العلاقة بين العامل الداخلي والعامل الخارجي معقدة ومتشابكة الى درجة يصعب معها تحليل الوضع السياسي دون اخذ هذا التشابك بنظر الاعتبار. وفي احيان كثيرة او قليلة تكون العلاقة بين أطراف العامل الداخلي انعكاساً للعلاقة بين أطراف العامل الخارجي، وكأن الاولى صدى محليا للثانية، هذا هو من اسباب وصول المشهد السياسي الى الطريق المسدود...

قد لا يختلف اثنان من المراقبين المحايدين للمشهد السياسي العراقي في القول ان هناك نوعين من القوى المؤثرة في هذا المشهد وهما: القوى الخارجية والقوى الداخلية.

فالواضح لدى كل ذي عين ثاقبة ووعي عميق ان العراق، ومنذ وقت ليس بالقصير، ساحة تنافس بين العديد من القوى الخارجية من دول اقليمية وعالمية، تبعا لاختلاف مصالح هذه الدول في العراق. ويعرف المؤرخون الحاذقون ان الكثير من الاحداث التي شهدها العراق على الاقل في القرن الماضي والحاضر انما كانت بفعل هذه القوى الخارجية او تلك. ومن سوء حظ العراق ان تختلف هذه القوى فيما بينها، ومن حسن حظه ان تتفق. والقارئ المتابع يعرف اسماء هذه القوى الخارجية فلا داعي لذكرها في هذا المقال.

وفي داخل العراق نشأت منذ ظهور العراق بحدوده الحالية قوى واحزاب داخلية باسماء شتى ومذاهب متعددة، تراوحت من اقصى اليسار ممثلا في الحزب الشيوعي الى اقصى اليمين ممثلا في داعش. وبينهما قائمة طويلة من الاسماء السياسية. وهذه القوى ليست على وفاق فيما بينها، بل هي مختلفة ربما على كل شيء، وعلى رأس هذه الاشياء السلطة وما تعد به من مال ونفوذ ومكانة ودور.

والعلاقة بين العامل الداخلي والعامل الخارجي معقدة ومتشابكة الى درجة يصعب معها تحليل الوضع السياسي دون اخذ هذا التشابك بنظر الاعتبار. وفي احيان كثيرة او قليلة تكون العلاقة بين اطراف العامل الداخلي انعكاساً للعلاقة بين اطراف العامل الخارجي، وكأن الاولى صدى محليا للثانية.

هذا هو من اسباب وصول المشهد السياسي الى الطريق المسدود. فلا الاطراف الدولية متفاهمة فيما بينها فيما يخص الملف العراق، ولا الاطراف الداخلية متفاهمة فيما بينها بخصوص تشكيل الحكومة. وقد وقع العراق في نفس الحفرة التي وقع فيها لبنان من قبل، واعني بها الطائفية السياسية او المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية. وهي طريقة لتقاسم السلطة قد تنجح لامد محدود لكنها ماتلبث ان تصل الى نهاية الطريق حيث الانسداد السياسي هو الحاكم المتسيد.

وازاء هذا الوضع، فكرتُ في احتمالات المستقبل المنظور، وتوصلت الى اننا امام الاحتمالات التالية:

اولا، (اللاحل) اي ان يبقى الوضع على حاله وتستمر الحكومة المستقيلة بادارة البلاد. وهذا الاحتمال يحمل في طياته اسوأ الاحتمالات فيما يتعلق بمصلحة الناس. وهناك احتمال ان يكون الاطراف المعنيون راضين عن هذا الخيار فلا يبالون كثيرا ان طالت مدته خاصة وان الشعب فقد القدرة الذاتية على التحرك وتغيير الاوضاع.

ثانيا، (تسوية سياسية) وتعني ان يتوصل الطرفان المتنافسان، اعني التيار والاطار، الى اتفاق تسوية. وهذه تتطلب ان يقدم الجانبان تنازلات متبادلة، وان يتخلى كل طرف عن الرغبة بالغاء الاخر، وتنحية الخلافات الشخصية جانبا.

ثالثا، (حكومة التيار) اي ان ينجح التيار بتشكيل الحكومة حسب رؤيته التي طرحها وهي حكومة الاغلبية الوطنية. وللان لا يبدو التيار قادرا على ذلك ما لم يعبر استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية الذي يتطلب اغلبية الثلثين.

رابعا، (حكومة الاطار) وهذا يعني ان ينجح الاطار بتشكيل الحكومة حسب رؤيته، اي الحكومة التوافقية، ولا يبدو انه قادر على ذلك.

خامسا، (حكومة المستقلين)، وذلك بان يشكل المستقلون حكومة توافق عليها الاطراف الاخرى، وقد المح الطرفان كل بطريقته الى هذا الخيار، لكنه لا يبدو واقعيا.

سادسا، (الصدام) وذلك بان يحصل الصدام المسلح بين التيار والاطار لا سمح الله.

سابعا، (حل البرلمان) وذلك بان يحل البرلمان نفسه حسب المادة ٦٤ من الدستور.

ثامنا، (المفاجأة) وذلك بان يحصل تطور خارج هذه الاحتمالات: ثورة شعبية، انقلاب عسكري، تدخل اجنبي الخ.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق