوله ((إن اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)).
اضف تعليق