رغم ازاحة علي أبن أبي طالب عن مكانه الذي يستحقه وهو إمامة المسلمين إلا أنه بقي الامام والمحرك الفعلي وبقي المتقمصون للخلافة يأخذون منه النصيحة ويمضون ما يشير به عليهم لأنهم يعلمون علم اليقين إن كلامه هو الاقرب للحق والحقيقة ولجادة الصواب، والحوادث كثيرة لا تحصى ولا تعد رغم ان الكثير منها طمست بفعل عوامل التغطية والتعمية التاريخية ولكن ظهر منها ما ينبئ المطلع والباحث أن القوم كان هناك محرك في الظل يرجعون اليه لاتخاذ القرارات المصيرية كحرب المسلمين مع الفرس وغيرها من الحوادث التي اعترف فيها المتصدين يومئذ بمقولة اختزلت الحقيقة التاريخية الضائعة (لولا علي لهلك عمر)، ولكن يبقى الجزء المسكوت عنه من هذه الحقيقة وهو ما خسرته الامة عندما ولت غير مستحقيها لها؟

 خسرت الكثير ومازالت تخسر الى اليوم فلو أن الامة ألتزمت بالقيادة الحقيقية التي خطط لها رسول الاسلام (ص) لما وصل الحال لما هو عليه اليوم ولما وجدت الحروب والدماء وقطع الرؤوس وأكل الاكباد وغيرها من الفجائع والفظائع التي لا تنسجم مع الانسانية فكيف تنسجم مع دين الإنسانية.

فكانت تلك الخطيئة هي البيضة التي فرخت المصائب والاهوال على العالم كله ولو أن الامة عقلت أن قيادتهم ليست حقيقية في وقتها لما كان هناك امويين وعباسيين ودواعش ولكان الاسلام اليوم هو الدين الوحيد الذي يغطي مرابع الحياة في العالم أجمع لأنه يمتلك (بما هو دين محمدي الهي خالص من الشوائب) كل مقومات الحياة والانتشار بيسر وسهولة واقناع وبهذا يمكننا أن نتخيل حجم الثمن الذي تدفعه الامة حين تولي من لا يستحق أمرها وخاصة الامر الشرعي لأنه يتداخل في كل الخيوط الاخرى بتركيبة معقدة ومتراكبة لا تنفك لان الدين في مجتمعاتنا هو القاعدة التي يرتفع فوقها باقي الأبنية.

ولم ينتهي الامر بمجرد فهمنا المعلوماتي عن الخطأ الذي أرتكب في لحظة انطلاق الامة في سباقها الانساني بدون وجود الوحي بل الامر يتكرر دائماً والامتحان يعاد كل حين وستبقى الامة ترسب في هذا الامتحان وتزيح من يستحق القيادة بفعل عوامل نفسية أو عاطفية أو نمطية في التفكير تعودت عليها على مر فترات نشوء العقل الجمعي العربي والاسلامي سواءاً مقصودة ومدبرة أو غير مقصودة , أما كيف نعلم أننا ارتكبنا هذا الخطأ أو أننا نسير في الطريق المستقيم فالامر بسيط وهو النظر الى النتائج المتحققة وماهي الخطوات التي اتخذتها القيادة لهذ الامة لمعالجة الظروف الموضوعية وماذا أعدت من خطط وخطوات لهذه المواجهة المستمرة سواءاً على مستوى تربية الافراد أو على مستوى تحريك الجموع باتجاه المتغيرات، وقد يشكل أحدهم أن الظروف الموضوعية هي التي ترسم مسار الامة وتحيد من تحركات قادتها فنقول هل إن الظروف الا نتائج وإفرازات تراكمت فتقولبت لتصنع الاحداث؟

ومن جانب أخر يجب أن نكون تفاعليين لا انفعاليين ننتظر حدوث الحدث لنتخذ الرد المناسب، وعليه من المفترض ان نراجع مسيرة الاحداث لنعرف كيف تعامل قادتنا معها وكيف وصلنا الى هذه الحال ولكن قبلها علينا أن نخلع عنا الولاءات والعواطف والاسماء والمسميات والالقاب لنتمكن من الاجابة على السؤال هل القادة المتسنمين اليوم لهذه المراكز هم أهل للقيادة؟ الاجابة قيد المداولة.

..........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق