احدى واجبات الحكومة هي حماية القدرة الشرائية لمواطنيها، بل العمل المستمر على رفع مستوى القدرة الشرائية لهم. صحيح ان من واجب الافراد العمل من اجل تحسين مستوى دخلهم عن طريق نشاطهم الاقتصادي، لكن هذا لا يعفي الحكومة من التزامها ازاءهم في هذا المجال...

القدرة الشرائية، او القوة الشرائية، حسب Harvard Business Review هي كمية السلع والخدمات التي يمكن شراؤها بوحدة نقدية لعملة البلد المعني. وترتبط القدرة الشرائية للافراد بالتضخم ارتباطا عكسيا. كلما زاد التضخم نقصت القدرة الشرائية، والعكس بالعكس. تعبر القدرة الشرائية عن مستوى رفاهية الافراد وقدرتهم على إشباع حاجاتهم. وتتحدد القدرة الشرائية للافراد بمحددين اساسيين هما حجم الدخل المتوفر لهم، ومستوى الاسعار.

احدى واجبات الحكومة هي حماية القدرة الشرائية لمواطنيها، بل العمل المستمر على رفع مستوى القدرة الشرائية لهم. صحيح ان من واجب الافراد العمل من اجل تحسين مستوى دخلهم عن طريق نشاطهم الاقتصادي، لكن هذا لا يعفي الحكومة من التزامها ازاءهم في هذا المجال.

وواضح من التعريف السابق ان مسؤولية الحكومة تتجلى في ثلاثة امور اساسية هي: تحسين الاجور، مراقبة الاسعار، مكافحة التضخم. وفي بلد كالعراق، حيث الظروف الاقتصادية ذات الخصوصية، تتأكد وظيفة الدولة في القيام بالنقاط المذكورة انفا. وقد عملتُ فور تسلمي ادارة شبكة الاعلام على تحسين اجور العاملين، ووضع سلم رواتب جديد يسهم في تحقيق الرفاهية لهم. وقد تعاون معنا رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي في هذا الصدد. وحاول رئيس الوزراء اللاحق حيدر العبادي الغاء هذا الانجاز، لكني تصديت له بعزم، ومنعت المساس برواتب العاملين.

اليوم تفاقمت معاناة شريحة كبيرة من المواطنين، من الفقراء المعدمين وذوي الدخل المحدود. وذلك بسبب سياسات الحكومة الحالية التي لا تضع حماية قدرة المواطنين على العيش في صدر اهتماماتها. واليوم يعاني الفقراء من ارتفاع الاسعار وانخفاض القيمة الفعلية للدينار.

هناك الكثير مما يمكن ان تقوم به حكومة صالحة في هذا المجال. وانا حين اقدم مقترحات فانا لا اقصد مخاطبة الحكومة الراهنة، وانما اضعها بيد المواطنين ليضغطوا على الحكومات القادمة لتحققها لهم. وانا في هذه المقترحات لا اعطي اهمية لمقترحات البنك الدولي التي لا تاخذ بنظر الاعتبار معاناة الفقراء. وقد قدمنا، الدكتور نبيل المرسومي وانا، حزمة مقترحات في هذا المجال منها:

١. العمل على توفير فرص عمل انتاجية وليست مكتبية للشباب العاطلين وذلك عن طريق اطلاق مشاريع انتاج الطعام وتربية الحيوانات والصناعات المرتبطة بها (الالبان والتعليب وغيرها). يشتغل الشباب العاطلون عن العمل والموظفون الحكوميون الفائضون في هذه المشاريع.

٢. تأسيس صندوق استثماري يختار مجموعة من المشاريع الاستراتيجية موزعة على كل المحافظات العراقية لغرض المساهمة في تنويع الاقتصاد وتوفير فرص العمل للعاطلين.

٣. شراء (استيراد) السلع الغذائية (مثل الرز والحنطة والحبوب وغيرها) بكميات تفي بالحاجة.

٤. تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين وخاصة ذوي الدخل المحدود او الفقراء وذلك عبر الخطوات التالية: (أ) توسيع شبكة الحماية الاجتماعية او زيادة المبالغ المخصصة لمستحقيها، (ب) تحسين رواتب صغار الموظفين والمتقاعدين.

٥. مراقبة الاسواق ومنع التجار من استغلال الوضع الراهن لزيادة الاسعار او احتكار السلع الغذائية.

٦. الغاء الرسوم الكمركية على استيراد السلع الغذائية الاساسية المستوردة لمدة ٣ سنوات، بما لا يتعارض مع حماية المنتوج المحلي المماثل.

٧. الاسراع في تشريع قانون الموازنة الجديد.

٨. تعزيز البطاقة التموينية من حيث عدد مفرداتها وكميتها ونوعيتها.

يتنارل المواطن عن جزء من حريته وسيادته للدولة/ الحكومة مقابل ان تقدم له الخدمات التي يحتاجها خاصة فيما يتعلق بتحسين مستوى حياته. فاذا عجزت عن ذلك، فقدت الحكومة "شرعية الانجاز"، ولم تعد تستحق البقاء في سدة الحكم. مقالي هذا يستهدف توعية الافراد على حقوقهم، وتشجيعهم على المطالبة بهذه الحقوق بالطرق السلمية والقانونية الجائزة.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق