تعد هذه المسألة من المشاكل الكبرى التي واجهت المؤسسات الحكومية منذ عقدين، وبالنتيجة لا نجد أي تقدم في عمل هذه المؤسسات التي تحولت فيما بعد الى اشبه بالتركة تتوارثها الأحزاب والجهات المتحكمة في المشهد السياسي وبذلك لا يكون هم المدير او الموظف العمل من اجل تقديم الخدمة بقدر المنفعة الضيقة...
النجاح الذي يحققه بعض المدراء او الأشخاص العاملين في مواقع مختلفة، لا يعني ان ذلك درع حصين يجعلهم خارج التدوير الوظيفي الذي يحدث في المؤسسات بصورة عامة، وان حدث يعتبر من قبل الكثير انه خطأ متعمد يهدف الى إرباك عمل دائرة ما.
فكرة التدوير التي تحصل بصورة دورية لها العديد من الإيجابيات، لكنها لا تخلوا من السلبيات، من الإيجابيات التي يمكن ان تنتج من هذه العملية هي عملية نقل النجاح الذي يحمله الموظف في مكان عمله الى أماكن أخرى، وبالتالي تنتشر هذه التجربة المتميزة وتعم في أكثر من مكان.
إبقاء الموظف في مكان عمل ثابت وان كان ناجحا يعد من الأساليب الإدارية الفاشلة، ذلك ان التحريك المستمر، يعني ديمومة الاستفادة من الطاقة الكامنة في هذه الشخصية المتفردة في الأسلوب والحكمة التي بموجبها تدير الجوانب سواء الإدارية او غيرها بما يتعلق بجنس العمل المؤدى بشكل عام.
بالتأكيد المكان الجديد الذي يحتضن الموظف القادم من مؤسسة أخرى، فيه الكثير من الأخطاء التي يرى من اتخذ قرار التدوير مصلحة عامة في ذلك، فمن شبه المؤكد ان يبدع الموظف في مكان عمله الجديد وينهض به وفق الأدوات المتواجدة تحت يده، وهنا المقصود بالأدوات الموظفين الماهرين من ذوي الخبرات المتراكمة عبر السنين.
الاعتقاد السائد في البلاد، ان أي عملية نقل لمدير او موظف معين، يحمل طابعا عدائيا، وبالتالي تسود النظرة السوداوية في المؤسسات التي تشهد مثل هذه التحركات، وبذلك تكون بيئة العمل ملغومة بالأفكار السلبية التي من شأنها تعكير الأجواء وتمنع أي عملية تقدم او تغيير يطمح اليه المدير الجديد.
ما يحصل في المؤسسات الحكومية بصورة عامة، تدوير غير محسوب النتائج، فالانتقال لا يحصل وفق نظرية الجودة والاستفادة من العاملين لتطوير العمل وفق مرتكزات علمية رصينة، اذ تتم إدارة المناصب وفق الولاء الحزبي والتقرب من أصحاب القرار بصرف النظر عن الخبرة والمهارة التي تتمتع بها الشخصية.
المدير الجديد وان كان كفوء ولديه القدرة على إعادة التوازن الى المؤسسة، الا انه لا يمكنه العمل دون اللجوء الى نمطين من التعامل وهما:
النمط الأول، العمل على تفكيك الخلايا الموالية للمدير السابق والتي تعتبر المجسات التي يستشعر من خلالها ردود الأفعال تجاه سياسته المتبعة في العمل، الى جانب افشال المخططات التي من الممكن ان تطيح به عبر تشكيل لوبيات رافضة لنوع التعامل معهم كأن يكون تهميش للآراء وتكميم للأفواه.
اما النمط الثاني، يتمثل بقيامه نقل لعمل حرسه القديم الى المكان الجديد، ليكوّن حاشية تحميه من ردود الأفعال المتوقعة والتصرفات المضادة له من قبل العامة في الدائرة، وبالنتيجة يعيش بنفس الأجواء التي اعتاد عليها في المؤسسة السابقة ولا يتغير شيء، وهو بذلك يكون وفر على نفسه وقت المواجهة المباشرة.
ومن السلبيات التي يمكن ان ترافق عملية تكليف المدراء الجدد هو احتمالية هدم المشروع الذي وضع اسسه المدير القديم ولديه معرفة دقيقة بكل تفاصيله، وفي حال تركه بمرحلة من المراحل وخصوصا البدائية سيحكم عليه بالفشل التام، لا سيما وهنالك بعض المدراء تتعمد عدم إكمال المسيرة او الاعمال التي شرع بها من سبقوهم.
وتعد هذه المسألة من المشاكل الكبرى التي واجهت المؤسسات الحكومية منذ عقدين، وبالنتيجة لا نجد أي تقدم في عمل هذه المؤسسات التي تحولت فيما بعد الى اشبه بالتركة تتوارثها الأحزاب والجهات المتحكمة في المشهد السياسي وبذلك لا يكون هم المدير او الموظف العمل من اجل تقديم الخدمة بقدر المنفعة الضيقة التي لا تبتعد بحدودها عن أروقة الحزب سين والحركة صاد.
اضف تعليق