سيتساءل الكثير منكم من هو توماس اوستن الذي أذكره في عنوان مقالتي، هل هو توماس اوستن لاعب الكريكت النيوزلندي الشهير أو توماس اوستن القاضي والمحامي الأميركي المعروف، لكنني لا أقصد هذا ولا ذاك، إنني أقصد توماس اوستن المستوطن الانكليزي الرجل الذي تلاعب بالنظام البيئي وكاد أن يدمر دولة استراليا...

سيتساءل الكثير منكم من هو توماس اوستن الذي أذكره في عنوان مقالتي، هل هو توماس اوستن لاعب الكريكت النيوزلندي الشهير أو توماس اوستن القاضي والمحامي الأميركي المعروف.

لكنني لا أقصد هذا ولا ذاك، إنني أقصد توماس اوستن المستوطن الانكليزي الرجل الذي تلاعب بالنظام البيئي وكاد أن يدمر دولة استراليا بقصد او بدون قصد عن طريق ادخال أرانب برية الى استراليا خلال العام 1859، استورد توماس أوستن 24 أرنبا بريا من إنكلترا قبل أن يقدم على إطلاق سراحها في الغابة في سعي منه لتشجيع رياضة الصيد التي كانت منتشرة بموطنه الأم.

وبادئ الأمر، تكاثرت هذه الأرانب بشكل بطيء حيث حافظت الحيوانات المفترسة على نوع من التوازن بالمنطقة، لكن مع تراجع أعداد الأخيرة منتصف ستينيات القرن التاسع عشر سجّلت أعداد الأرانب ارتفاعا مذهلا.

وبعد مضي أقل من 70 سنة على إطلاق سراح 24 أرنبا من قبل توماس أوستن، تجاوز عدد الأرانب بأستراليا خلال عشرينيات القرن العشرين 10 مليارات، وعلى حسب العديد من التقارير كانت الأنثى الواحدة قادرة على إنجاب ما بين 18 و30 أرنبا بالعام الواحد، فضلا عن ذلك هاجرت هذه الأرانب لتنتشر بمختلف أرجاء أستراليا.

وكانت النتيجة سيئة للغاية. فقد أحدثت الأرانب أضراراً بالغة بتلك البلاد، حيث قضت على الحشائش والمراعي التي ترعاها الأغنام. وقد بذلت محاولات عديدة للسيطرة على الأرانب، وبنيت أسوار عبر القارة في كوينزلاند بلغ امتدادها 7000 ميل ومع ذلك ثبت عدم فائدتها. فقد استطاعت الأرانب أن تتخطاها.

ثم استخدم نوع من الطعم السام ولكن هذه المحاولة باءت هي الأخرى بالفشل، ولم يمكن الوصول إلى حل إلا في السنوات الأخيرة، وكان ذلك باستخدام فيروس خاص يسبب مرضاً قاتلاً لهذه الأرانب هو مرض الاورام المخاطية.

الأمنيات شيءٌ والواقع شيءٌ آخر

هذا هو توماس اوستن الذي اقصده ربما كان قصده بطيب نية أن ينقل تجربة أو رياضة صيد الأرانب الى أستراليا، لكنه كاد أن يتسبب بتدمير قارة أستراليا لولا اللطف الألهي.

رحيل توماس اوستن ولكن بقيت افكاره

رحل توماس اوستن قبل أكثر من مئة وخمسين عاما لكن بقيت أفكاره وأعماله باقية إلى ابد الدهر. فقد استنسخ السياسيون العراقيون بعد عام 2003 تجربة توماس اوستن في حكمهم للبلاد عن طريق إدخال أعداء العراق إلى الداخل بحجة تحرير ومساعدة العراق وشعبه من نظام ديكتاتوري.

لكن في الواقع كان عكس ذلك تماما فقد ادخلوا المحتل في سبيل الحصول على الحكم والمناصب والمغانم، غير مكترثين لبلد اسمه العراق حكمهم استمر قرابة العقدين ودمروا بلد عمره مئات الاف من السنين وأنا لا أتحدث عن فسادهم أو خياناتهم فقط، بل اتحدث عن أزمات قد تعصف في العراق مثل أزمة المياه والتصحر وغيرها من أزمات لا تسعني ذاكرتي السمكية أن أذكرهن.

لا توجد أحزاب في العراق

أنا وجميع الشعب العراقي متأكدون تماما أنه لا يوجد في العراق شيء أسمه أحزاب سياسية كلها دكاكين لمصالح شخصية وفئوية ولا يستطيعون أدارة دولة بحجم العراق. وحتى الأحزاب الجديدة التي تلبس ثوب العلمانية والمدنية هي في الحقيقة مدعومة من إحزاب اسلامية مشاركة في الحكم، ولكن بسبب خسارة هذه الاحزاب في الحصول على مقاعد في الانتخابات وسئم الشعب العراقي منهم قرروا دعم وأنشاء أحزاب جديدة تارة تحت اسم العلمانية وتارة اخرى تحت اسم ثورة تشرين.

نحتاج لقيادة جديدة

نعم نحتاج لقيادة جديدة تقود البلاد إلى بر الأمان قيادة من الشباب همها الوطن، قيادة ليس لديها اي ميول طائفية أو قبلية أو أحزاب أكل عليها الدهر قيادة من الشباب الحريص على العراق قيادة حقيقية تؤمن بالهوية العراقية، قيادة جديدة تهتف (بروح بدم نفديك ياعراق)، وليس قيادة تهتف (بروح بدم نفديك يا زعيم). اذا كانت استراليا قد صمدت لمدة تسعين عاما حتى تخلصت من أرانب توماس اوستن. فلا أظن أن العراق سيصمد لنصف المدة في ظل الأزمات التي تحيط به.

.............................................................................................
* الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق