احوال الحوثيين بعد الاتفاق النووي تغيرت كثيرا... المكاسب الميدانية تحولت الى جمود او خسارة لمناطق كانوا قد سيطروا عليها في وقت مبكر ومن دون مقاومة تذكر، بعد انهيار المفاوضات والحلول السياسية، وهروب الرئيس "هادي"، ومعظم كابنته الحكومية الى المملكة العربية السعودية... وربما تكون "عدن"، هدف "التحالف العربي" الذي قادته السعودية، مثالا على ذلك... واذا تم التقليل من السيطرة على عليها، فلا يمكن التقليل من اهمية سيطرة المسلحين الموالين لحكومة "هادي" على قادة "العند" الاستراتيجية مؤخرا... لكن اليس الامر غريبا؟ وهل لذلك علاقة بالمفاوضات النووية الناجحة مع ايران؟
قد يحيلك ربط الاشياء... بعضها بالبعض الاخر، الى نظريات المؤامرة، وما اكثر فرضياتها في الشرق الاوسط عموما، والعالم العربي على وجه الخصوص... ولكي نبتعد عن هذه النظريات والحكايات، يمكن ان نضع بعض الخطوط الرئيسية التي درج ذكرها منذ بداية الازمة في اليمن، كسياق لأبرز المراحل التي مرت بها، وتحول بعضها الى مسلمات مع الوقت، خصوصا من الناحية الاعلامية، (قد يكون بعضها صحيح والقسم الاخر مبالغ فيه)، التي دأبت الاطراف المتصارعة على استخدامها كجزء من التنافس والهيمنة في المنطقة، والتي قد تعطي صورة اوضح... ومنها:
- غالبا ما يشار الى حركة انصار الله (الحوثيين)، على انهم جزء من "اليد" الايرانية التي امتدت الى منطقة الخليج، وانهم يتلقون الدعم السياسي والمالي والعسكري من ايران.
- الولايات المتحدة الامريكية، اصرت على اقناع دول الخليج بالموافقة على الاتفاق النووي مع ايران وانه، "بمجرد تطبيق الاتفاق بالكامل فإنه سيسهم في أمن المنطقة"، كما صرح وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، في اخر لقاء عقدة مع نظراؤه في دول الخليج.
- السعودية لم تحرز اي انتصارات حقيقية، قبل الاتفاق، بل جاءت معظم المكاسب الميدانية مباشرة بعد الاتفاق النووي، بشكل سريع... يشبه قرار اعلان الحرب ضد اليمن.
- لم تنجح الوساطات الخليجية والدولية في تقريب وجهات النظر... بل ظلت الورقة اليمنية ضاغطة حتى اللحظات الاخيرة... وفشلت "الهدنة الانسانية" التي سعت اليها الامم المتحدة، في ذات الساعة التي انطلقت منها، بالرغم من تسخير كافة امكاناتها الدبلوماسية والدولية في سبيل انجاحها.
امن منطقة الخليج، امر تحدث عنه الرئيس الامريكي ووزير خارجيته كثيرا... واعتبر نجاح الاتفاق النووي مع ايران، جزء من هذا الامن... بعض دول الخليج لم يكن لديها مانع من تمشية الاتفاق والتعامل مع ايران، في حين وافقت دول اخرى على تمرير الاتفاق على مضض، وتركت امر تطبيقه منوطا بالولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الاوربي، بالمقابل... ستسرع الولايات المتحدة الامريكية شحنات الاسلحة "النوعية" لتعزيز امن الخليج... وستكافح اي محاولة "لزعزعة امن الخليج".
الامر... ربما اشبه بالأحجية، لكن اغلب اطرافها بانت مع الزمن، ولم يكن بد من وضع الحجر الاخير لتكتمل الصورة... ربما كانت تفاهمات النووي بين ايران والولايات المتحدة، هي من افضى الى نتيجة اليمن اليوم، بعكس ما يحدث في سوريا، لان امن الخليج "مقدم" على كل اعتبار بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية... وفي حال صدق هذا التوقع... فهل سينعكس على مستقبل المنطقة في قادم الايام؟.
اضف تعليق