q
هذه القضية لا تبدو عفوية وتحصل كنتيجة طبيعية لتردي القطاع او المنظومة الكهربائية في البلاد، فهي خاضعة الى قوة ضغط سياسية داخلية وخارجية لا يمكن لها ان تفك الخناق عنها وهي تمثل جزء من نفوذ سياسي يتم التحكم من خلاله بالقوى الداخلية او يعطيها مسوغ لإبقاء وديمومة التأثير والتدخل في الشؤون تحت عباءة...

تعلمنا منذ سنواتنا المبكرة ان لكل قصة نهاية، ففي الأفلام الأمير والاميرة يعيشان حياة سعيدة او تنتهي حياتهم بالطلاق، وراعي البقر يمضي بحصانه نحو غروب الشمس، والساحرة تموت او ينقلب عليها السحر، وفي واقعنا الحالي لم نصل الى نهاية لقصة الكهرباء في العراق ومع هذا الوسط الفوضوي المواطن يبحث عن خاتمة.

مع الارتفاع البسيط بدرجات الحرارة تبدأ درجات القلق والتذمر لدى المواطنين بالارتفاع ايضا، فلا تزال الكهرباء تتبع استراتيجية الخط المتقطع، وتبتعد بشكل كبير عن المسار المتصل في الاستمرارية مع ما يشهده العراق من موجات حر قاسية.

ويعتبر ملف الكهرباء من الملفات الشائكة والغامضة التي لا يمكن ان نجد لها تفسيرا منطقيا، او قراءة واقعية لما مر فيه هذا الملف منذ تغيير النظام الى يومنا هذا، فلو راجعنا التصريحات الحكومية قبل عقد ونصف من الآن لوجدناها عازمة على القضاء على مسألة انقطاع التيار الكهربائي.

ونحن اليوم قد انهينها العقد الثاني بعد التغيير ولم نتوصل الى حل لهذه المشكلة التي لازمت الجيل الجديد وكبرت معه، ويتضح انها لا تنوي مفارقته في العقد القادم او النصف عقد على اقل تقدير.

هذه القضية لا تبدو عفوية وتحصل كنتيجة طبيعية لتردي القطاع او المنظومة الكهربائية في البلاد، فهي خاضعة الى قوة ضغط سياسية داخلية وخارجية لا يمكن لها ان تفك الخناق عنها وهي تمثل جزء من نفوذ سياسي يتم التحكم من خلاله بالقوى الداخلية او يعطيها مسوغ لإبقاء وديمومة التأثير والتدخل في الشؤون تحت عباءة الديون والغرامات والاستحقاقات المالية المتراكمة.

وكحل او جزء من حل للمشكلة ظهرت لنا فكرة المولدات الاهلية المراقبة والمدعومة حكوميا، فهي تريد عبر الاهتمام بأصحاب المولدات ان تُغطي بؤسها في إيجاد الحلول طيلة السنوات المنصرمة، وبذلك وكأنها تقول، لقد وفينا بوعدنا ووفرنا التيار بأسعار مدعومة عبر تجهيز كميات الكاز الذي يخفف الضغط على القطاع الخاص ومن المفترض ان يقل المبلغ المستقطع من المواطنين.

الرقابة المفروضة على المولدات الاهلية هي رقابة وهمية وغير مجدية، ودليل ذلك، هو التفاوت الكبير من حيث ساعات التشغيل واستحصال المبالغ المالية حسب ما يراه المالك بدون الالتزام بالتسعيرة الرسمية التي تضعها الحكومة وتلوح بمعاقبة غير الملتزمين.

نسبة كبيرة من أصحاب المولدات لديهم تنسيق كبير مع الجهات المعنية بمحاسبة الذين يتجاوزن على القرارات الرسمية، وبعد ذلك تتسع مساحة المخالفات ولا أحد من المواطنين قادر على التكلم او رفع شكوى ضد المخالف، وهنا يكون الفرد مغلوب على امره، ويكتوي بنارين.

هذه الحالة التي يمر فيها القطاع الكهربائي في العراق تجعلنا امام واقع جديد يفرضه التغيير الكبير الذي أصاب غيره من القطاعات كالتعليم، الذي شهد افتتاح المئات من الجامعات الاهلية والمدارس والروضات، التي سحبت البساط من تحت التعليم الحكومي واخرجته عن وظيفته وقللت أهميته.

وينطبق ذات الحال على القطاع الصحي الذي استفحلت فيه المستشفيات الاهلية والعيادات الخارجية، التي سلطت سيفها على رقاب الناس ذوي المرضى وافرغت جيوبهم، ولا يوج حد للجشع الذي يتبعه أصحاب هذه المؤسسات الاستثمارية في المجتمع.

ويبقى مستقبل المولدات والقطاع الكهربائي مجهول في السنوات القادمة، فيمكن ان تذهب الجهات الحكومية الى جعل أصحاب المولدات المتحكمون في راحة المواطنين، لاسيما في أوقات الحاجة الفعلية للتيار، فهل سنرى ربط لخطوط جديدة في قادم الأيام، ام سيكون للقطاع الأهلي حديث آخر؟

اضف تعليق