تطورات تاريخية جرت هذه الايام في الولايات المتحدة فيما يخص قضيتي حمل السلاح والاجهاض. ويبدو ان هناك سوء فهم شبه عام لها، الحدث الاول هو حكم تاريخي من المحكمة الامريكية العليا ينقض اجراءات ولاية نيويورك بتقييد حمل الاسلحة (المخفية) في الاماكن العامة حيث اشترطت الولاية وجود سبب يستدعي حمل السلاح في الاماكن العامة...
تطورات تاريخية جرت هذه الايام في الولايات المتحدة فيما يخص قضيتي حمل السلاح والاجهاض. ويبدو ان هناك سوء فهم شبه عام لها.
الحدث الاول هو حكم تاريخي من المحكمة الامريكية العليا ينقض اجراءات ولاية نيويورك بتقييد حمل الاسلحة (المخفية) في الاماكن العامة حيث اشترطت الولاية وجود سبب يستدعي حمل السلاح في الاماكن العامة لكن المحكمة العليا حكمت بأغلبية 6 قضاة مقابل 3 بان هذا التقييد يتناقض مع الحق الدستوري بحمل السلاح.
الحكم لا يمنع الولايات من تقييد حمل السلاح في اماكن عامة حساسة مثل المدارس والمحاكم مثلا (وهذا ما يهمله الاعلام عادة في تغطية تفاصيل الحكم).
الحدث الثاني هو تصويت تاريخي في مجلس الشيوخ بأغلبية 65 عضو مقابل 35 على قانون يقيد الوصول الى السلاح. يشدد القانون التحريات على طلبات شراء الاسلحة لمن هم دون سن ال 21 ويوفر 15 مليار دولار لبرامج الصحة العقلية وحماية المدارس. كما يمنع بيع السلاح للشركاء (وليس فقط الازواج) المدانين بالعنف المنزلي.
الحدث الثالث هو نقض المحكمة العليا بأغلبية 5 قضاة مقابل 4 لحكم تاريخي صدر عام 1973 يعتبر الاجهاض حقا دستوريا.
والحقيقة ان قضية الاجهاض كثيرا ما ترتبط بمعلومات منقوصة وغير دقيقة.
فمثلا حكم المحكمة العليا لعام 1973 لم يمنح النساء حقا مطلقا بالاجهاض ابدا. الحكم منحهن هذا الحق في الاشهر الثلاثة الاولى من الحمل فقط.
وحكم المحكمة اليوم لم يمنع الاجهاض ابدا. الحكم اعتبر هذه القضية تخص الولايات التي لها الحق في تشريع ما تراه مناسبا وان الاجهاض ليس حقا دستوريا بموجب الحق بالخصوصية وبالتالي لا يستدعي تدخل الحكومة الفدرالية لضمان تنفيذه. كما ان حكم المحكمة يسمح بتنفيذ قانون اقرته ولاية مسيسيبي يمنع اغلب عمليات الاجهاض بعد مرور 15 اسبوع من الحمل ولا يمنع الاجهاض بالمطلق (كل هذه التفاصيل يهملها الاعلام الذي يصور الحكم على انه منع للاجهاض خصوصا ان نص الحكم 213 صفحة واجزم ان 99% ان لم يكن 100% ممن يعارضوه او يؤيدوه لم يقرؤا هذا النص الطويل).
والحقيقة ان عبارات مثل الحق الدستوري او حكم المحكمة العليا كثيرا ما يبالغ في اهميتها.
فمثلا عندما يقول أحدهم وهو يحمل بندقية الية قادرة على قتل 50 انسانا في دقيقة واحدة بان هذا حق دستوري، لا املك الا ان اضحك!
ولنفترض انه حق دستوري. هل الدستور ثابت لا يتغير؟! اذا كان هذا في الدستور وهو خطأ فيمكن تعديل الدستور!
ونفس المنطق يتعلق بأحكام المحكمة العليا. فعندما يقول لي أحدهم: ان المحكمة العليا قالت كذا، اجيب: المحكمة العليا هي 9 اشخاص يعينهم الرئيس ويوافق عليهم الكونغرس وهم ليسوا المقياس الوحيد للحق والباطل في الكون!
قضيتا السلاح والاجهاض مهمتان في الولايات المتحدة حيث تتعلق الاولى بالسلامة العامة في حين تعتبر الثانية من قضايا حقوق المرأة.
لكنهما معا لا تتجاوز اهمية مشكلة التضخم التي ضربت الاقتصاد الامريكي والعائلة الامريكية في مقتل. وعلى الاغلب ستؤدي هذه الازمة الى خسارة الديموقراطيين لمجلس الشيوخ وقد تمهد لعودة ترامب بعد عامين خصوصا اذا دخل الاقتصاد الامريكي في كساد جديد عام 2023 وما بعده.
الديموقراطيون سيستخدمون قضيتي السلاح والاجهاض في حملاتهم الانتخابية حلال الاشهر القادمة والنتيجة نتركها للايام.
اضف تعليق