في أوكرانيا دارت، وما تزال، حرب، دخلَ الأميركان والغرب وبقوة الى جانب زيلينسكي و فشلوا . غزّة لم تشهد حربا تقليدية، وانما قصف وقتل متعمد ومجازر بحق المدنيين و تدمير منظّم لكل شئ، وحصار وتجويع، و فشلوا، ولكن تركوا لنا وللتاريخ دروسا و ِعبرْ، وعلينا الاتعاظ ...
إنه فشل عسكري وسياسي واخلاقي وعلى صعيد الرأي العام .لسنا بحاجة الى تحليل وبراهين لتبيان فشل سياسة وخطط أميركا و الغرب في أُوكرانيا، ولكنهم نجحوا في تدميرها وتهجير سُكانها .
أميركا والغرب وزيلينسكي حاربوا في اوكرانيا من موقع الدفاع وليس الهجوم، ولو كانوا مقتدرين على الهجوم، لما ترّددوا في ارتكاب جرائم ابادة بحق الاطفال والنساء، كتلك التي ارتكبوها في غزّة. بينهم وبين اسرائيل جينات الصهيونية ورحم النازية والادارة المُشتركة للحروب والاستخدام المشترك لكافة انواع الاسلحة المُحرّمة، وديدنهم خرق القوانين الدولية والانسانية. تاريخهم حافل بالاحتلال واستعباد الشعوب وسرقة ثرواتها، واستخدام المعايير المزدوجة .
حربُ غزّة منحت شهادة القتل والاجرام لأميركا، ومنحت شهادة الاخلاق في القتال لروسيا، حيث لم تشهد شعوب العالم قيام الجيش الروسي في أوكرانيا بقصف وقتل الاطفال وتدميرالمستشفيات واغتيال الصحفين والموظفين الاممين واستخدام اسلحة محرّمة دولياً. لم يمنع الجيش الروسي عن قرية او مدينة أُوكرانية الماء والوقود و الكهرباء و المواد الغذائية .فرقٌ كبير بين احفاد الصهيونية والنازية واحفاد الشيوعيه والاشتراكية .
في كلمة لمندوب روسيا في الامم المتحدة، مخاطباً أميركا والغرب والحضور : ”أخبروني كم عدد قرارات مجلس الامن عن غزّة مقابل اوكرانيا؟ أُجيبكم، و لا قرار ! ” .
أشار ايضاً إلى أنَّ اربعة الالف لاجئ اوكراني في اسرائيل عادوا الى اوكرانيا، لانها اكثرُ أماناً من غزّة !
شعوب العالم وقفت ضّدَ أميركا والغرب، مُستنكرة سياساتهما مرتيّن: مرّة ضّدَ الحرب في اوكرانيا والمطالبة بإيقافها والتفاوض مع روسيا، و تحميل أميركا والغرب مسؤولية ومُسببّات الحرب، ومرّة أُخرى ضّدْ أميركا واسرائيل والغرب في حربهم و قتلهم المتعمد لشعب لا يملك جيشا ولا دبابات ولا اسلحة ثقيلة ومن دون طائرات وسلاح مقاوم للطائرات .
أو ليسَ في هذه المقاربات أدلّة دامغة على فشل سياسي ودبلوماسي واخلاقي لأميركا وللغرب؟ أليسَ من المناسب ان تستفهم الدول العربية،ألمعنيّة بالمنطقة وبالقضيّة،والمُتخمة او المُنتفخة بالقواعد العسكرية الامريكية و الغربية لتُحدّد مسار بوصلتها والأمان على مستقبل جغرافيتها واجيالها ؟
قرأتُ تعليقا للصحفي السعودي السيد داود الشريان يسخرُ فيه من انتصار حماس، حيث قال: ”سابقاً الفلسطيني يبادل جُثة جندي اسرائيلي بـ اكثر من ١٥٠ اسيرا فلسطينيا، الآن يجري مقايضة تحرير ١٥٠ فلسطينيا من سجون الاحتلال مقابل ١٥ الف جثة من غزّة . ما أروع هذا الانتصار ” حسب قوله (راي اليوم، صحيفة الكترونية، تاريخ ٢٠٢٣/١١/٢٢ ) . واقول للسيد الشريان ان انتصار غزّة اكبر بكثير من أنْ يُختزلْ بفقرة تبادل الاسرى، انه نصرٌ تاريخي و استراتيجي، واسرائيل وحلفاؤها و احبابها يعرفون و يدركون ابعاد هذا النصر .
قد لا يندهش العالم امام انتصار روسيا في أوكرانيا وفشل أميركا و الغرب وزيلينسكي، باعتبار روسيا قوة كبرى وعُظمى، ولكن يقفُ العالم وقفة فيها اجلال وأعجاب والف استفهام عن صمود مقاتلي غزّة و شجاعتهم وصبرهم وبأسهم وهم ليسوا قوة عظمى، و انما ثُلة من المجاهدين المؤمنين الذين عاهدوا الله على النصر او الشهادة .
ليست فقط الهزيمة التي لحقت بإسرائيل وأميركا والغرب، وانما اذلال وخزي وعار لفشلهم وعجزهم امام قوّة تحرّريّة وصفوها بالارهاب .
في أوكرانيا دارت، وما تزال، حرب، دخلَ الأميركان والغرب وبقوة الى جانب زيلينسكي و فشلوا . غزّة لم تشهد حربا تقليدية، وانما قصف وقتل متعمد ومجازر بحق المدنيين و تدمير منظّم لكل شئ، وحصار وتجويع، و فشلوا، ولكن تركوا لنا وللتاريخ دروسا و ِعبرْ، وعلينا الاتعاظ .
اضف تعليق