عدم الإقبال على الديمقراطية ليس هو بسبب إشكال وارد فيها، كما أن القبول بالديكتاتورية ليس بسبب أنها أفضل أو أنها تملك شعبية ما، ولكن الاستغلال السيئ وغير الصحيح لتلك المفاهيم في التطبيق أدى إلى ذلك. فشل الديمقراطية؛ فإن وجود بعض الأحزاب التّي تهدف إلى بلوغ السلطة من أجل...
ما الذي يجعل الشعوب ترضخ للدكتاتورية على حساب الديمقراطية؟
لماذا تفشل الديمقراطية في بعض المجتمعات بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة؟
لو اعتبرنا أن مفهوم "الديمقراطية" مثالي وأن تطبيقه سيؤدي إلى سعادة الشعوب دون أي مضرات جانبية وانتقادات، فإنَّه سيحصل حتما على مؤيدين وستطمح إليه الشعوب وتضحي بالغالي والنفيس من أجل الوصول إليه.
إلا أن (الواقع الفعلي) هو الذي جعل بعض المجتمعات تفضل الديكتاتورية وترضخ لها على حسابه. هذا الواقع سجّل تأخرا ملحوظا في مدى تحقيقها للتنمية والعدالة بسبب قلة النزاهة في الإدارة وما يشوبها من كذب وغش واحتكار وغيره.
وكمثال على ذلك فإن "الدين" أمر لا يشك به وبفاعليته في المجتمع المتدين، لكنه إن أصبح أسيرا بيد من لا يتقن العمل به أو حتى لا يؤمن به إيمانا حقيقيا فإن المتدينين أنفسهم سينجذبون للنظام اللاديني على حساب النظام (الديني) حتى يخرج من الأسر.
من هنا وبناء على هذا الأساس؛ فإن عدم الإقبال على الديمقراطية ليس هو بسبب إشكال وارد فيها، كما أن القبول بالديكتاتورية ليس بسبب أنها أفضل أو أنها تملك شعبية ما، ولكن الاستغلال السيئ وغير الصحيح لتلك المفاهيم في التطبيق أدى إلى ذلك.
أما فيما يتعلق بسبب فشل الديمقراطية في تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة في بعض المجتمعات؛ فإن وجود بعض الأحزاب التّي تهدف إلى بلوغ السلطة من أجل الحصول على مزاياها وثرواتها؛ لإشباع رغباتهم الشخصية لا لأجل بناء المجتمع وحل مشاكله أمر مفروغ منه، كذلك هنالك عامل آخر قلما يُرى في المجتمعات الديمقراطية وهو: أن شدة التزام الأحزاب بقوانين النظام بصرامة أو بعدل دون التحلي بروح الإحسان؛ هو الذي يضع حجر عثرة أمام التقدم المنشود.
فلو افترضا ان أحزابا ما التزموا بالديمقراطية واستطاعوا أن يمسكوا زمام الأمر، فإن قصارى ما يبلغونه هو تحقيق النظام في إطار القوانين الموجودة، ولا ينظرون إلى ما وراء ذلك إذ أن بعض الأمور قد تتطلب بعض الإيثار من إستثناءات وتضحيات شخصية من القادة لتحقيق المزيد من العدالة والتنمية.
وكمثال نستذكر نيلسون مانديلا أول رئيس لجنوب أفريقيا بعد اضمحلال نظام الفصل العنصري حيث رغم حقه القانوني في الاستمرار بالسلطة لدورة ثانية إلا أنه فضَّل التنازل عنها وهو في ذروة مجده فصار رمزا لمن لا يفكر بمصالحه الشخصية بقدر ما يفكر في تقدم شعبه.
كذلك قد يوجد في بعض القادة من يقدمون مصالحهم الشخصية أو الفئوية الخاصة على المصالح العامة بل وأحيانا على حساب العامة كذلك.
من هنا تبرز أهمية الالتزام بالمبادئ والأسس المعنوية والإنسانية أولا والأنظمة الموضوعة لحفظ العدالة ثانيا وتقديم المصلحة العامة على المصالح الخاصة والأطماع من سلطة وكرسي أو المزايا الوقتية المختلفة.
اضف تعليق