الانسان هو محور التفاعل الانتاجي في النشاط الاقتصادي. والتفاعل عمل ذو طبيعة انتاجية، وهذا اساس، والاستهلاك فرع وليس العكس. وهذا التفاعل انتاجي بشكل اساس وليس ريعيا، والريع فرع وليس العكس، والصورة الاولى للتفاعل الانتاجي هي بين الانسان والارض، زراعة وصناعة وخدمات وتجارة. والارض هي الطرف الثاني في هذا التفاعل الانتاجي...
في الدولة الحضارية الحديثة يجب على الجميع ان يعملوا، ليس على قاعدة "من لا يعمل لا يأكل"، لأن من لا يعمل لاسباب خارجة عن ارادته تتكفل الدولة باطعامه واسكانه على قاعدة "الضمان الاجتماعي" social security.
على جميع الافراد القادرين على العمل في الدولة الحضارية الحديثة ان يعملوا على قاعدة ان العمل من اجل انتاج الخيرات مسؤولية جماعية يتحمل اعباءها الجميع، على قاعدة "من كل حسب قدرته، ولكل حسب حاجته."
هذا هو النشاط الاقتصادي في الدولة الحضارية الحديثة، وتعريفه: هو التفاعل الانتاجي بين عناصر المركب الحضاري في اطار منظومة القيم العليا الحافة بعناصره الخمسة وهي: الانسان، الارض، الزمن، العلم، العمل.
الانسان هو محور التفاعل الانتاجي في النشاط الاقتصادي. والتفاعل عمل ذو طبيعة انتاجية، وهذا اساس، والاستهلاك فرع وليس العكس. وهذا التفاعل انتاجي بشكل اساس وليس ريعيا، والريع فرع وليس العكس.
والصورة الاولى للتفاعل الانتاجي هي بين الانسان والارض، زراعة وصناعة وخدمات وتجارة. والارض هي الطرف الثاني في هذا التفاعل الانتاجي. وهذا قول القران الكريم:"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ". والتفاعل بين الانسان والارض يجب ان يكون على اساس العلم، لان الاستثمار الجيد للارض وثرواتها في الزراعة والتعدين والصناعة لا يتم الا بالعلم والتكنولوجيا. والتفاعل الانتاجي مع الارض ينتج المزيد من العلم. والتفاعل الانتاجي على اساس العلم يحسن الانتاج ويعظّم الانتاجية، وهذا ايضا قول القران الكريم: "وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا". و "الطريقة" هي الطرق العلمية في الانتاج. وهي طرق متطورة متنامية، الامر الذي يستوجب تحديثها بشكل مستمر، على قاعدة ان لكل عصر حداثته. ولهذا يجب يكون التفاعل الانتاجي بين الانسان والارض حديثا دائما في طرق الزراعة والصناعة والبحث عن ثروات الارض وخيراتها وادارة هذا التفاعل الانتاجي.
والتفاعل الانتاجي لا يغفل الزمن، ومن هنا يخضع للتخطيط العلمي والبرمجة الزمنية وحساب الزمن المطلوب لكل عمليات النشاط الاقتصادي، وهذا هو الدرس الذي يقدمه القران في قصة يوسف. "قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ، ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ" ثم قوله:"قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ"، مبينا اهم شرطين في النشاط الاقتصادي وهما حفظ الثروة من الهدر والضياع، والعلم، بما في ذلك التخطيط العلمي للنشاط الاقتصادي وادارته.
وقد يسألني القاريء العزيز محتجا او مستفهما: انك تتحدث عن النشاط الاقتصادي في الدولة الحضارية الحديثة ثم تستشهد بالقران؟ وجوابي ان في ثنايا القران مفردات قيمة لمنظومة القيم العليا الحافة بالمركب الحضاري، وفي مجتمع اسلامي مخضرم يؤمن بالقران من الاجدر توظيف هذه القيم ما امكن ذلك في النشاط الاقتصادي، اضافة الى ما تقدمه الحداثة من معطيات جديدة علمية وتكنولوجية. هذا فضلا عن ان البحث العلمي الذي قام به عالم الاجتماع ماكس فيبر اثبت دور القيم، دينية كانت ام لم تكن، في الازدهار الاقتصادي. وهو امر وافقه عليه فوكوياما في بحثه القيم عن دور الفضائل الاجتماعية في تحقيق الرخاء الاقتصادي.
يقول فوكوياما: وكما ادرك ادم سميث فان الحياة الاقتصادية جزء لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية ولا يمكن فهمها بمعزل عن جملة العادات والتقاليد والاعراف والقيم الاخلاقية السائدة، او باختصار لا يمكن فصل الاقتصاد عن الثقافة في المجتمع.
اضف تعليق