تتأسَّس الديمقراطيات بالدرجة الأساس على محور التنافس على تشكيل الحكومة بين الأحزاب التي تحتاج إلى المال لتمويل نشاطاتها، والتواصل مع جمهورها، لكن لهذا المال، خطورة، اذا أصبح غاية، لا وسيلة، وقد يؤدي إلى محاباة السياسيين والأحزاب إلى الجهات المانحة، مثل الشركات الكبرى، وأصحاب رؤوس الأموال، بل يتحول إلى واسطة لشراء أصوات الناخبين...
تتأسَّس الديمقراطيات بالدرجة الأساس على محور التنافس على تشكيل الحكومة بين الأحزاب التي تحتاج إلى المال لتمويل نشاطاتها، والتواصل مع جمهورها، لكن لهذا المال، خطورة، اذا أصبح غاية، لا وسيلة، وقد يؤدي إلى محاباة السياسيين والأحزاب إلى الجهات المانحة، مثل الشركات الكبرى، وأصحاب رؤوس الأموال، بل يتحول إلى واسطة لشراء أصوات الناخبين، وفي الدول الضعيفة، فان ذلك قد يؤدي إلى تبعية للتمويل الخارجي.
من أكبر التهديدات للديمقراطية، هي تلك الأموال التي تتدفق على الشخصيات السياسية والأحزاب، بصورة منفلتة لا تخضع لإدارة الدولة ورقابتها، والتي يمكنها قلْب نتائج الانتخابات، وفي تقرير فريدوم هاوس، يظهر جلياً أنَّ الموارد الإدارية أثناء العملية الانتخابية أحد أهم التحديات المتكررة حتى في أوروبا.
وفي دول العالم الثالث تبرز خطورة المال السياسي على تشكيل الخرائط السياسية والحكومات، اذ يسود في الغالب الافتقار إلى المعلومات بشأن مقدار الأموال المتداولة في الانتخابات، وتنعدم الاحصائيات عن طرق وأهداف الانفاق، وهو أمر يقوض ثقة المواطنين في المؤسسات السياسية، ويفسح المجال لانتهاك موارد الدولة، وقبول الاختراق الخارجي للانتخابات، ويحوّل السياسيين المُمَوَّلين إلى أصحاب رؤوس أموال طائلة.
في بعض الدول، يهيمن الحزب الحاكم على موارد الدولة ويستغلها لأجل الترويج لبرامجه، مقوضاً من تكافؤ الفرص، ومانحاً مميزات انتخابية غير عادلة للمرشحين، وعلى صلة بذلك، فان قرار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بعدم المشاركة في انتخابات 2021، يقطع دابر الشك في تأثير المال الحكومي.
في دول كثيرة، فانّ أحزاباً، تقود الوزارات، تستخدم موارد هذه المؤسسات الحكومية لأجل تمويل نفسها واغراء أنصارها، وهو أمر يستنزف الأموال المحدودة المتاحة للتنمية أو البنية التحتية أو مشاريع الرعاية الاجتماعية.
ويشمل ذلك المسؤولين الحكوميين الذين يعدون القطاع الخاص بمشاريع وعقود، في حال الفوز بالانتخابات، يمكن تصوّر امتيازات السياسيين في بلدان العالم العريقة ديمقراطياً، من حيث أنها مقيّدة، وقد ترك الكثير منهم المسؤوليات، وهم في وضع مالي لم يتبدل بشكل انقلابي، ولم تسجل عليهم فعاليات تمويل مشبوهة من الخارج أو من الشركات الكبرى، ومن ذلك أنَّ 44 رئيسا أميركياً، من خلفيات فقيرة، لم يصبحوا أغنياء.
باراك أوباما ولد في أسرة من الطبقة الوسطى، وبقي كذلك، أفلست أسرة ريتشارد نيكسون وعاشت في شقة مستأجرة، وكان لدى الأسرة ما يكفي من المال لشراء محل بقالة، تشرشل، كانت لديه مهنة عسكرية، ولم تظهر عليه علامات ثراء مفاجئة جراء تمويل حزبه.
وفي العراق، عدّت مفوضية الانتخابات، في (9 آب 2021)، التمويل الخارجي للأحزاب، خطاً أحمر، بينما تُرصد امتيازات هائلة لبعض النخب السياسية، جعلها تقفز من خط الفقر إلى الثراء الفاحش.
اضف تعليق