q
المطلوب الان هو استغلال هذا الزخم وتنظيم فعالية سنوية خليجية في البصرة لضمان استمرار تدفق الخليجيين الى العراق. قد يكون هذا اسبوع ثقافي خليجي او اقتصادي او سياحي، هذه ايضا فرصة للعراق لطلب تنظيم بطولة اخرى قد تكون عربية او اسيوية لتدفع عجلة الاعمار الى الامام...

لو استخدمنا حساب العرب لوجدنا ان اخر احصائية معلنة من هيئة المنافذ الحدودية العراقية افادت بوصول 55 الف مواطن خليجي للبصرة. ولو افترضنا ان كل واحد من هؤلاء انفق 100 دولار يوميا - وهو مبلغ معقول لتكاليف الفندق والطعام - فهذا يعني ان هؤلاء انفقوا حوالي 5 ملايين دولار في اليوم. ولو ضربنا ذلك ب 7 فسيكون المجموع حوالي 35 مليون دولار، وبإضافة الزوار العراقيين من باقي المحافظات فان الرقم قد يصل الى حوالي 300 مليون دولار دخلت الى البصرة خلال اسبوعين - باعتبار ان حوالي نصف مليون عراقي زاروا البصرة خلال البطولة، هذه هي العوائد الاقتصادية المباشرة.

لكن هناك عوائد اقتصادية غير مباشرة اكثر اهمية بكثير، هذه البطولة فتحت العراق والبصرة بالذات كوجهة سفر محتملة امام الخليج ومواطنيه. فمن زارها سينقل لمن يعرفه تجربته، ما سيجنيه العراق والبصرة هو محو محتمل لصورة العراق العنيفة السلبية التي هيمنت في ارجاء العالم منذ عام 2003، وقد يؤدي ذلك ايضا الى (دخول) استثماري خليجي قد يكون خجولا في بدايته وقد يتوسع في حال استمرت اوضاع البصرة (الودية) على المدى المتوسط.

من جهة ثانية, فقد كان ما حدث خلال الاسبوعين الماضيين بطولة سياسية بقدر ما كان حدثا رياضيا بحتا، لا ابالغ بالقول ان هذه البطولة اعادت العراق الى العرب واعادت العرب الى العراق لاول مرة منذ عام 1990، لا يعني هذا بالطبع دولة عراقية جديدة معادية لايران بقدر ما يعني امكانية حصول توازن عربي - ايراني في العراق يخدم العراق والعرب معا.

وهناك ايضا البعد الاجتماعي والشعبي لهذا الحدث. ما جرى اثبت للعرب - واعني هنا المواطن العربي لا الحكومات - ان كل ما لقنه له ائمة التكفير عن العراقيين - والشيعة منهم بالذات - كان هراء وكذبا، العراقي - الشيعي كما السني - هو عربي اساسا ويتطلع لاحياء علاقاته الودية مع اشقائه العرب وعلى رأسهم الخليجيون.، وعلى صعيد متصل فان استجابة الخليج العربي واعلامه الايجابية لما حدث سيشجع هذا الاتجاه (العربي) لدى العراقيين وسيغذيه.

اجمالا شهدنا احتفالا ناجحا بحفلي افتتاح وختام مبهرين وحماس شعبي فاق المتوقع بكثير - وربما زاد عن حده المعقول - واحتفاءا شعبيا بصريا بالزوار الخليجيين، كانت هناك هفوات يجب معالجتها مثل تنظيم دخول الملاعب مما ادى لمغادرة مؤسفة للوفد الرسمي الكويتي وللمشجعين العمانيين ولخسارة بالارواح كادت ان تطيح بكل الجهود المبذولة لولا اقتناع الجماهير في اخر لحظة بمشاهدة المباراة النهائية في ملعب اخر.

وهناك ظواهر يجب ان تنتهي مثل اطلاق العيارات النارية واخرى يمكن ان تنظم مثل (الكرم) العراقي الذي يمكن ان يحاكي ما يحدث في كثير من المطاعم الامريكية التي تقدم خصومات وتنزيلات وعروض مختلفة (مثل اشتري وجبة واحصل على وحبة اخرى مجانا او وجبة يوم الثلاثاء بنصف السعر او تخفيضات لكبار السن...الخ).

وفي النهاية اوصل العراقيون رسالة للعالم مفادها انهم يريدون ان يعيشوا مثل باقي البشر وكان هذا الحدث فرحة غابت عن حياتهم لعقود ولعلها تتوج بخبر سعيد مثل رفع الحظر عن الملاعب العراقية.

المطلوب الان هو استغلال هذا الزخم وتنظيم فعالية سنوية خليجية في البصرة لضمان استمرار تدفق الخليجيين الى العراق. قد يكون هذا اسبوع ثقافي خليجي او اقتصادي او سياحي او مهرجان فني... الخ.

هذه ايضا فرصة للعراق لطلب تنظيم بطولة اخرى قد تكون عربية او اسيوية لتدفع عجلة الاعمار الى الامام، واخيرا فقد كان ما حدث هدية من السماء لحكومة السوداني خصوصا اذا احسن استغلال نتائجه...

الرياضة لم تعد رياضة فقط. انها اليوم سياسة واقتصاد بامتياز.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق