روسيا أعلنتها صراحة... الدعم العسكري لن يتوقف عن سوريا، وبقاء نظام الأسد خيارنا الوحيد، سيما مع الاتهامات الامريكية لها بتزويد سوريا بالمعدات العسكرية الحديثة، إضافة الى تواجد ضباط وجنود روس، (يقدرون بالمئات)، بالقرب من المعاقل الرئيسية للنظام، خصوصا في اللاذقية والعاصمة وعلى طول ساحل البحر المتوسط.
امام هذا الإصرار الروسي في الحفاظ على حليف أساسي لها في منطقة الشرق الأوسط، والذي قابله تصعيد اعلامي امريكي عالي المستوى... نجد أنفسنا بين عدة تساؤلات عن مصير هذه المنطقة التي تنازعتها الدول الكبرى فيما بينها، ولعل أبرز هذه التساؤلات يتحدث عن السبب وراء التصعيد الروسي-الأمريكي الأخير؟ ... ولمصلحة من؟ ولماذا؟.
ربما شكل (النظام السوري) عقدة الخلاف بين الولايات المتحدة الامريكية وروسيا، فمع اتفاقهما على ضرورة مكافحة الجماعات الإرهابية، (خصوصا تنظيم داعش)، والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومنع انهيارها، الا انهما يختلفان بفارق كبير حول (بشار الأسد)، الذي تعتبره روسيا رجل المرحلة، فيما ترى الولايات المتحدة الامريكية في شخص الأسد، مجرم قتل شعبه من اجل البقاء في المنصب.
ومع التطورات العسكرية الأخيرة من الطرفين الروسي والامريكي، حيث زادت الولايات المتحدة من تحركاتها العسكرية، وتدريب المقاتلين، (من تسميهم المعارضة)، وطلعاتها الجوية وعدد حلفائها، بعد انضمام تركيا، فيما نقلت روسيا التقنية والخبراء الى سوريا، أضافة الى قيامهم ببناء مدرج لهبوط الطائرات والاعلان عن مناورات عسكرية في البحر المتوسط تنطلق من ميناء طرطوس، حيث القاعدة البحرية الوحيدة لها في تلك المنطقة... قد يبدو ان صراعا حادا بينهما يمكن ان يحدث في أي وقت ويفجر المزيد من المشاكل الجديدة في المنطقة التي ابتليت بالإرهاب والحرب الاهلية، وقد ذهب الكثير من المحللين الى هذا الرأي بعد الهجوم الأمريكي الإعلامي، وعلى اعلى المستويات، لتصرفات روسيا الأخيرة.
هناك من يرى ان هذه التوقعات مبالغ في تصويرها... فحتى الروس والامريكيين لهما مصالح مشتركة في سوريا، سيما وان نقاط التوافق السوري التي يجمع عليها الطرفان، يمكن ان تجمعهما على اهداف موحدة يتم العمل عليها وفق تسلسل زمني متفق عليه، وهذا الرأي لا يشترط قبول الولايات المتحدة الامريكية بالسياسية الروسية بكامل تفاصيلها في روسيا، والعكس صحيح أيضا، لكن ما يجمع روسيا وامريكا، كما ذكرنا، هي المصالح المشتركة، امام نقاط الخلاف، ومنها بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة، فيمكن وضعها في اخر جدول الاعمال... وعلى هذا الأساس فان التحركات الروسية تمت بموافقة، (ربما بمباركة)، أمريكية خالصة، لا يشترط، أيضا، الإعلان عنها من اجل مراعاة مشاعر حلفائها الاخرين.
بقي ان نشير الى الموقف الأوربي من التحركات الروسية... والذي بدوره، على ما يبدو، انقسم الى خطين:
- الأول يؤيد وجود حضور فاعل لروسيا على المستوى السياسي والعسكري في سوريا، وهو ما دعت اليه المانيا وعدد من دول اوربا الغربية.
- الثاني يعارض السماح للمزيد من التدخل الروسي في سوريا ومحاولة عزلها عن حليفها... طبعا بريطانيا وفرنسا في طليعة هذه الدول.
بطبيعة الحال... ذات المصالح التي تحرك الولايات المتحدة الامريكية او روسيا او تركيا تجاه التفاعل مع الازمة السورية، هي من تحرك هذه الخطوط الاوربية، واغلب الضن ان الفوضى التي ولدتها هذه التناقضات والصراعات، بين تلك الدول، على المصالح الاقتصادية والسياسية اللامعة من وراء ما ستجنيه من سوريا، كانت اشد وطئه مما خلفه الإرهاب من دمار في هذه البلد، سيما وأنها كانت وما زالت الاجدر على انهاء هذه الازمة بصورة حل سياسي سلمي... لكنها لم تفعل... ولن تفعل في الوقت القريب.
اضف تعليق