طوفان الاقصى أصبحَ مناسبة لشعوب العالم الحّرة ان تنتفض ضّدَ الصهيونية وضّدَ مَنْ يُمثّل الصهيونية، واخص اسرائيل والادارة الامريكية. ولكن، ما يستدعي العجب هو انَّ بعض الدول العربية ماضيّة في تبني مواقف رسميّة تصّبُ في مصلحة إسرائيل رغم وحشيّة وجرائم الكيان وتجرّدُ مسؤوليه من الانسانيّة، ورغم رفض شعوب العالم لاسرائيل، وتضامنهم مع الحق الفلسطيني...
لم تكْ النازيّة، والتي شهدها العالم، ظاهرةً ومفهوما، في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي، الاّ تلاوةً وتجسيداً لأحد مؤلفّات الصهيونية في ميدان الدسائس والخُبث والتآمر وجرائم الابادة وجرائم ضّدْ الانسانية. الصهيونيّة، كحركة سياسيّة مُنظّمة، تمخضّتْ من مؤتمر هرتزل في بازل في سويسرا عام ١٨٩٧، اي بأربعة عقود من الزمن قبل النازيّة. وقد تكون (واقصد الصهيونية) هي السبب المباشر او غير المباشر لظاهرة النازية، ومن المؤكّد انها مصدر نكبة فلسطين وما بعد فلسطين من جرائم ابادة وقتل بحق الشعب الفلسطيني والعربي والاسلامي، وكُّلَ ما شهدهُ العالم من فواجع كبرى في الغرب وفي الشرق .
اليوم تشهدُ غزّة لنا وللعالم بولادة نازيّة جديدة، على ارضها،على قطاعها المُحاصر. اليوم تصدرُ غزّة للتاريخ والانسانية شهادة اعتراف بأنّ بني صهيون، وبريطانيا وامريكا والغرب، هم مَن كان وراء نازيّة القرن التاسع عشر ونازيّة القرن العشرين في غزّة. العامل المشترك بين الظاهرتيّن، وهو الدليل، التوحّش في حجم و طريقة ارتكاب الجرائم، التوّحش والتجرّد من الانسانية .
جرائم النازيّة، وهم كانوا خلفها، تتكرّر اليوم في مشاهد اشلاء الرضّع والاطفال والنساء والشيوخ، وفي تجويعهم وحرمانهم من الماء ومن ابسط مقومات الحياة .
حرصَ بني صهيون، طيلة العقود التي تلت النازيّة، على منع ومُعاقبة كل مَنْ يفكّرُ او يشرعُ بالتشكيك او اعادة قراءة ظاهرة النازيّة وضحايا النازية، والزموا بلدانا اوروبية، ومنها فرنسا، باصدار قانون يحظر فيه مناقشة ظاهرة النازيّة او التشكيك بعناصرها وعدد القتلى. اصبحت اعادة قراءة النازيّة جُنحة او جريمة جنائية يُعاقبها القانون، خلافاً لمبدأ حريّة التعبير. أصبحَ تاريخ بني صهيون امراً مقدساً، واصبحت اسرائيل نواة لهذا المقدّس .
روّجَ بني صهيون، لمفهوم ”معاداة الساميّة” ليُصبح الغلاف الصلبالذي يُحيط ويحمي الصهيونية، وبموجب التطبيقات التشريعيّة والقانونية لهذا المفهوم او المبدأ، والتي سادتْ الدول الغربية والمنظمات الامميّة، تمتّرستْ اسرائيل واليهوديّة والصهيونية خلف مبدأ ”معاداة الساميّة”. ايَّ كلام او تعليق او انتقاد عن اسرائيل او عن الصهيونيّة يُحسبْ من قبل بني صهيون بأنه عمل او فعل معاد للساميّة، ويستدعي السؤال والجواب، واتخاذ اجراء عقابي ضّدَ من تجرّأ على ذلك .
سئِمتْ شعوب العالم، وخاصة في الغرب، من هيمنة بن صهيون على مصائرهم وعلى حرياتهم في التعبير، وعلى قيمهم الاجتماعية والاخلاقية. ادركت هذه الشعوب أنّ الصهيونية تقفُ خلف الحروب والفتن والجرائم والمؤمرات التي شهدها ويشهدها العالم، وفي مختلف الانشطة والميادين. التظاهرات المليونيّة التي يشهدها العالم، وفي كل العواصم والمدن هي ليست فقط تعبيرا عن اشمئزازهم للجرائم التي ترتكبها اسرائيل في غزّة، وعن تأييدهم للحق الفلسطيني، وانما ايضاً تعبير عن نفاذ صبرهم ورفضهم لسرديات ”معاداة السامية” و ”محرقة النازيّة” “و”الصهيونيّة” و”اكذوبة اسرائيل ” .
طوفان الاقصى أصبحَ مناسبة لشعوب العالم الحّرة ان تنتفض ضّدَ الصهيونية وضّدَ مَنْ يُمثّل الصهيونية، واخص اسرائيل والادارة الامريكية. ولكن، ما يستدعي العجب هو انَّ بعض الدول العربية ماضيّة في تبني مواقف رسميّة تصّبُ في مصلحة إسرائيل رغم وحشيّة وجرائم الكيان وتجرّدُ مسؤوليه من الانسانيّة، ورغم رفض شعوب العالم لاسرائيل، وتضامنهم مع الحق الفلسطيني .
يبدو أن بعض الدول العربية لم تدرك بعد أنَّ وجود اسرائيل، نواة الصهيونية، كياناً خطراً في العالم، وليس فقط في المنطقة، وان هذا الكيان قدّم للعالم والانسانية شواهد على أستحالة تعايشه مع البشر، فلا أمل للسلام مع اولئك المجبولين على نزعة الشّر والقتل والغدر، وعلى مّر العصور. ولم يعُدْ امل في حلّْ الدولتيّن لا جغرافياً (بسبب المستوطنات)، ولا اجتماعياً واخلاقياً بعد كل مشاهد القتل .
اضف تعليق