تطبيق المطوف ونتيجة لتعدد المذاهب الإسلامية الكريمة سينتقل بالمخاطر من مرحلة التهديد الى مرحلة الأزمة لان الراغبين في الحج سيتم فرض المرشد الديني عليهم خلال تأديتهم للشعائر، وهذا سيسلب حقوق الحاج العقائدية خلال تأديته لتلك الشعائر وذلك لاختلاف بعض المذاهب في بعض الشعائر واحكامهما وبذلك سيعرض...
في كل عام تستأنف رحلة الحجيج من جميع بقاع العالم مستهدفة في وجهتها بيت الله الحرام لأداء ركن من اركان الإسلام في واحدة من اهم الاحداث التي يشهدها العالم.
ان مكة المكرمة بالإضافة الى قدسيتها وثقلها العقائدي وبوصلتها التي ترتكن اليها اقطاب القلوب وهي تستقبل قرابة مليوني حاج سنوياً وقرابة 12 مليون معتمر في السنوات الأخيرة تمثل فضاءاً تستقر فيه الحان السماء حيث تتناغم فيه تكبيرات الاحرام والتلبية.
تشكل مناسكُ الحج والعمرة سلسلةً من الفعاليات التي تتطلب مقتضياتها بنية تحتية رصينة لإدارة الحجيج بصورة منتظمة ورشيقة وقد كان للمملكة العربية السعودية أداء ملحوظ في تطوير هذه البنى طيلة سنوات عدة من خلال حقيبة من المشاريع والبرامج استطاعت من خلالها التغلب على العديد من التحديات التي واجهتها في إدارة ملف الحج على الرغم من وقوع بعض الحوادث المؤسفة.
ان المناخَ الروحي ومعمارية البنى والخدمات الجليلة التي تقدمها المملكة هو مزيج من السلام الذي ترنو له الامة وهي تمر في أقسى ظروفها في هذا العصر التي تجذرت فيه العديد من التحديات التي تهدد مباني الدين في قلوب المسلمين ولا سيما المسلمين الذين يقطنون خارج بلدانهم الإسلامية.
ان المسلمين الذين يعيشون خارج بلدانهم الإسلامية يمثلون موارد بشرية لتنمية أجيال الامة واستدامة عطاءهم كبنيان مرصوص في خطوة لتثبيت زخم العقيدة الإسلامية في ادبيات الجاليات الا ان مسلمي الخارج الساكنين في اوربا وامريكا وكندا واستراليا وبعض الدول الاجنبية في هذا موسم عام 1443 هـ واجهوا تحدياً كبيراً كان قد خططت له وزارة الحج والعمرة في المملكة في خطوة لتطبيق الحج الذكي من خلال تطبيق المطوف والذي من خلاله تم تغيير آلية الحج والاستغناء عن نظام الحملات الذي تنظمه في الأعوام السابقة.
ان تطبيق الحج الذكي وتغيير ديناميكية رحلة الحجيج خلال أدائهم للشعائر بالإضافة الى افتقار تطبيق المطوق لاهم الخدمات التي عانى منها الراغبون في تلك البلدان خلال تجربتهم في التقديم والتسجيل للحج شكل ازمةً كبيرةً ابتداءاً من آلية الدفع للمبالغ والخدمات المصنفة في التطبيق ذاته والذي ينعكس على ارتفاع الأسعار.
ناهيك عن ان هنالك امر مهم جداً وهو ان تطبيق المطوف ونتيجة لتعدد المذاهب الإسلامية الكريمة سينتقل بالمخاطر من مرحلة التهديد الى مرحلة الأزمة لان الراغبين في الحج سيتم فرض المرشد الديني عليهم خلال تأديتهم للشعائر، وهذا سيسلب حقوق الحاج العقائدية خلال تأديته لتلك الشعائر وذلك لاختلاف بعض المذاهب في بعض الشعائر واحكامهما وبذلك سيعرض جدوى المناخ الروحاني الذي حرصت المملكة عليه في تحقيق برنامج الاستدامة في رؤيتها لعام 2030 والتي تستهدف احترام جميع المذاهب والسعي لتحقيق الهدف المنشود من رسالة الامة.
يجب ان تنظر المملكة العربية السعودية في إعادة النظر بتطبيق الحج الذكي وآلية فرض المرشد الديني وتطبيق الشفافية في الأسعار من خلال برامجها التطبيقية، لتثبت ان الحج ليس ممارسة استثمارية في جدار البورصة، او غير متحيزة عقائدياً من خلال فرض المرشدين الدينيين من مذهب واحد والسماح للحجيج من تلك الدول في تطبيق حقوقهم المذهبية في بعض تفاصيل الشعائر، ومن المؤكد ان رسائل إعادة النظر في التطبيق آلية الحج المفترضة هذا العام في تلك الدول لاحترام خصوصية الحجيج ستكون ذات اثر إيجابي تنقل من خلالها عبارات السلام الى جميع طوائف الأمة.
لايزال الراغبون بالحج هذا العام في اوربا وامريكا وكندا واستراليا وبعض الدول الاجنبية ينتظرون الاستجابة الإيجابية وبالسرعة الممكنة لإتخاذ القرار الذي يليق بإمكانيات المملكة ليتنفس الراغبون بالحج لهذا العام أملَ اللقاء ببيت الله الحرام بعد ان ضاقت بهم سبل الأرض وكمية التعقيد بالإجراءات الإدارية ولانحسار الوقت.
اضف تعليق