ربما يأتي العراق في مقدمة البلدان التي تنخفض فيها نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية والمحلية، ويعود ذلك الى جملة من الأسباب يأتي في مقدمتها قلة الوعي الشعبي في الاجراء الانتخابي، وعدم اعتياد الافراد على الممارسة نتيجة لحداثة التجربة الديمقراطية، فهم لا يزالون يواصلون نفض غبار النظام السابق...
وفق النظام الديمقراطي، الانتخابات أكبر سلطة يمارسها المواطن في إدارة البلد، وتعد أيضا فرصة كبيرة للتغيير فيما إذا كان النظام الحاكم يمارس سلطته في قهر الافراد وحرمانهم من حقوقهم التي كفلها الدستور والقوانين الوضعية في البلاد.
ربما يأتي العراق في مقدمة البلدان التي تنخفض فيها نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية والمحلية، ويعود ذلك الى جملة من الأسباب يأتي في مقدمتها قلة الوعي الشعبي في الاجراء الانتخابي، وعدم اعتياد الافراد على الممارسة نتيجة لحداثة التجربة الديمقراطية، فهم لا يزالون يواصلون نفض غبار النظام السابق، ولا يزال بعضهم يعيش في الأجواء الظلامية الماضية.
ومن دواعي انخفاض المشاركة الانتخابية هو عدم الثقة بالعملية السياسية ومن يديرها على مدى العقدين الماضيين، ويعد العزوف عن الانتخابات من النتائج الطبيعية لإدارة البلد بهذه الطريقة، التي تحولت فيه الانتخاب تحصيل حاصل ولا يعول عليها برمتها في إحداث التغيير المنشود او المتوقع.
يرتبط انخفاض التصويت في جميع الانتخابات بعملية توزيع المناصب او التفاهمات السياسية الأولية التي يتم بموجبها تسوية الأمور، حتى ساد الاعتقاد لدى العامة بان الذهاب الى صناديق الاقتراع مجرد مسرحية ابطالها الجماهير الشعبية ومخرجوها السياسيين المتلاعبين بمصائر الشعب.
هذا الامر جعل الناس غير مهتمين للشأن الانتخابي ولن يبالون الى النتائج المترتبة مهما كانت، وبالأخص انها معلومة المآل مسبقا، ولا يمكن ان تتحول هذه المسألة من السلبيات المأخوذة على الجماهير الغاضبة على الطبقة السياسية والمراهنة على عدم التواصل معها او دعمها في المواقف التي تحتاج الى الدعم.
لو تناولها الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول عام 2021، كمثال أخير على نسبة المشاركة، نجدها لا تتعدى النصف من المواطنين الذين يحق لهم التصويت، فقد بلغت 42.16%، وهي ربما تكون نسبة غير حقيقية، تم إعلانها لإضفاء شرعية على تمرير الانتخابات وتشكيل الحكومة.
لو تتبعنا الدورات الانتخابية منذ ان اجريت أول عملية اقتراع للجمعية الوطنية في 30 يناير 2005، وصولا الى الانتخابات البرلمانية في 2021، نجدها في انخفاض دائم، وهذا مؤشر واضح على اتساع الفجوة بين السياسيين وناخبيهم، ولم يتمن الطرف الأول من تعزيز الثقة الذي يترتب عليه ارتفاع نسبة المشاركة.
الخيبات المتتالية والخسائر التي منيت بها الجماهير الشعبية هي من وضعت حجر أساس ذلك الانخفاض، رغم ما تقدمه الحكومة من تسهيلات متواصلة وأساليب اغرائية لدفع المواطنين على استلام بطاقة الناخب او التحديث تمهيدا للاشتراك في الانتخابات، ومع ذلك لا تزال النسب غير مفرحة بالنسبة للطبقة السياسية.
انخفاض النسبة له انعكاسات إيجابية على المرشحين او أحزاب السلطة التي عادة ما تكون ضامنة المشاركة الواسعة لمؤيديها وبالتالي تحصد عدد كبير من المقاعد المخصصة لكل محافظة، وفي المحصلة النهائية استفادت الأحزاب التقليدية من العزوف الجماهيري.
من غير المعقول ان يجلس جميع سكان المدن في الأماكن المخصصة للبرلمانيين او لأعضاء المجالس المحلية، فالانتخابات هي من سمحت لان يكون ابسط المواطنين مساهما فعالا في إدارة البلد او الحكومات المحلية، وإن فرطوا بهذا الحق؛ لن يجدوا فرصة أفضل او أكثر تأثيرا لتغيير المعادلة صالحهم في حال المواجهة لكسب الحقوق المشروعة.
اضف تعليق