اخذت بلدان الرفاهية الاجتماعية تحديدا تقايض بوقاحة الحريات العامة المتطرفة ازاء المسالة الدينية بقيمها المسيحية والاسلامية (بشكل رئيس) وعلى نحو متقصد ومنفلت وبتحيز وتضاد تؤطرها ايديولوجيا متلونة ومتحررة من المعتقدات والأصول وخالية على الاقل من فكرة بناء الاسرة (نواة المجتمع التقليدي المتماسك) وهي تستبطن في داخلها حقاً اخطبوط اديولوجي متلون الكراهية...
ثمة تآكل متسارع منذ خمسينيات القرن الماضي طال روح المواثيق والدساتير والعهود الدولية المتعلقة باحترام الراي ونبذ الكراهية ولاسيما التي جاءت تشريعاتها على انقاض زوال النازية والتي جرى تبنيها منذ نشوء الحرب الباردة ولاسيما في مسألة التعاطي مع قضايا حقوق الانسان وحرية الراي والتعبير والمعتقد، اذ غطت الممارسات الأيديولوجية في كلا المعسكرين المتخاصمين وبنسب مختلفة من العنف والقمع في حروب الراي وامتلئت السجون باصحاب الفكر والراي ومورست يومها اشد الاساليب قمعا في ساحات العالمين الاول والثاني ولم يفلت منها بالتبعية العالم الثالث.
وامست المجموعات المعنفة في سجونها ومعاقلها الاجبارية جزءاً من اسرى الحرب الباردة لدى الاطراف المتحاربة كافة، اذ تراوح القمع في تطرفه بين الاساليب (المكارثية) الامريكية وانتهت بالاساليب (الاستالينية) السوفياتية ومختلف تبعاتها وامتداداتها في شرق اوروبا وغربها وحتى جنوب العالم.
اذ اصبح التصلب الدستوري في قضايا احترام الراي وحقوق الانسان ومبادي احترام الحريات الشخصية والفكرية شديد الميوعة والتلون عندما يستخدم القانون الاساس كمقياس في تسويغ السلاح الأيديولوجي عند التعاطي مع خصوم الراي في كلا المعسكرين.
والخطر اليوم في عالم (العولمة الموجهة) ان جاز التعبير هو في الميوعة الدستورية وتسارعها في ديمقراطيات بلدان الرفاهية الاجتماعية social welfare states ولاسيما الاسكندنافية منها التي تزحف تحت لون (الحرب الناعمةSoft war) تلك الحرب التي عرفها استاذ هارفرد (جوزيف ناي Joseph Nye) في كتابه الموسوم: القوة الناعمة 2004 بانها: ( استخدام كل الوسائل المتاحة للتأثير في الآخرين باستثناء الاستخدام المباشر للقوة العسكرية) ومن خلال هذا التعريف نرى ان Nye أباح استخدام أية وسيلة من شأنها التأثير على الآخرين، بغض النظر عن كونها مشروعة أو غير مشروعة، وعلى وفق منهج الغاية تبرر الوسيلة، ذلك على فرض ان الغاية هي الاهم في بسط السيطرة والنفوذ على الدول.
وعليه اخذت بلدان الرفاهية الاجتماعية تحديدا تقايض بوقاحة الحريات العامة المتطرفة ازاء المسالة الدينية بقيمها المسيحية والاسلامية (بشكل رئيس) وعلى نحو متقصد ومنفلت وبتحيز وتضاد تؤطرها ايديولوجيا متلونة ومتحررة من المعتقدات والأصول وخالية على الاقل من فكرة بناء الاسرة (نواة المجتمع التقليدي المتماسك) وهي تستبطن في داخلها حقاً اخطبوط اديولوجي متلون الكراهية بين الارث الابيض الاستعماري والكراهية لقيم الشرق مصدر الاديان السماوية الاساسية الثلاث، ذلك في موجة تدمير اساسها تميع الأيديولوجيات الدينية وتذويبها بعولمة أجتماعية شديدة التشويه.
لذا اجد ان بلدان دولة الرفاهية الاجتماعية تحديدا والتي قايضت التقاليد الدينية بمعايير مدنية شديدة التطرف في ابتعادها عن المبادىء والتقاليد الروحية الكنيسية امست حاضنة يمينية تقلب في ذاتها تاريخ العنصرية والقهر الاستعماري وتفوق العرق الابيض باصابع ديمقراطية مدنية خطيرة الميول والتصرفات كالحرق العلني للكتب السماوية.
فاذا كان هذا هو حال الغرب الديمقراطي ومعسكره الاديولوجي الناعم القوة في (السويد) ومحيطها الاسكندنافي المحتمل… فان للشرق التقليدي ردود افعاله ربما ستقود نضالاً طويلاً من اجل البقاء وحرية الراي والقيم السماوية المسيحية والاسلامية وغيرها للحفاظ على وجودها من موجة استعمارية ثقافية شاقة جديدة هي نتاج (الحروب الناعمة المضادة) وباشكال واساليب منظمة او ربما غير منظمة احيانا او شديدة الانفلات.
ختاماً، انه صراع الحضارات في عالم الالفية الثالثة بين الشرق والغرب اخذ يتاسس مع اقتلاع الغرب لفكرة العائلة المقدسة وقيمها الارثوذوكسية الراسخة.
اضف تعليق