قرارات المحكمة الإِتِّحاديَّة الأَخيرة، فحتَّى إِذا اتَّفقنا جدلاً بأَنَّها مُسيَّسة فهي ليست لحِرمان المُكوِّن الكُردي من حُصصهِ السياديَّة في بغداد، وإِنَّما للضَّغطِ على أَربيل من أَجلِ إِبعادِها عن التَّحالف الثُّلاثي الذي جمعَ الفائزينَ الأَوائل في المُكوِّنات الثَّلاثة ودفعها للتَّقاربِ مع الإِطار وتحديداً مع زعيم دَولة القانون...
السُّؤال؛ هل سيخسر الكُرد مكاسِبَ حصلُوا عليها بالدَّم وقدَّمُوا تضحيات كبيرة خلالَ سنواتٍ لأَجلِ منصبٍ تشريفيٍّ هو رِئاسةِ الجمهوريَّة؟!.
أُولى الخسائِر كانت قرار المحكمَة الإِتِّحاديَّة بعدمِ دستوريَّة قانُون النَّفط والغاز الذي شرَّعهُ برلمان الإِقليم عام ٢٠٠٧؟!.
الجواب؛ لقد جرَت العادة حسبَ المُحاصصات والتَّوافُقات السياسيَّة بينَ الكُتل السياسيَّة للمُكوِّنات الثَّلاث [الشيعيَّة والسنيَّة والكُرديَّة] أَن تكونَ رِئاسة الجمهوريَّة للمُكوِّن الكُردي.
كما جرت العادة حسبَ المُحاصصات والتَّوافقات الحزبيَّة في المُكوِّن الكُردي أَن تكون هذهِ الحُصَّة من نصيبِ الإِتِّحاد الوطني الكُردستاني شريطةَ التَّوافُق على المُرشَّح بين الحِزبَينِ الكُرديَّينِ الرَّئيسيَّينِ، الحزب الدِّيمقراطي الكُردستاني والإِتِّحاد الوطني الكُردستاني.
ولقد ظلَّ هذا التَّوافق معمُولٌ بهِ حتَّى العام ٢٠١٨ عندما لم يتوافَق الحِزبان على مُرشَّحٍ واحدٍ لرئاسةِ الجمهوريَّة، فتقدَّمت أَربيل بمُرشَّحٍ والسُّليمانيَّة بمُرشَّحٍ آخر، فانتخبَ مجلس النوَّاب مُرشَّح السُّليمانيَّة، الرَّئيس الحالي، لرِئاسةِ الجمهوريَّة.
ومنذُ ذلكَ الوقت إِعتبرت أَربيل أَنَّ التَّوافُق الكُردي إِنتهى ولم يعُد لهُ وجودٌ.
ولقد إِنعكسَ ذلك على الوضعِ في الإِقليمِ على مُختلفِ المُستوياتِ حتَّى انقسمَ الإِقليمُ إِلى إِدارتَينِ.
حتَّى وصلَ الأَمرُ اليَوم بينَ الحِزبَين إِلى نِهايتهِ بإِصرارِ كِلاهُما على مُرشَّحهِ وعدَم التوصُّل إِلى توافُقٍ من نوعٍ ما بينهُما للذِّهابِ إِلى بغداد بمُرشَّحٍ واحدٍ.
ولقد حاولَ الحِزب الدِّيمُقراطي الكُردستاني منذُ البِداية أَن يعتمِدَ معَ الإِتِّحاد الوطني الكُردستاني على مُرشَّحٍ توافُقيٍّ بعدَ أَن أَصرَّ على رفضِ ترشيحِ الرَّئيس الحالي لوِلايةٍ ثانِيةٍ.
تصلُّب السُّليمانيَّة وإِصرارها على مُرشَّحِها الرَّسمي الوحيد، مدعُومٌ بتأييدِ طهران، هو الآن سبب الإِنسدادِ السِّياسي، والذي يُنذِرُ بمخاطِرَ جمَّة.
بناءً على كلِّ ذلكَ، فمهما كانت نتائج المُفاوضات بين أَربيل والسُّليمانيَّة، فإِنَّ رِئاسة الجمهوريَّة لا تخرُج عن حُصَّة المُكوِّن الكُردي، فهذا أَمرٌ مفرُوغٌ منهُ، إِنَّما السُّؤَال هوَ؛ مَن سيكونُ الرَّئيس القادِم؟! مِن الإِتِّحاد كما جرت عليها عادة التَّوافُقات الحزبيَّة؟! ومَن هُوَ؟! المُرشَّح الرَّسمي أَم مُرشَّحٌ ترافُقِيٌّ؟! أَم مِن الدِّيمُقراطي ليُنهي بذلكَ هَيمنة السُّليمانيَّة على هذا المَوقع؟!
أَمَّا قرارات المحكمة الإِتِّحاديَّة الأَخيرة، فحتَّى إِذا اتَّفقنا جدلاً بأَنَّها مُسيَّسة فهي ليست لحِرمان المُكوِّن الكُردي من حُصصهِ السياديَّة في بغداد، وإِنَّما للضَّغطِ على أَربيل من أَجلِ إِبعادِها عن التَّحالف الثُّلاثي الذي جمعَ الفائزينَ الأَوائل في المُكوِّنات الثَّلاثة [الصَّدر والحلبوسي والبارزاني] ودفعها للتَّقاربِ مع الإِطار وتحديداً مع زعيم دَولة القانون.
وهذا أَمرٌ لا يحصل باعتقادي لأَسبابٍ عدَّة أَهمَّها؛ أَنَّ أَربيل لا تثق بوعودِ المالكي جرَّاء تجاربَ كثيرةً امتدت لـ (٨) سنوات لم يلتزم خلالها بتنفيذِ أَيِّ إِتِّفاقٍ ومن أَيِّ نَوعٍ كان، وهو المعرُوفُ عنهُ أَنَّهُ كذبَ على المرجعِ الأَعلى فأَغلقَ بابهُ بوجههِ، كما أَنَّ عدداً من قادةِ الإِطار مطلوبُونَ للقضاءِ في أَربيل بتُهمٍ إِرهابيَّة، تتعلَّق بوقوفهِم وراءَ تنقيذ عددٍ من الهجَمات الإِرهابيَّة على أَربيل بالطَّائرات المُسيَّرة والقذائِف والصَّواريخ، وهؤُلاء مازالُوا يُهدِّدون ويتوعَّدون من دونِ ان يتراجعُوا إِعلاميّاً على الأَقل!.
فكيفَ ستتحالف معهُم أَربيل لتشكيلِ الحكومةِ الجديدة؟! خاصَّةً وأَنَّ الحِوار بينَ الصَّدر والإِطار أَصبحَ من الماضي بعدَ أَن وقفَ الأَخير عندَ مُفترقِ طُرُقٍ؛ بينَ أَن يذهبَ إِلى الحنَّانة ناقِصاً المالكي أَو أَن يذهبَ للمُعارضةِ!.
اضف تعليق