يحتل قانون الموازنة لكل عام العمود الفقري للدولة في مجال النفقات والصرف. وعادة تحرص الحكومة على تقديم مشروع قانون الموازنة قبل بدء العام الجديد الى مجلس النواب في وقت مبكر لمناقشته بصورة مستفيضة ثم تشريعه، والتأخر في تشريع قانون الموازنة يسبب ارباكا كبيرا في الدولة...
يحتل قانون الموازنة لكل عام العمود الفقري للدولة في مجال النفقات والصرف. وعادة تحرص الحكومة على تقديم مشروع قانون الموازنة قبل بدء العام الجديد الى مجلس النواب في وقت مبكر لمناقشته بصورة مستفيضة ثم تشريعه.
والتأخر في تشريع قانون الموازنة يسبب ارباكا كبيرا في الدولة ويوقف عمليا عجلة الاقتصاد في البلد بسبب الرابطة القوية بين القانون والاقتصاد.
النائب فالح الساري يدرك اهمية هذا القانون، لكنه يتوقع ان يؤدي تعثر العملية السياسية الى التأخر في تشريع قانون الموازنة. ولهذا الغرض اقترح على رئيس مجلس النواب "اصدار قرار تشريعي يلزم الحكومة الحالية بإرسال الموازنة العامة الاتحادية لسنة ٢٠٣٢ الى مجلس النواب".
وتلبية لهذا الاقتراح سارع رئيس المجلس الى توجيه الأمانة العامة لمجلس النواب بمخاطبة الأمانة العامة لمجلس الوزراء لإرسال الموازنة الاتحادية للعام 2022.
ومع الاقرار بأهمية الموضوع الا ان الاقتراح والاستجابة تشوبهما بعض الاشكالات الدستورية كما يلي:
اولا، لا يوجد شيء في اختصاصات مجلس النواب شيء اسمه "قرار تشريعي ملزم". ولغرض التأكد من ذلك راجعت المادتين ٦١ و ٦٢ من الدستور اللتين تحددان اختصاصات وصلاحيات واعمال مجلس النواب فوجدت ما يلي (مختصرا): تشريع القوانين الاتحادية، الرقابة على اداء السلطة التنفيذية، انتخاب رئيس الجمهورية، تنظيم عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية، الموافقة على تعيين رئيس واعضاء محكمة التمييز الاتحادية، ورئيس الادعاء العام، ورئيسها هيئة الاشراف القضائي، بالاغلبية المطلقة، والسفراء واصحاب الدرجات الخاصة، ورئيس اركان الجيش، ومعاونيه، ومن هم بمنصب قائد فرقة فما فوق، ورئيس جهاز المخابرات، ومساءلة رئيس الجمهورية، اعفاء رئيس الجمهورية، مساءلة رئيس مجلس الوزراء والوزراء، طرح موضوع عام للمناقشة، استجوابٍ رئيس مجلس الوزراء او الوزراء، سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء او احد الوزراء، استجواب مسؤولي الهيئات المستقلة، الموافقة على اعلان الحرب وحالة الطوارئ، اجراء المناقلة بين أبواب وفصول الموازنة العامة، وتخفيض مجمل مبالغها، واقتراح زيادة اجمالي مبالغ النفقات. انتهت المادتان باختصار.
ويتضح من هذا ان اقتراح السيد النائب باطل شكلا وموضوعاً لان طلب ان يقوم مجلس النواب باصدار قرار تشريعي ملزم ليس من اختصاصه او صلاحياته او سلطته.
ثانيا، ثم راجعت الوضع الدستوري للحكومة الحالية فوجدت انها حكومة تصريف اعمال حسب المادة ٦٤ /ثانياً من الدستور التي تقول: "يدعو رئيس الجمهورية، عند حل مجلس النواب، الى انتخاباتٍ عامة في البلاد خلال مدةٍ اقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل، ويعد مجلس الوزراء في هذه الحالة مُستقيلاً، ويواصل تصريف الامور اليومية".
وعليه فان الحكومة الحالية مستقيلة ولا تتمتع بصلاحيات وسلطات اكثر من "تصريف الامور اليومية". وهذه لا تتضمن تقديم مشاريع قوانين الى مجلس النواب.
ثالثا، وبناء على ما تقدم، فان تهميش رئيس مجلس النواب على مقترح النائب: "البرلمانية لاجراء اللازم. مفاتحة مجلس الوزراء"، غير سليم دستوريا. وكان الاولى به رد مقترح النائب بتهميش يقول: "مخالف للصلاحيات الدستورية"، ومن ثم انتظار تشكيل الحكومة الجديدة لغرض اعداد مشروع قانون الموازنة العامة للعام الحالي.
قد اكون مخطئا في هذا واعتذر من الرجلين. ولكن في حال كوني مصيبا، فان تصرفات كل من رئيس البرلمان والنائب مخالفة للدستور. والمخالفة تعني ان الرجلين لا يتمتعان بثقافة دستورية كافية، او انهما يتعمدان مخالفة الدستور وانتهاك احكامه. الحالة الاولى تعني انهما غير مؤهلين للموقعين اللذين يشغلانهما في الدولة، وفي الحالة الثانية تعني انهما نكثا اليمين الدستوري.
اضف تعليق