ان مجالس المحافظات إذا ما بقيت في أيدي الأحزاب الفاسدة، فهذا يعني أن العراق يبقى متذيلًا قائمة الدولة المتخلفة على مستوى المنطقة والعالم، لأن الأموال المخصصة لمشاريع التنمية تتقاسمها تلك الأحزاب في ما بينها وتصبح هذه المجالس بما تمتلكه من صلاحيات ولجان فنية وقانونية قابضة على كل شيء في المحافظات ومهيمنة عليها...

مبدئيا أنا ضد وجود مجالس المحافظات، وأجد أن فترة تعليق عملها كانت هي الأفضل نسبيا، على مستوى الخدمات التي قدمت للناس.. لكن الأمور تتجه حاليا إلى إجراء انتخابات المجالس نهاية هذا العام.. الخطورة التي اشرّت إليها في العنوان مزدوجة، وتتمثل بأمرين، الأول؛ إن الصلاحيات التي منحها الدستور لمجالس المحافظات كبيرة وخطيرة جدا، من بينها أن المحافظة التي تريد أن تكون أقليما فيدراليا لوحدها أو مع غيرها، يمكنها ذلك من خلال تصويت اغلبية مجلسها، وقد حاول الفيدراليون في السنين الاولى بعد الاحتلال، استثمار ذلك لكن المشروع لم ينجح لأسباب يطول شرحها.

ومن هنا فإن وصول قوى لها توجه فيدرالي أو تستخدم هذا الخيار ورقة للضغط من أجل تحقيق مكاسب سياسية، يجعلنا جميعا أمام مسؤولية كبيرة ويفرض علينا الذهاب للتصويت كي نفقد هؤلاء فرصة الإمساك بنا من اليد التي تؤلمنا، واناشد هنا الحريصين على وحدة البلاد، لأن الفيدرالية تعني تقسيم البلاد وفقا لما جاءت به صلاحيات الأقاليم في دستور 2005، الذي أعد أصلا لتقسيم العراق وإنهائه كدولة.

وهذه مسألة مهمة يجب التأكيد عليها عند الحديث عن المشاركة في الانتخابات من عدمها، لأننا نتحدث هنا عن حقائق وليست أمنيات... الأمر الثاني، هو أن مجالس المحافظات إذا ما بقيت في أيدي الأحزاب الفاسدة، فهذا يعني أن العراق يبقى متذيلًا قائمة الدولة المتخلفة على مستوى المنطقة والعالم، لأن الأموال المخصصة لمشاريع التنمية تتقاسمها تلك الأحزاب في ما بينها وتصبح هذه المجالس بما تمتلكه من صلاحيات ولجان فنية وقانونية قابضة على كل شيء في المحافظات ومهيمنة عليها.

أي أننا في حال عدم الاسهام في التصويت ودعم القوى المدنية المشاركة في الانتخابات نفسح المجال للفاسدين ونترك البلاد فريسة لهم، وسنبقى نحن نشتم ونلعن الحظ الأسود، الذي أُتي بهؤلاء مع أن امكانية تغييرهم بأيدينا.. وفي حال تزوير الانتخابات أو التلاعب بنتائجها فإن ساحات التظاهر تنتظرنا لنعيد تشرين وبقوة هذه المرة.

اقرأ في (الفيسبوك) وغيره دعوات إلى مقاطعة الانتخابات، وهذه الدعوات تأتي من مثقفين سليمي النيات بقصد افشال الانتخابات، لتذمرهم من قانون الانتخابات ورؤيتهم بعدم جدواها، وأرى ان هذه الدعوات تخدم الفاسدين وتسعدهم، لأنها ستخلي لهم الساحة وتجعلهم وحدهم يتوزعون مقاعد المجالس، وسيستمرون يتحكمون بنا وبقوة هذه المرة.

وفي الوقت نفسه أرى أن دعوات بعض النشطاء أو شخصيات سياسية ومدونين لمقاطعة الانتخابات مدفوعة الثمن، كما حصل في الانتخابات النيابية السابقة، حين تجنّد عدد غير قليل من هؤلاء للدعوة لمقاطعة الانتخابات، وحيّدوا مئات الآلاف من الأصوات التي كانت ستغير النتيجة لصالح القوى المدنية، التي وجدت نفسها كتلة صغيرة بين كتل كبيرة ابتلعتها، بينما لو كانوا كتلة كبيرة لفرضت نفسها على البرلمان وغيّرت المعادلة.

قد يرى البعض كلامنا هذا فيه قدرٌ من الرومانسية، لكن يكفي أن هناك عددًا كبيرًا من المحللين والساسة والمثقفين المخلصين، أكدوا ان مقاطعة الانتخابات النيابية السابقة كان خطأ كارثيا، نتمنى ألّا تتكرر هذه المرة مع مجالس المحافظات، لكي لا نؤبد خيبتنا بأيدينا.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق